غداً يختتم مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية دورته السابعة التي أقيمت تحت رعاية السيد الرئيس، وتحت شعار »سينما من أجل غد أفضل»، حيث يقام حفل الختام بمعبد الأقصر بالبر الشرقي وتعلن خلاله لجان التحكيم نتيجة مسابقات المهرجان، الروائية الطويلة التي ترأسها ليلي علوي، والروائية القصيرة والتسجيلية والحريات وأفلام الطلبة، ليقوم رئيس المهرجان سيد فؤاد والرئيس الشرفي د. مدحت العدل بتسليم الجوائز للفائزين.. ليسدل الستار علي دورة ناجحة لمهرجان يستمد تميزه من خصوصية المرحلة التي نعيشها والتي جعلت منه حدثاً سياسياً له دور كبير في جمع الدول الإفريقية لتعود لها مصر كما كانت دائماً بمثابة القلب للجسد. المهرجان الذي يتطور عاماً بعد عام بأفلامه وفعالياته هو فرصة ذهبية لاكتشاف السينما الإفريقية التي تبهرك بتقدمها شكلاً ومضموناً.. رغم حالة التوحد التي تعيشها السينما الأفريقية غالباً مع مشاكلها في مقدمتها الفقر والجهل والمرض والقمع.. فليس هناك جديد في معظم الأحوال ولا خروج علي النص الثابت حتي تكاد تتوقع الخطوط العامة لقصة أي فيلم إلا القليل منها. هذا العام كانت هناك سمة غالبة علي أفلام القارة السمراء.. حالة من العنف والدم المبالغ فيه سيطرت علي الافلام حتي تخشي أن يطولك هذا العنف نافذا من الشاشة! تفنن صناع الأفلام في إبداع المشاهد الدموية بمزاج غريب مذهل.. أجواء قاتمة مقبضة يغفرها روعة التصوير والألوان واختيار الكادرات بذوق وموهبة، وشراسة اغرب في ملامح الممثلين تدعمها موهبة لافتة وحضور طاغ رغم العنف المخيف الذي يتنافي مع طبيعة الافارقة في الحقيقة. ساد العنف والقتامة الأفلام، لم يميز بين الطويل منها والقصير، إلا أن الأمر كان بمثابة ظاهرة في الأفلام الطويلة خاصة داخل المسابقة الرسمية او الحريات، غابت تقريبا المشاعر ولا تجد للرومانسية مكاناً في تلك الافلام، هنا لا صوت يعلو فوق صوت الألم.. العنف، الرصاص، القتل، والاغتصاب، تشعر كأنك في غابة تسودها وحشية بلا مبرر واضح، اختارت عيون السينمائيين أسوأ ما في القارة لتعرضها بقسوة شديدة تجزع لها وتصيبك بكآبة بلا حدود، رغم روعة الشريط السينمائي الذي تحمل معنا ما لا يطيق ! تزعم الموجة فيلم »عصابة مارسيليا» لمايكل ماثيوس الذي تدور احداثه في جنوب افريقيا، تبدأ بعنف غير مبرر للشرطة، يتورط في الرد عليه بعنف أكبر احد الشباب المسالم، الذي يهرب لسنوات ثم يعود وقد انتهي عهد الفصل العنصري ليجد المدينة الهادئة مارسيليا قد وقعت تحت وطأة عنف أشد وأكثر قسوة علي يد عصابة من السود فيأخذ علي عاتقه تحريرها، ومن هنا يجد المخرج غايته في تصوير كل ما تتخيله من قتل ودم ودمار ! وبمنتهي القسوة يواجهنا فيلم »الهروب» من كينيا، حيث تواجه النساء عصابات الكارتيل التي تستغل النساء جنسيا وهي قضية مسيطرة علي السينما الافريقية حيث تتفشي تجارة البشر هناك واستغلال المرأة. و تسيطر الكآبة والعنف علي »مفترق طرق» من تنزانيا الذي يعرض معاناة النساء من خلال حكايات صديقتين. هذا لا يمنع انه كانت هناك أفلام ابتعدت عن هذا الموضوع وإن دارت في فلك الفقر والمعاناة ولكن بشكل معتدل، أروعها » والي » من بوركينا فاسو لبيرني جولدبلات، وفيه مباراة في التمثيل يقودها صبي صغير، ومخرج موهوب متمكن. في مسابقة الحريات كانت الأمور أشد قتامة بطبيعة المسابقة أصلا، ولكن المسابقة تضم افلاما من مختلف دول العالم وليست قاصرة علي افريقيا لذلك قاد مسيرة العنف افلام من الفلبين » حق القتل » وهو فيلم رائع لكنه شديد القسوة، و» الخبز والدخان » من العراق ويرصد بؤس الحياة وقسوتها الشديدة في معسكر للهاربين من جحيم داعش. مستقبل أفريقيا من المحاور المهمة في المهرجان كان ملتقي » رؤي معاصرة لمستقبل أفريقيا : السينما والثقافة أساس التنمية »، أقيم علي مدار يومي الاثنين والثلاثاء وشارك فيه عدد كبير من الخبراء والسفراء الأفارقة، وصناع السينما ورئيس المهرجان الشرفي مدحت العدل ورئيسه سيد فؤاد ومديره عزة الحسيني الذين أكدوا علي أهمية الإبداع كوسيلة للتأثير علي المجتمع وكأداة للتفاهم المشترك.