قد تستجيب الحكومة لبعض طلبات المتظاهرين فتقوم بملاحقة فلول النظام السابق ومحاولات اقتلاع الفساد والفاسدين في الجهاز الاداري للدولة -وقد يلبي المجلس الأعلي للقوات المسلحة بعض رغبات المعتصمين فيطيح بالحكومة أو يغير ويستبدل بعض الوزراء بها وينحي رئيسها- اما ان ينزل القضاء الي مجرد سماع رأي هذا أو وجهة نظر ذاك فهو المستحيل بذاته وعينه!! قد يقول البعض بان الحكومة والنظام يسعيان الي ارضاء الشعب وتحقيق طموحاته بالاستجابة لها.. وان الأحكام القضائية تصدر باسم الشعب ايضا.. فلماذا لا ينزل القضاة الي نبض الشارع ويتحسسون مشاعر المواطنين والشعب بكل اطيافه ومعظم طوائفه وانتماءاته - نقول ان الفارق شاسع وكبير جدا.. النظام -مهما كان شكله- يستمد شرعيته من الشعب ويعمل دائما من أجله ويسعي للملاءمة بين مصالحه الخاصة والعامة.. أما القضاة فلا سلطان لاحد عليهم مهما كان.. يحتكمون فقط الي ضمائرهم ونص القانون الصادر عن ممثلي الشعب، وتجري اقلامهم ناطقة باسم الحق.. الحكم العدل.. ان الحكم الا لله، وكما تدين تدان!! ليس بغريب أو مستحدث ان يشهد العالم بنزاهة وحيدة وتجرد القضاء المصري.. وسيظل العدل في وجدان هذا القضاء دائما »حي« لن يسقط ولن يميل أو يستمال في كل الظروف والاحوال - القاضي لن ترهبه مظاهرة، ولن يخيفه حاكم، ولن يحيد عن الحق الذي يستقر بوجدانه، ولا عن العدل الذي يستلهم عناصره من التحقيقات القضائية وسماع الشهود والاستعانة بأهل الخبرة وجميع الظروف والملابسات المحيطة فيما يفصل فيه من قضاء. لقد تعرض القضاء -في الآونة الاخيرة- لهجمة شرسة بهدف النيل من هيبته وزعزعة ثقة الشعب فيه.. واذا كان العذر للمواطن لجهل وعدم دراية أو ظنون وأوهام لا توجد الا في نفسه ومخيلته.. فان اللوم.. كل اللوم والعتاب علي الاعلام -اذ للاسف دأبت بعض الفضائيات وبرامج »التوك شو« علي تأجيج النفوس واثارة المشاعر وتوجيه الرأي العام بتهويل الامور، وزعزعة الثقة وما يبعث علي ايقاظ الفتن، بل قد وصل الامر بالاعلام الي انه هيأ الجمهور واوعز اليه بتلقي وقبول احكام قضائية محددة بمظنة الثأر وشفاء الغل والانتقام، الامر الذي من اجله اصبح علي الاعلام ضرورة تحري الصدق والحقيقة والالتزام بميثاق الشرف المهني - وأبدا لن ينال احد من الحاقدين المحيطين من كرامة مصر.. وسيظل القضاء المصري حريصا علي رفعته - ومن المحال ان تصدر احكامه علي المزاج والكيف!!