امتدت أسوأ اضطرابات تشهدها بريطانيا إلي6 مدن, بينما لقي ثلاثة رجال حتفهم بعدما صدمتهم سيارة في خضم أعمال الشغب في مدينة برمنجهام البريطانية. وتكبدت شركات التأمين خسائر ضخمة. وذكرت الشرطة أن جميع الرجال الثلاثة لقوا حتفهم في المستشفي متأثرين بجروحهم الخطيرة. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية بي. بي. سي استنادا إلي شهود عيان أن الرجال الثلاثة كانوا يحاولون حماية مبني سكني من مثيري الشغب. وذكرت تقارير إعلامية أمس أن بريطانيا شهدت اضطرابات لليلة الرابعة علي التوالي, مع اندلاع أعمال شغب في مانشستر وسالفورد وولفرهامبتون ونوتنجهام وليستر وبرمنجهام, وكذلك أعمال نهب وحرق عمد. وتم اعتقال نحو50 شابا في المدينة شمال غرب انجلترا, وألقت الشرطة القبض علي نحو80 شخصا في منطقة برمنجهام بوسط انجلترا, وترددت أنباء كذلك عن وقوع اشتباكات في ولفرهامبتون ووست بروميتش في ميدلاندز, وألقي مثيرو الشغب زجاجات حارقة علي مركز للشرطة في نوتنجهام بوسط انجلترا, وأكد باري مارستون المتحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية أن حكومة بلاده ستتخذ إجراءات قانونية لمحاكمة الأشخاص المتورطين في أعمال الشغب والعنف التي تشهدها البلاد. وقال مارستون في تصريح خاص لقناة الجزيرة الفضائية مساء أمس إن الحكومة البريطانية مستعدة للتعامل مع التحديات التي تواجهها الآن من أعمال شغب وعنف وانتقادات من المعارضة البريطانية, مضيفا اننا لم نسمع شعارات تطالب باسقاط رئيس الوزراء ديفيد كاميرون. وأشار المتحدث إلي أن الشرطة البريطانية اتخذت قرارا بامكانية استخدام وسائل منع المظاهرات عن طريق استخدام مدافع رش المياه أو الرصاص المطاطي, لكنها لا تريد اللجوء إلي تلك الوسائل في الوقت الحالي. وسادت حالة من الهدوء النسبي لندن عقب ثلاث ليال من أعمال النهب والشغب, مما أدي إلي نشر نحو16 ألف شرطي. وقالت شرطة سكوتلانديارد: إنه تم اعتقال658 شخصا في العاصمة, كما تم توجيه اتهامات ل111 شخصا. ومن جانبه حذر ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني من تفشي ثقافة العنف والرعب بين البريطانيين من أحداث الشغب, وقال: إن جميع البدائل والخيارات متاحة, بما فيها الرصاصات المطاطية للشرطة لاستعادة السيطرة علي الأوضاع. وقال كاميرون أمس: إنه أعطي تفويضا مباشرا للشرطة باتخاذ أي إجراءات ضرورية للسيطرة علي الأوضاع في البلاد, وذلك بعد أن رأس الاجتماع الثاني للجنة الطوارئ كوبرا. وقال كاميرون في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع: العنف المستمر هو ببساطة أمر غير مقبول, وسيتوقف ونحن لن نتحمل هذه الأوضاع في بلادنا, ولن نسمح لثقافة الخوف أن توجد من الأساس في شوارعنا. وأضاف: لقد رأينا الأسوأ في بريطانيا, لكنني أؤمن بأننا رأينا بعضا من أفضل ما في شعبنا, وهو ما يتضمن توقيع نحو مليون شخص علي موقع فيسبوك لدعم الشرطة والاشتراك في عمليات تنظيف الشوارع. وأشار إلي أن الشرطة البريطانية ستتابع الصور التي نقلتها كاميرات الشوارع صورة صورة, وسيتم التعرف علي المتورطين من أعمال العنف والسرقة ليتم إلقاء القبض عليهم. واندلعت المظاهرات العنيفة وأعمال الشغب السبت الماضي في توتنهام شمال لندن, عقب مقتل شخص يشتبه في ارتكابه جرائم يدعي مارك دوجان برصاص الشرطة, وقالت لجنة شكاوي الشرطة المستقلة: ليس هناك دليل علي أن دوجان قام بإطلاق النار قبل أن يردي قتيلا. ووصف عمدة لندن بوريس جونسون الذي قطع عطلته الصيفية وعاد لمتابعة الأحداث الوضع بأنه مروع, وأنحي المسئولون البريطانيون اللائمة في أحداث الفوضي علي عصابات إجرامية, وأظهرت مقاطع فيديو من مناطق العنف مجموعة من الشباب الملثمين وهم يقذفون عناصر الشرطة بالزجاجات الفارغة, وقنابل المولوتوف وإضرام النار في المركبات والممتلكات العامة والخاصة. في غضون ذلك قالت متحدثة باسم اتحاد شركات التأمين البريطانية: إن أعمال العنف التي تشهدها العاصمة البريطانية لندن ومدن كبيرة أخري منذ ثلاثة أيام ستكلف شركات التأمين عشرات الملايين من الجنيهات. وقال مدير التأمين العام والصحة في الاتحاد نيك ستارلينج في بيان: من السابق لأوانه الحصول علي صورة دقيقة لإجمالي التكاليف, لاسيما تكاليف تعطل الأعمال, لكن شركات التأمين تجتهد للتعامل مع المطالبات الواردة التي ستعطينا فكرة عن مستوي الأضرار وتكلفتها. من جانبها اعتبرت صحيفة جارديان البريطانية أن الاحتجاجات المندلعة في لندن عقب مقتل مواطن أسود علي يد الشرطة البريطانية لا تعد نوعا من الثورة المستوحاة من الربيع العربي, ولا يمكن مقارنتها بالثورة المصرية, وقالت الصحيفة: إن مشاهد حرق المباني والمعارك في الشوارع بين الشرطة والمدنيين في مصر خلال الثورة أصبحت مشهدا مألوفا هذا العام, إلا أن ردود الفعل تجاه العنف في بريطانيا جاءت منقسمة. وأشارت الصحيفة إلي أن المواقع الإلكترونية ووسائل الإعلام الاجتماعية في مصر بدأت تبحث أسباب أحداث لندن, وتتساءل عما إذا كانت الاضطرابات في انجلترا جزءا من الربيع العربي؟ ونقلت الصحيفة عن محمد دهشان كاتب واقتصادي قوله: كثير من الناس هنا ينظرون إلي أعمال الشغب في لندن علي أنها نوع من الثورة, لكن أي شخص يعبر عن هذا الرأي علي الإنترنت ينتقده البريطانيون العرب ويقولون إن هذه الإضرابات يمكن أن تكون أي شيء غير ثورة. وقال مسعد الشامي: إن تشبيه أعمال الشغب البريطانية بالربيع العربي نوع من الظلم للمصريين والتونسيين الذين قاموا بثورة للانتقام من وحشية الشرطة مثلما حدث مع خالد سعيد, والتونسي محمد البوعزيزي, وقاموا سلميا بإسقاط أنظمتهم, وليس بسبب مجموعة لصوص قتلوا خلال سرقة أجهزة دي في دي.