وقعت جمهورية مصر العربية علي اتفاقيات منظمة التجارة العالمية خلال فترة السبعينيات من القرن الماضي، ومنذ توقيع جمهورية مصر العربية علي هذه الاتفاقيات فإنها التزمت وتعهدت بإجراء إصلاحات اقتصادية حتي يتمكن الاقتصاد المصري من أن يرتقي إلي مصاف اقتصاديات دول العالم المتقدم بحيث يمكنها تطبيق اقتصاديات السوق التي تسمح بتداول السلع والخدمات دون أدني قيود، وبما يمكن من تحقيق المنافسة الكاملة بين كافة المشروعات، ويقضي علي الاحتكار، وهذا يحقق للمستهلك أفضل السلع والخدمات بأقل الأسعار، أي أنه في النهاية ستعود بالفائدة علي المستهلكين. ومنذ التوقيع علي اتفاقيات منظمة التجارة العالمية وحتي قبل تولي سيادتكم الرئاسة فإن كل الحكومات المتعاقبة رفضت إجراء الإصلاحات الاقتصادية التي التزمت وتعهدت جمهورية مصر العربية بها خوفا من الغضب الشعبي مما أدي إلي تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد إلي الحد الذي أصبح لا يمكن التأجيل في إجراء هذه الإصلاحات الاقتصادية. وإلي الذين يرددون لماذا وقعنا علي هذه الاتفاقيات طالما أنها تفرض علينا التزامات وتعهدات قاسية، أقول لهم إنه لم يكن أمام القيادة السياسية في ذلك الوقت غير أحد احتمالين إما أن نرفض التوقيع علي هذه الاتفاقيات ويترتب علي ذلك فرض حصار اقتصادي علينا، بموجبه لا تدخل أية سلعة أو خدمة إلي داخل البلاد، كما لا تخرج أية سلعة أو خدمة إلي الخارج، ونحن شعب نعتمد في غذائنا وعلاجنا علي الخارج، إذا فالنتيجة هلاك لهذا الشعب، وإما أن نوقع علي هذه الاتفاقيات وتبقي أمامنا فرصة لإعادة تصحيح الأوضاع، وبالتالي فإن قانون الخدمة المدنية الذي صدر في عهدكم كان إحدي خطوات تصحيح الأوضاع. سيادة الرئيس.... لقد قبلتم أن تدفعوا فواتير من سبقوكم من أجل أن تحافظوا علي هذا الوطن، وترتقوا به إلي مصاف دول العالم المتقدم. فلقد قبلتم أن تتحملوا مسئولية تصحيح الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي خلفتها عشرات السنين، وأن تتحملوا مواجهة المشاكل المترتبة علي هذه الأوضاع، والسعي نحو إيجاد الحلول الجذرية لها مضحين بكل شيء من أجل إنقاذ وطن تعرض للانهيار الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. سيادة الرئيس... إن كل ما اتخذتموه من قرارات اقتصادية، وما أصدرتموه من قوانين، منذ أول يوم توليتم فيه الحكم منذ أربع سنوات وحتي الآن، كان يجب أن يُبدأ فيها منذ فترة السبعينيات من القرن الماضي، منذ أن وقعت جمهورية مصر العربية علي اتفاقيات منظمة التجارة العالمية، ولو تم البدء في تنفيذ هذه التعهدات والالتزامات لكان الوضع أفضل الآن، ولكن تأجيل التنفيذ طوال تلك الفترة أدي إلي استفحال الأمر مما تطلب اتخاذ إجراءات اقتصادية أشد مما كان يمكن اتخاذه في الماضي. سيادة الرئيس... أتمني من سيادتكم، بل أرجوكم أن تستمروا في إجراء الإصلاحات الاقتصادية التي بدأتموها، فإن التراجع عنها ستكون أضراره أسوأ بكثير من الاستمرار فيها، وسيعيد البلاد إلي الوراء عشرات السنين، أدعو الله »عز وجل» أن يمنحكم الصبر علي ما تواجهونه من شدائد، وأن يوفقكم في كل خطواتكم وألا تلتفتوا إلي المغرضين والحاقدين لأن هناك من يتربص لكل صغيرة وكبيرة، ويقلب الحقائق ويشكك في النتائج. • استاذ بتجارة عين شمس