اذا تأكدت صحة الأنباء حول قرار المفوضية الأوربية بتأجيل إرسال بعثة الاتحاد الاوربي الي مصر لبحث أسباب ومصادر انتشار بكتيريا »إيكولاي« القاتلة، فان ذلك لا يتفق مع مصلحة مصر. ويقول المتحدث باسم المفوضية الأوربية ان هناك خلافا بين القاهرة وبروكسل حول »إطار المهمة« والموضوعات المحددة التي كان من المقرر بحثها خلال زيارة البعثة الأوربية. أما الجانب المصري، فانه يصرح بأن الحكومة اشترطت قيام الاتحاد الاوربي بموافاة القاهرة بالاجراءات والمعايير التي يتم تطبيقها قبل السماح بتصدير السلع الغذائية الي مصر، خاصة ان بعض الدول في الاتحاد الاوربي ظهرت بها البكتيريا القاتلة. الأغرب من ذلك، فان الادارة المركزية للحجر الزراعي تطالب الاتحاد الاوربي بتحديد »الأسس العلمية« التي استند اليها قرار حظر استيراد البذور والنباتات المصرية! إذن.. فأن الموقف الحكومي المصري يتلخص في استعدادنا لاستقبال البعثة الأوربية.. ولكن.. بعد التأكد من مبررات القرار الاوربي بفرض الحظر علي استيراد هذه البذور والنباتات المصرية!! وهنا نسأل: اذا كانت جميع التحليلات التي اجرتها المعامل المصرية المعتمدة قد اظهرت براءة بذور الحلبة المصرية من اتهامات الاتحاد الأوروبي.. فلماذا نضع الشروط لاستقبال بعثة الاتحاد؟ لقد سمعنا من قبل وزارات الزراعة والصناعة والتجارة والصحة والخارجية قد اعربت عن استعداد مصر لاستقبال البعثة.. فلماذا نضع العراقيل أمام الزيارة؟ وزميلنا »محمود سالم« علي حق عندما كتب في »أخبار اليوم« ليقول ان مسئولي وزارة الصناعة والتجارة الخارجية والحجر الزراعي يصدرون قرارات تتصف بالحمق، بل يرتكبون جريمة في حق مصر.. في وقت لا تتحمل فيه مثل هذه الحماقات.. فهؤلاء المسئولون يرفضون استقبال أية وفود أوربية الا بعد رفع قرار حظر استيراد الحلبة من مصر! ويتساءل الزميل محمود سالم: مادام يتم رفع الحظر.. ما فائدة زيارة بعثة الاتحاد الاوربي؟ واذا كانت مصر تسمح بلجان أوربية بمراقبة زراعة وشحن البطاطس المصرية قبل تصديرها لدول الاتحاد.. رغم ان اصابة البطاطس بالعفن البني لا يودي بحياة البشر، كما هو الحال بالنسبة لبكتيريا »ايكولاي«.. فلماذا لا نسمح لبعثة اوربية بالحضور حتي تتأكد من براءة الحلبة المصرية؟ وكيف نلوم الآخرين علي اتخاذهم اجراءات لحماية مواطنيهم ولو لمجرد شكوك او شبهات؟ هل يعلم المسئولون لدينا ان قرارات الحظر الاوربية لم تعد تقتصر علي الحلبة المصرية وانما اصبحت تشمل البقوليات؟ وهل يعلم هؤلاء ان الاتحاد الاوربي سحب من السوق بذورا مستوردة من مصر لمجرد الاشتباه في ان لها علاقة ببكتيريا »إيكولاي«، وان الأمر وصل الي حد الاعلان في أوربا بان »المرجح بشدة« ان الحبوب المصرية مسئولة عن الاصابة بسلالة سامة للغاية من هذه البكتيريا المعوية في كل من المانياوفرنسا؟ وهل يعرف المسئولون لدينا ان روسيا قررت ايضا حظر واردات البذور المصرية والسلع الزراعية.. أي ان الامر لم يعد يقتصر علي الاتحاد الاوربي.. كما ان الولاياتالمتحدةالامريكية قررت وضع الحلبة المصرية في قائمة الواردات التي يجب مراقبتها وفحصها وتحليلها واختبارها قبل السماح بدخولها الي البلاد؟ قرار الحظر الاوربي يشمل البذور المصرية التي تم استيرادها منذ عام 9002، اي سحبها من السوق لكي توضع موضع الفحص والتحليل، وتشمل تلك التي تولي موزع الماني تصديرها الي عدة دول أوربية. وتقوم »هيئة سلامة الغذاء الاوربية« بالتحذير من بذور الحلبة التي تم استيرادها من مصر بين عامي 9002 و1102، ولكن المسئولين لدينا لم يتوقفوا عند كلمة »ربما« التي استخدمتها الهيئة عند توجيه الاتهام الي البذور المصرية مما يفيد ان الاتهام الموجه الي هذه البذور ليس قاطعا او محسوما، وأن النتيجة النهائية للفحوص لم تظهر بعد. وكان علي الجانب المصري ان يقدم الادلة التي تساعد علي ايضاح الامور ومعرفة الحقيقة. وفي بداية هذا الشهر، صرح خبراء من المركز الاوربي لمكافحة الامراض والوقاية منها، وكذلك هيئة سلامة الغذاء الاوربية بان المعلومات القائلة بان بذور الحلبة المستوردة من مصر هي المصدر الاساسي للعدوي المنتشرة في أوربا »لا تزال غير مؤكدة«، وخاصة ان السويد، التي ظهرت فيها اصابة بالمرض، لم تستهلك الحلبة المصرية، بل ان منظمة الصحة العالمية أوضحت ان العدوي في فرنسا غير مرتبطة بتلك المنتشرة في المانيا أو في دول أخري. وبعد ان أودت بكتيريا »ايكولاي« الفتاكة بحياة اكثر من اربعين شخصا في المانيا، وأصابت ثلاثة آلاف آخرين، وألحقت خسائر بالقطاع الزراعي تقدر بمئات ملايين »اليورو«.. تركز التحقيق علي مزرعة عضوية للبقوليات المستنبتة بولاية سكسونيا السفلي في المانيا وتم اغلاقها. وفي وقت من الاوقات، أوضح معهد »روبرت كوخ« الالماني للابحاث ان بكتيريا »ايكولاي« التي تم العثور عليها في الخس من شأنها ان تبعد اصابع الاتهام عن الحبوب النباتية التي تردد انها المصدر الرئيسي لتفشي وباء »ايكولاي« وظهر ان هذا النوع من البكتيريا اصبح قادرا علي الانتقال من انسان الي آخر بشكل مباشر عن طريق الخضروات.. وتم رصد البكتيريا في المجري المائي قرب مدينة فرانكفورت الالمانية علي نهر »مين«. واصيب اطفال ألمان بالبكتيريا بعد تناولهم لحم الهامبرجر من سلسلة متاجر »ليدل« الالمانية للمواد الغذائية. وتنتشر بكتيريا »ايكولاي« في الجهاز الهضمي وتخرج من افرازات الانسان والكائنات الحية الصلبة، وقد تصيب أجهزة الجسم الاخري بالامراض. وقد تكون الابحاث والفحوص التي جرت وتجري في اوربا دقيقة أو خاطئة. وقد تكون الحلبة المصرية بريئة او غير بريئة. المهم ان هناك ضحايا ومصابين نتيجة بكتيريا قاتلة مما يتطلب تعاونا دوليا.. مازال المسئولون لدينا يرفضون ويترفعون عنه! وقد لا يدرك هؤلاء المسئولون النتائج السلبية الخطيرة لانتشار فكرة او شائعة ان مصدر البكتيريا.. بذور مصرية.. فالمؤكد ان هذا الاتهام. لنباتاتنا وحبوبنا يؤدي الي نتائج مدمرة بالنسبة للسياحة في مصر، لأن الاوربي وغير الأوربي سوف يتصور ان كل طعام يأكله في مصر سينقله الي العالم الآخر!!