أتوقف أحيانا بكثير من الانبهار والتأمل أمام شخصيات في حياتنا. قد يعتقد البعض أن من أتحدث عنهم من نجوم المجتمع أو الشخصيات العامة التي تملأ سماء الإعلام المقروء والمرئي والمسموع ليلا ونهارا. لكن الحقيقة أنني أتحدث عن نوعية أخري من البشر هؤلاء الذين يملكون إرادة الحياة، والصبر علي الشدائد وعدم اليأس من وجود الأمل في مكان ما، وزمان ما، والسكينة التي تجعل هؤلاء ينتظرون ذلك الأمل الغامض بهدوء وسلام يشبه اليقين في أنه آت لا ريب فيه! من تلك الشخصيات العادية »بمقاييس الإعلام والأضواء« سيدة سعودية مسنة من قرية صغيرة شمال محافظة العارضة بمنطقة جازان.. هذه السيدة تجاوز عمرها 021 عاما وكانت فاقدة للبصر منذ سنوات طويلة وحسب ما نشره موقع الوطن أونلاين فإن هذه السيدة وافقت علي إجراء جراحة في كلتا عينيها بمستشفي القوات المسلحة بجازان بعد خضوعها لفحوصات طبية شاملة ودقيقة، وذلك عندما لاح الأمل من بعيد من خلال تطمينات الطبيب المعالج بأن هناك أملا كبيرا في نجاح العملية وعودة النور إلي عينيها لتري العالم من جديد. وأجرت الجراحة بشجاعة وجرأة وأمل وإيمان. ونجحت الجراحة فيما يشبه المعجزة، ورأت السيدة المسنة »صاحبة القلب الشاب والقرار الجريء« أحفادها لأول مرة وكانت هذه اللقطة هي الأجمل في قصتها المثيرة. وقالت تعليقا علي ذلك ودموع الفرح تنسال من عينيها: لقد رأيت وجوههم الجميلة وعيونهم الشقية لأول مرة بعد أن كنت أستمع إلي أصواتهم فحسب، عندما كانوا يأتون لزيارتي. قالت السيدة الشجاعة: أحمد الله الذي منَّ عليَّ بالشفاء، وحقق معجزة من معجزاته وأعاد إليَّ نور عيني مرة أخري، الآن أصبحت أعتمد علي نفسي وأعيش حياة طبيعية فقد كنت أتألم وأنا أشعر أني عالة علي ابنائي وأقربائي لسنوات طويلة بسبب كف بصري. يا سلام! إنها واحدة من تلك الشخصيات التي تبهرني، وتدعوني للإبحار داخل نفسي متسائلة: هل أستطيع أن أكون مثلها؟ هل أملك إرادتها وشجاعتها وإيمانها العميق بقدرة الله تعالي انه إذا أراد شيئا قال له كن فيكون؟ إنها قصة سيدة عمرها 021 سنة وقلبها لايزال عامراً بالأمل.. وحب الحياة.. والإصرار ألا تضيع فرصة يتحقق فيها الأمل.. هذه القصة تجذبني إلي منطقة أخري ترتبط بواقعنا الآن وهي هل يملك شبابنا بعد ثورة 52 يناير تلك الروح المتحدية.. الصابرة.. الواثقة؟ هل يستلهمون مثل تلك الشخصيات الحقيقية التي تعيش بيننا في قرية نائية أو حي شعبي بسيط وهم يرسمون طريق المستقبل، هل يستحضرون تلك الروح المتشبثة بالأمل وهم يحفرون بصماتهم علي صفحة الحياة؟ أعتقد أن شبابنا الذي ضرب أروع الأمثلة في نجاح الثورة البيضاء قادر علي استدعاء الهمة وروح الإنجاز والعمل البناء والتقدم. وهذا ليس صعبا ولا مستحيلا إذا آمنا بالحكمة العميقة التي تقول: في الحياة.. لا شيء مستحيلا!، والدليل علي صدق تلك الحكمة هو ما نراه الآن من أحداث لم نكن نتخيل أن نراها ولا في الأحلام!