يارب ارزقني خير ليلة القدر، واغفر لي تقصيري، وارحمني، فأنا عبدك الفقير، الراجي رحمتك، ليس لي إلا وجهك الكريم، ارفع إليك دعائي، استغفرك وأتوب إليك يا أرحم الراحمين، يانصير المظلومين، يا ملجأ الهاربين، الباحثين عن عدل طال انتظاره، أسألك العدل يا أعدل العادلين، ازرعه في قلوب الحكام، الذين قست قلوبهم علي العباد، واهدهم يارب إلي العمل بكتابك الكريم، واجعلهم رحماء بشعوبهم، أشداء علي أعدائهم، فقد أصموا الآذان وأغمضوا العيون، وراحوا يرضون آل صهيون. يارب ارزقني قيام ليلة القدر، التي قلت فيها إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتي مطلع الفجر}، يارب اجعلها سلاما واملأها إيمانا، وتقوي، واستجب لدعاء كل الأكف المرفوعة، الراجية عفوك. استجب لدعاء الفقراء المحرومين، الساكنين في العشوائيات، وتحت الكباري، والمشردين في الشوارع، الباحثين عن طعامهم في بقايا الأغنياء، مع الكلاب الضالة، الذين أغمضت الحكومات عيونها عنهم، واحمهم من صوط "غالي" الذي يلهب ظهورهم، ويكوي قلوبهم، ويرهق أيامهم المُرهقة، وقلق لياليهم القلقة بسواد ضرائبه، التي تعمُر بيوت الأغنياء، وتُنير شوارع وقصور الأثرياء. يارب يا علي ياقدير ارفق بنا وبهم يارءوف، يا أرحم الراحمين، بعد أن غابت رحمة العباد، وعم الفساد واستشرت الأنانية، وقُطعت الأرحام، وعششت في القلوب الأوهام. يارب في ليلة القدر، اغفر لي ماتقدم من ذنبي، وما أكثر ذنوبي، فقد صمت شهرك، وقمت ليلك، وعملت بقول نبيك الكريم، الذي قال، وما ينطق عن الهوي، عليه الصلاة والسلام (من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه). يارب زدني هدي بعد أن ضل بي الطريق، وتاه قلب الصديق، وقبض علي الصدر الضيق، وغاب الرفيق، وماعدت أسمع قولاً رقيقاً، حتي من أخي الشقيق، ومل الخليل خليله، وضاعت الأمانة، وما وصلت المراكب إلي بر السلامة، واختار الناس سكة الندامة. يارب اجعل قلمي لسانا لكل المحرومين المظلومين، صوتاً لكل البائسين، المحبطين، صرخة في وجه الطغاة المتجبرين، وجعاً في رأس الفاسدين المفسدين، نسمة حنان علي وجه وشعر كل يتيم، زغرودة فرح، غنوة سلام وأمان، وكسوة للعريان، وظلة للشقيان، واجعل حبر القلم صلاة وإيماناً. يارب ثبت قلبي علي دينك، وأمتني علي حبك، وحب حبيبك محمد، وحب كل من يحبك ويحب حبيبك المصطفي صلي الله عليه وسلم، وكل من يعمل بكتابك وسنة نبيك، وعبدك، خير البشر، واتقاهم وأنقاهم وأصفاهم، من نزل القرآن علي قلبه، وخرج من قلبه، فحفظته الصدور والقلوب، وتلته الجوارح، قرآنا يهدي للتي هي أقوم، اهدني صراطك المستقيم، ولا تجعلني من الضالين، اجعلني ممن أنعمت عليهم، ولا تجعلني ممن غضبت عليهم، آمين يارب العالمين. يارب زد أيامي نورا بليلة القدر، وأنر ليالي بكوكبها الدري، واجعلها سلاماً يغمرُ الدنيا يغشّي الكونَ بالطهرِ، وينشرُ نفحةَ القرآنِ والإيمانِ والخيرِ، يارب اجعل أيامنا ملوّنةٍ بلونِ خمائلِ الزهرِ، يارب زدني من فضلك فما عندي سوي فقري، وكلّ الفضل والنُعمي لربٍّ مالكٍ أمري ومنْ يدري! بما قد رانَ من وزرٍ علي ظهري، فيا رباهُ فارحمني..فوزري ..آهِ من وزري، يارب أجب أمنيتي في ليلة القدر. وفي ليلة القدرأدعوك ياربي أن توقظ غفلة المسلمين، الساكتين عن الحق كشياطين خرساء، حتي ضاعت حقوق المسلمين في ديار المسلمين، وتداعت عليهم الأمم، لأنهم أصبحوا كغثاء السيل بفضل حكام أعمتهم مصالحهم، وكراسيهم عن مصالح المسلمين، وتركوا شريعة الله، واتبعوا أعداء الله، واتخذوهم أولياء، فضلوا الطريق، وأضلوا شعوبهم، ولم ينصروا الله فلم يثبت قلوبهم، وتناسوا قول الله سبحانه وتعالي " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم " فهم نصروا عدوهم، وقدموا له الولاء، حتي تفتتت بلاد المسلمين، وضاعت الحقوق، وسلبت الأوطان، وأصبحنا في آخر الصفوف. ترك المسلمون ياربي تجارتك الرابحة، وتاجروا مع اليهود والأمريكان، ونسوا أنك القائل سبحانك في سورة الصف(ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم