يتساءلون هل هان المسلمون علي الله حتي جعلهم في هذا الوضع البائس بينما هم يمجدونه ويوحدونه ويعبدونه؟! حتي اليهود الذين كتب الله عليهم الذلة والمسكنة استأسدوا علينا وساموا المسلمين في فلسطين سوء العذاب والغرب امتلكوا اسباب القوة والنهضة وتفوقوا علينا فصرنا ننقل عنهم ونأخذ منهم ونتبع خطواتهم ونتمني أن نكون مثلهم.. فهل انت غضبان علينا يارب؟! اليس هذا هو السؤال الذي يطرحه كل مفكر في حال هذه الأمة وما وصلت اليه من ذلة وانكسار هل هان المسلمون علي الله فعلاً فعاقبهم بسبب تقاعسهم عن حمل الأمانة التي كلفهم بحملها عندما قال لهم »كنتم خير أمة أخرجت للناس«. لقد كان ثمة أمة في الماضي خانت الأمانة ولم تبلغ الرسالة فحدث لها مثل ما يحدث لنا الآن من عقوبات حتي يرجعوا. فلما أصروا علي غيهم ساب الله منهم الأمانة وحملها لنا.. تلك هي أمة بني إسرائيل التي كفرت بأنعم الله.. لذلك فالسؤال في مكانه ومن واجبنا أن نعرف الإجابة.. أن نعرف أولاً من نحن وماذا يريد الله منا فنقوم به حبا وطواعية لله.. لأن بيننا عاشوا وماتوا ولم يعرفوا أنهم مكلفون وأن عليهم واجبات ماتوا ولم يؤدوها. ونحن لا نريد أن نكون مثلهم فنحن كما يقول عمر بن الخطاب قوم أعزنا الله بالاسلام، فإن ابتغينا العجز في غيره أذلنا الله. والحقيقة أننا صرنا جميعاً نبتغي العزة في غيره.. نبتغيها عند الأمريكان والأوروبيين نبتغيها في الأموال أو التكنولوجيا أو الاسلحة الحديثة أو في الكثرة العددية وكل هذه الاشياء تمثل إجابات خاطئة فمصدر عزة هذه الامة مرتبط ارتباطا وثيقا بعلاقتها بالله وهو سبحانه يقولها كلمة قاطعة فاصلة »وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين« ولكننا لانفهم.. ونصر علي أن الاسباب المادية فقط هي مصدر العزة مثلما حدث مع الامم الأخري.. ولكن ما يجب ان نعرفه أننا لسنا مثلهم. صحيح أن علينا أن نأخذ بالاسباب المادية ونمتلكها ولكن قبل ذلك يجب أن نعرف أننا مختلفون بسبب الرسالة التي كلفنا الله بحملها ودعوة الناس لها وانظر إلي قول الله تعالي »وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علي الناس« وهذه المزية العظيمة تجعلنا خير أمة اخرجت للناس لأن لدينا رسالة علينا أن نبلغها لكل الناس. فالرسول مات.. وترك الرسالة لنا وقال بوضوح »بلغوا عني« فإن لم نفعل عاقبنا الله.. وسيستمر العقاب طالما استمر الاعراض عن القيام بذلك الواجب.. وهذا هو التشخيص. الحقيقي لواقعنا المرير.. أننا تركنا سر تفوقنا الذي اختصنا الله به وذهبنا نبحث عما في أيدي الآخرين.. استبدلنا الذي هو أدني بالذي هو خير واعطيناه الاولوية.. والآن تعالي الي سؤال آخر.. فلو أغلق أمامنا باب الاسباب المعنوية الغيبية التي أختص الله بها المسلمين وتساوينا مع غيرالمسلمين في السباق نحو امتلاك الاسباب المادية.. فستكون النتيجة لصالحهم لا محالة.. فنحن إنما ننتصر علي عدونا بطاعتنا لله ومعصيتهم له.. فإذا عصيناه تساوينا.. بالاضافة أننا سنتعرض بسبب هذه المعصية للخذلان وتعسير الأمور من الله.. بينما هم لن يعاقبوا مثلنا لأنهم ليسوا مكلفين مثلما كلُفنا حتي ولو كانوا أكثر منا معصية.. كل المطلوب منا هو العودة إلي الله والدخول في دائرة الرضا والولاية والنصرة الإلهية. اما الاسباب المادية فلنجتهد في تحصيلها بقدر الطاقة دون العنت. فهي التي تهيئ لنزول القدر الالهي.. والله يرشدنا ويوجهنا عندما يقول »وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة«. وحتي لا يصبح الموضوع بعيداً عن الواقع علينا جميعاً أن نعرف أن البداية تبدأ من صلاح كل فرد منا.