»نحن قوم أعزنا الله بالإسلام.. ولو ابتغينا العزة في غير الإسلام أذلنا الله« هذه العبارة قالها الفاروق عمر بن الخطاب عندما ذهب لتسلم مفاتيح مدينة القدس بثوبه البسيط ومظهره المتواضع! وقتها قالوا كيف لعمر وهو امير المؤمنين ان يخرج علي أكابر الناس بهذا المظهر البسيط وطالبوه بان يرتدي مثلما يرتدون من الملابس التي تدل علي العظمة والفخامة عندئذ غضب عمر وقال هذه العبارة التي تعطي الدرس في زمانه وزماننا إن الله اعزنا بالإسلام ولو بحثنا عن العزة في غير الإسلام، أذلنا الله. وها نحن نبحث عن العزة والنصرة بوسائل الامريكان والاوروبيين ولكننا للاسف لا نبحث عنها في الاسلام الذي اعزنا الله به بل ان كثيرا منا من قادة الرأي والفكر في المجتمع ينادون صراحة بعزل الدين عن السياسة والثقافة والفكر وعن حياتنا الاجتماعية ويقولون بكل وضوح ان الدين علاقة بين الانسان وربه ولا يخرج عن ان يكون مسألة شخصية!! ونسي هؤلاء جميعا ان معني كلمة »رب« هو السيادة والملك.. ومن تمام الملك ان ينفذ حكم الملك فيما يملك »ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون«. ورغم وضوح الآية الكريمة.. مازلنا نقلد الغرب تقليدا أعمي وننادي مثلهم بالليبرالية التي هي وجه من وجوه العلمانية. وتعني في الاصل الحرية. غير ان معتنقيها يقصدون بها ان يكون الانسان حرا في ان يفعل ويقول ويحكم بما يشاء. فالانسان عند الليبراليين إله نفسه وعابد هواه. غير محكوم بشريعة الله.. بل ان الليبراليين لا يقيمون اي وزن لشريعة الله إذا تناقضت مع أية أحكام اتفقوا عليها بتصويت ديمقراطي. ولو كان الحكم النهائي الناتج عن التصويت هو عدم تجريم الزنا أو عدم تجريم شرب الخمر أو كان تحليلا للربا أو بتبرج النساء والتعري والشذوذ الجنسي والاجهاض. ومع ذلك فنحن نتحدث عن الليبرالية وكأنها هدف دون ان ندرك ما تسوقنا اليه من خروج علي الاحكام التي يرتضيها الله لمخلوقاته والتي أنزلها في كتابه والتي دعا الناس للاحتكام إليها. وحتي كلمة الديمقراطية التي يتشدقون بها هي حكم الشعب أو من يختاره الشعب لينوب عنه في الحكم. وهو معني نبيل ولكنه يعكس وجها آخر قبيحا يعني أن الشعب هو سيد السلطات الثلاث التشريعية والقضائية والتنفيذية. فالسلطة التشريعية تشرع للشعب ما يريد ولو خالف حكم الله. والقضائية تقضي للشعب بما شرعه من احكام ولو خالفت حكم الله والتنفيذية تنفذ للشعب ما قضي به. فأين إذن حكم الله في هذه الاحكام.. واين العمل. بنص الآية التي تقول »إن الحكم إلا لله«.. ويضاف إلي ذلك ان كل انسان في النظام الديمقراطي حر. ففي النظام الديمقراطي لا دين ولا رجولة ولا انوثة ولا مسلم ولا مسيحي ولا كافر ولا بوذي. كل الناس سواسية.. فالديمقراطية ان يتم الاحتكام إلي الشعب ننفذ ما يريده ولو خالفت شريعته شريعة ربنا. اما نحن المسلمين فقد ابدلنا الله عنها »الشوري«.. والشوري في الإسلام تأتي في الامور التي لا يوجد فيها نص قطعي.. عندئذ نجتمع ونأخذ الرأي من اهله اذا كانت مشكلة أو ازمة فتتحد الكلمة في مواجهتها. اما في الديمقراطية فكل شيء يقبل الأخذ والرد حتي ولو كان محرما.. ووصل الامر في بعض المجتمعات ان أباحوا اللواط زواجا.. اي ان يعقد للرجل علي الرجل مثلما حدث علنا في ألمانيا عندما تزوج احد الوزراء من صديقه في احتفال رسمي أقيم في الكنيسة.. ونسأل الله العفو والعافية.. فالشوري في الاسلام هي النقاش في كيفية تطبيق شرع الله علي مراد الله. اما الديمقراطية فهي النقاش في كيف نشرع الشرائع ولو خالفت حكم الله. فاللهم ردنا إليك وإلي دينك ردا جميلا.