شهدت البورصة المصرية أمس تراجعا حادا بنسبة 4.7٪ متأثرة بالتراجع الكبير الذي شهدته أسواق المال العالمية وخاصة الأمريكية التي شهدت أكبر تراجع لها منذ 3 سنوات نتيجة تنامي المخاوف في كافة أنحاء العالم من أزمة الديون السيادية الأمريكية والأوروبية والتي أدت إلي حالة انهيار للاقتصاد العالمي خاصة بعد فشل الحكومات الأوروبية والإدارة الأمريكية في إيجاد صيغة لحل هذه الأزمة.. ويعتبر التراجع الحالي للسوق المصري أكبر هبوط له بعد الثورة ومنذ أكثر من 3 سنوات. وكانت البورصة قد أوقفت التداولات علي الأسهم لمدة نصف ساعة عقب هبوطها خمسة بالمائة في منتصف الجلسة. واتجه المستثمرون الأجانب إلي البيع المكثف لتغطية مراكزهم المالية في أسواق المال العالمية حيث بلغت قيمة مبيعاتهم حوالي 122 مليون جنيه مقابل 74 مليون جنيه مشتريات بصافي بيعي بلغ 48 مليون جنيه وذلك بعد أن سيطروا علي 27٪ من تعاملات السوق ولم تنجح مشتريات المستثمرين المصريين والعرب التي بلغت 290 مليون جنيه في ايقاف نزيف خسائر السوق بينما بلغت مبيعاتهم حوالي 241 مليون جنيه بصافي شرائي بلغ 47 مليون جنيه وذلك بعد استحواذهم علي 73٪ من تعاملات السوق.. وسيطرت المؤسسات علي الموجة البيعية التي اجتاحت السوق أمس 174 مليون جنيه مقابل مشتريات للمستثمرين الأفراد بلغت 248 مليون جنيه. تمت 27 ألف عملية جري خلالها تداول 83 مليون ورقة مالية قيمتها 431 مليون جنيه وبذلك بلغت خسائر السوق خلال جلسة أمس حوالي 15.8 مليار جنيه لتتجاوز خسائر السوق منذ بداية الأسبوع الحالي 30 مليار جنيه. وكانت السمة الأساسية لجلسة التداول هو التراجع الجماعي لكافة الأسهم القيادية حيث تراجع سهم بايونيرز القابضة للاستثمارات المالية بنسبة 8.5٪ بينما هبط سهم أوراسكوم تليكوم بنسبة 6.7٪ في أكبر تراجع له منذ 30 شهراً وتراجع سهم أوراسكوم للإنشاء والصناعة بنسبة 5.6٪ والبنك التجاري الدولي 4٪. وشهد السوق أمس تراجع حوالي 173 سهماً بينما صعد 6 أسهم فقط و ظلت 4 أسهم دون تغير. ومن ناحية أخري، قال محسن عادل المحلل المالي ان تراجع السوق المصري خلال تعاملات اليوم جاء متأثرا بالتداعيات السلبية للازمة الأمريكية خاصة بعد إن تهاوت مؤشراتها أمس إلي أدني مستوي في 3 سنوات. أوضح إن استمرار حالة الانخفاض والتخبط التي شهدته وول ستريت أمس كان له تأثير سلبي علي جميع الاسواق المالية في العالم مشيرا ان استمرار الضغوط السياسية الداخلية والأزمة الأمريكية الخارجية سيؤثر بشكل سلبي علي اداء السوق المصري خلال الفترة المقبلة وذلك حتي تظهر بوادر الانتعاش علي الصعيدين المحلي والعالمي. اشار إلي ان تراجع البورصة خلال جلسة اليوم جاء مبالغا فيه خاصة وان اداء الاسواق العالمية لم يتأرجع بنفس الحدة بما يؤكد علي وجود عوامل داخلية ساهمت في زيادة مساحة التراجع وهي أولا المضاربة ناحية الهبوط التي قام بها عدد واسع النطاق من المستثمرين في اطار تقديرتهم بان تتراجع البورصة المصرية بمعدلات أكبر وهو الأمر الذي جعل مؤشر البورصة المصرية يتصدر التراجعات علي مستوي العالم منذ مطلع الاسبوع الجالي في سابقة ليست الأول من نوعها داخل البورصة المصرية. اضاف ان العامل الآخر يتمثل في نقص السيولة وهو الأمر الذي دعا الجميع منذ شهور الي معالجته ان ادارة البورصة لم تعط هذا الامر أولوية ضمن مشروعاتها الحالية مكتفية بالاعلان عن دراستها بفصل التسوية الورقية عن التسوية النقدية مما مثل اتساعا في نطاق الأزمة خاصة إذا علمنا ان رأس المال السوقي للبورصة المصرية تراجع خلال جلسة الثلاثاء ثمانية مليارات جنيه في مطلع الجلسة بحجم تداول لا يتجاوز 30 مليون جنيه وهو ما يعيد فتح ملف تخفيض التسوية بالبورصة الي نظام تسوية اليوم الواحد لزيادة معدلات الدوران للسيولة في السوق مشيرا الي ان الوضع بالجلسات المماثلة يجب ان يتم النظر اليه علي اساس كونه ظروفا غير تقليدية مما يتطلب تعليق العمل بالجلسة ومراجعة التداولات خاصة غير المبررة للحفاظ علي تماسك السوق. طالب عادل بضرورة الاسراع بفتح حوار جاد لتكوين صندوق استثمار سيادي برؤوس اموال مصرفية يعمل كصانع للسوق علي المدي المتوسط وطويل الأجل لضبط الايقاع المتهاوي خلال الفترة الحالية و الا فاننا سنعرض البورصة المصرية إلي موجات من الضغوط خاصة في ظل التقلبات الداخلية سواء سياسيا واقتصاديا أو في ظل الأزمة الاقتصادية التي يواجهها العالم حاليا. وأتفق معه هشام حسن خبير أسواق المال مطالبا رئيس البورصة بضرورة إلغاء جميع التعاملات بالسوق التي تمت خلال جلسة أمس مع تعليق التسوية مشيرا الي أن جلسات هذا الأسبوع تعتبر جميعا غير تقليدية نظرا لظروف أزمة الديون الأمريكية والأوروبية خاصة مع التراجع الحاد للسوق الأمريكي أول أمس. وأشار الي أن إغلاق السوق يعتبر حلا غير عملي وسوف يعيد السوق إلي نقطة الصفر خاصة أن خسائر السوق المصري متأثرة بأسواق العالم ولذلك فلا داعي لاتخاذ إجراء بهذه الخطورة مشيرا إلي أن إغلاق السوق قد يكون مفيدا في ظل الاضطرابات السياسية والحروب فقط.