علي تجارة تنجيكم من عذاب أليم (10) تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون (11) يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم (12) وأخري تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين (13)). في حديث عبد الله بن سلام أن الصحابة، رضي الله عنهم، أرادوا أن يسألوا عن أحب الأعمال إلي الله عز وجل ليفعلوه، فأنزل الله هذه السورة، ومن جملتها هذه الآية: (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم علي تجارة تنجيكم من عذاب أليم) ثم فسر هذه التجارة العظيمة التي لا تبور، والتي هي محصلة للمقصود، فقال: (تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) أي: من تجارة الدنيا، والكد لها، والتصدي لها وحدها . ثم قال: (يغفر لكم ذنوبكم) أي: إن فعلتم ما أمرتكم به ودللتكم عليه، غفرت لكم الزلات، وأدخلتكم الجنات، والمساكن الطيبات، والدرجات العاليات، ولهذا قال: (ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم). ثم قال: (وأخري تحبونها) أي: وأزيدكم علي ذلك زيادة تحبونها، وهي: (نصر من الله وفتح قريب) أي: إذا قاتلتم في سبيله ونصرتم دينه، تكفل الله بنصركم . قال الله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم) [محمد: 7] وقال تعالي: (ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز) [الحج: 40] وقوله (وفتح قريب) أي: عاجل فهذه الزيادة هي خير الدنيا موصول بنعيم الآخرة، لمن أطاع الله ورسوله، ونصر الله ودينه ; ولهذا قال: (وبشر المؤمنين). يروي أن القائد صلاح الدين الايوبي رحمه الله وعوضنا الله تعالي رجلا مثله أو أحسن، كان يتفقد الجند ليلة وقعة حطين فهم بين قائم وراكع وساجد وذاكر الي أن مر علي خيمة أهلها نيام أو يتسامرون (حسب الرواية) فقال والله من هنا نؤتي، يعني من هنا الثغرة، ونحن الآن من أين نؤتي ياتري؟؟ فيا ألله اهدهم، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، واجعلنا ممن يعملون علي نصرتك ونصرة دينك، حتي يباهي بنا رسولنا الكريم محمد صلي اله عليه وسلم الأمم يوم القيامة. **** ومن وحي ليلة القدر اقرأوا معي أبيات كتبها بمداد القلب شيخنا الدكتور يوسف القرضاوي: يا ليلة زانها ربي وشرفها تنزيله في دجاها نور قرآن دستور حق وتشريع وتربية يبقي وإن زال هذا العالم الفاني ربي رجالا مغاوير اهتدوا وغزوا إن الرجولة من نور ونيران أمسي بلال به من ذلة ملكا وصار سلمان شيئاً غير سلمان لله فتيان حق لو رأيت فتي منهم تري ملكا في زي إنسان فمن يداني أبا حفص وصاحبه ومن يداني عليا وابن عفان هذا الكتاب غدا في الشرق واأسفا شمساً تضيء ولكن بين عميان يحاط بالطفل حرزاً من أذي وردًي وفيه حرز الوري من كل خسران يتلي علي ميت في جوف مقبرة وليس يحكم في حي بديوان فكيف نرقي ومعراج الرقي لنا أمسي يجر عليه ذيل نسيان ياليلة السلم والإسلام معذرة السلم في مصر والإسلام لفظان أين السلام أروني أين موضعه قد ضاع ضيعة يتم بين خوان أين الدساتير فانظرها معلقة مثل التمائم في أحضان صبيان أين الحقوق ولم نلمح لها صورا إلا سياطاً كأذناب لثيران نحن النجوم تزين الكون طلعتنا ويهتدي بسنانا كل حيران نحن النجوم فلا تعجب إذا انطلقت منا رجوم أخافت كل شيطان قالوا اسجنوا واغمروا الأقسام واعتقلوا فجمعونا علي حب وإيمان وصادروا مالنا من جهلهم ونسوا أن يحجروا رزق رزاق ورحمان وأسرفوا وعلوا في الأرض واضطهدوا وعكر النيل من هامانه الثاني وعذبوا كي يذلوا أنفساً طمحت وعزت النفس أن تعنو لسلطان والليث لن تحني الأقفاص هامته وإن تحكم فيه ألف سجان يا رب إن الطغاة استكبروا وبغوا بغي الذئاب علي قطعان حملان يا رب كم يوسف فينا نقي يد دانوه بالسجن والقاضي هو الجاني يا رب كم من صبي صفدوا فمضي يبكي كضفدعة في ناب ثعبان يا رب كم أسرة باتت مشردة تشكو تجبر فرعون وهامان خير الختام ** رب اهدي الحكام لخيرالرعية ودين الإسلام. [email protected] د. إسماعيل إبراهيم