إذا لم يكن ما حدث في بريطانيا من أعمال شغب وعنف وتخريب وسرقة قد وقع بالفعل وكان العالم شاهداً عليه ما كان أحد يمكن أن يصدق وقوعه وبهذه الصورة في أقدم ديمقراطيات العالم!! المثير في الموضوع ان ديفيد كاميرون زعيم حزب المحافظين البريطاني ورئيس الوزراء الحالي كان يُمنّي الشعب البريطاني بحياة رغدة وآمنة ولكنه ومنذ ان تولي الحكم كانت بريطانيا مسرحا للمظاهرات وأعمال العنف من جانب فئات كثيرة من الشعب. كانت البداية ثورة وغضب الطلاب في جميع مراحل الدراسة نتيجة رفع الرسوم والمصاريف بنسبة 001٪. وقد علل كاميرون الإجراءات الاقتصادية التي اتخذها بأنها ضرورية وحتمية لإنقاذ الاقتصاد البريطاني من حالة التردي الذي كان قد وصل إليه خلال سنوات حكم حزب العمال. وتشير الأحداث ان ما تعرضت له بعض أحياء العاصمة لندن وبعض المدن البريطانية من أعمال عنف وتخريب ونهب تعد الأخطر في التاريخ البريطاني. قد أدي إلي إصدار التعليمات إلي الشرطة البريطانية وغير المسلحة في العادة إلي استخدام وسائل ما كانت تستخدمها من قبل لردع المتظاهرين والفوضويين والذين كان معظمهم من المراهقين. شملت هذه الوسائل خراطيم المياه والرصاص البلاستيك!! ويعد اللجوء إلي هذه الوسائل دليلا علي خطورة الأحداث التي هزت أركان الدولة البريطانية.. ويُرجح المراقبون تصاعد هذه الأحداث وتطورها إلي الحالة المعيشية الصعبة وارتفاع معدلات البطالة. ولأول مرة تسود حالة من الخوف كل أحياء لندن نتيجة أعمال الترويع التي تعرض لها السكان الذين تعرضت بيوتهم ومنشآتهم للهجمات من جانب المتظاهرين. هذا الشعور كان دافعا لكاميرون إلي الدعوة إلي اجتماع أزمة لمجلس الوزراء. كما استدعي مجلس العموم من اجازته لمتابعة الموقف. أعلن بعدم القبول بأن تسود ثقافة الخوف شوارع المدن البريطانية. وقال: إنه من الواضح أن ما يحدث هو من عمل العصابات والتي لم تلق خطورتها الاهتمام اللازم. لقد بلغ عدد المعتقلين حتي الآن ما يقرب من 0051 شخص.. قال رئيس الوزراء البريطاني أن حجج حزب انتهاك حقوق الإنسان لن تمنعه من توقيف أي مشبوهين يكونون قد اشتركوا في هذه الأعمال الإجرامية. وأمام الأخطار التي تعرض لها سكان أحياء لندن والمدن البريطانية وعملا بالقول »إن مافيش حد أحسن من حد« مقارنة بما حدث في مصر ابان المظاهرات وانتشار أعمال الفوضي فقد لجأ هؤلاء السكان إلي تشكيل لجان شعبية علي غرار ما حدث في مصر لحماية مساكنهم وذويهم. من ناحية أخري دخلت المشكلة مجال المزايدات السياسية مع حزب العمال المنافس الذي اتهم حكومة المحافظين بأن سياستها التقشفية هي التي أدت إلي اندلاع أعمال العنف. ورغم الإجراءات الأمنية الشديدة التي اتخذتها حكومة المحافظين لاحتواء الموقف وإعادة الأمن والطمأنينة فإن المراقبين يتوقعون إمكانية تكرار اندلاع المزيد من أعمال الشغب. ويخشي البريطانيون ان يكون لاستمرار هذه الأعمال تأثير سلبي علي موسم السياحة الذي يمثل عاملا مهما في تنشيط الحركة الاقتصادية. ويتحدث المعارضون لحكومة كاميرون عن تحمل الموازنة البريطانية لأعباء المشاركة في الحرب علي ليبيا. في نفس الوقت الذي تعمل فيه علي التوسع في سياسة التقشف وتخفيض فرص التوظيف. وتقول بعض الصحف البريطانية ان من سوء الحظ ان تواجه لندن هذه الأحداث التي لطخت وجهها في العام السابق لاستضافة الأولمبياد. لا جدال ان ما جري في شوارع وأحياء لندن والمدن البريطانية كان بمثابة صدمة شديدة لسكانها وزوارها الذين كانوا يعتقدون انها بعيدة كل البعد عن مثل هذه المشاهد غير العادية بالنسبة لهم. جلال دويدار [email protected]