اشرت في اكثر من مقال كتبته في هذا المكان إلي انني سأُبقي ملف تعمير الساحل الشمالي حضاريا وسكانيا دون اغلاق. اكدت انني سأظل اردد واكرر اهمية ان تجعل الدولة من هذا المشروع هدفا قوميا لما له من نتائج اجتماعية واقتصادية بعيدة المدي. تحدثت عن توافر المقومات اللازمة لتحقيق هذا الحلم الذي يجعلنا نستفيد من الثروات الطبيعية الهائلة التي انعم الله بها علي مصر. ابرزت ميزة الطقس الرائع المعتدل طوال العام وليس خلال الصيف فقط الذي يتمتع به هذا الساحل وامتداد الاراضي الصالحة للزراعة بمساحة كبيرة حوله . هذه الميزة تجعل من هذه المنطقة موقعا نموذجيا للاستثمار السياحي والانتاجي والتعليمي والزراعي لديه كل مؤهلات اقامة المجتمعات الحضارية الجاذبة لملايين البشر. رغم كل هذه الامكانات غير المحدودة وذات البعد التاريخي فاننا وللاسف الشديد مازلنا مقصرين وعاجزين عن استغلال واستثمار هذه الثروة باستثناء اقامة المنتجعات السياحية التي لا تعمل سوي شهرين أو ثلاثة في السنة كلها لتتحول بعدها هذه الطبيعة الرائعة إلي فراغ مهجور. انه من الواجب علينا حتي ونحن نتحدث عن هذه الامكانات المعطلة ان نحيي المهندس حسب الله الكفراوي وزير التعمير والاسكان الاسبق الذي كان وراء مبادرة اخراج الساحل الشمالي من الظلام الي الأضواء والتي لولاها لظل هذا الساحل نسيا منسيا وخرابا لا يعرف الحياة علي نطاق واسع طوال ال 21 شهرا. ان الامانة تلزمني وانا اتحدث عن هذا العمل الكبير الذي قام به الكفراوي ان اسجل ان مشروعه كان يتضمن تعميرا شاملا لهذه المنطقة يشمل الاعداد لزراعة مئات الآلاف من الاراضي الزراعية . ظهر الي الحياة ضمن هذا المخطط التعميري .. الطريق المزدوج المرصوف الذي يمتد من الاسكندرية وحتي الحدود الليبية وكذلك خط المياه الذي لبي الجانب الاكبر من الاحتياجات المائية بالاضافة إلي ترعة الحمام لتوصيل مياه الري اللازمة للتوسع الزراعي . ان ما قام به الكفراوي لصالح التعمير والتنمية في كل ربوع مصر بما في ذلك منطقة الساحل الشمالي دون تحميل موازنة الدولة اي اعباء يسجل له باعتباره كان الرائد الذي وضع بذرة تعمير هذه المنطقة من ارض الوطن.. انه صاحب هذا الانجاز رغم ما تعرض له من هجمات تتسم بالحقد وقصر النظر . ليس ادل علي هذه الحقيقة من تعالي الحديث والتصريحات وتوالي الاجتماعات الرسمية بعد هذه السنوات الطويلة وكلها تدور حول اقامة مجتمع حضاري متكامل مليوني التعداد بالساحل الشمالي تكون مدينة العلمين التاريخية عاصمة لها. ويقول الدكتور مصطفي مدبولي رئيس هيئة التخطيط العمراني انه سيتم توفير جميع المتطلبات لهذا التجمع بما في ذلك اقامة جامعة وان ذلك سوف يعتمد علي ما تزخر به المنطقة من امكانات متنوعة لم تكن ابدا متوافرة في كل المدن الجديدة الاخري. لقد سبق هذا التصريح اجتماع وزاري ُعقد برئاسة الدكتور احمد نظيف رئيس الوزراء لبحث هذا الامر من جميع جوانبه وهو ما يمكن اعتباره امتدادا لاجتماعات وخطوات اخري جري اتخاذها في وزارتي السياحة والاسكان والتعمير والمرافق لاعطاء دفعة لهذا الحلم. كم ارجو ان تكون الدولة واجهزتها صادقة في هذا التوجه الذي يتيح اذا ما خلصت النية في اقامة هذا المشروع المليوني . لقد اصبحنا في اشد الحاجة لهذه الخطوة التي ستساهم في حل جانب من مشاكلنا التي تعود الي قصور النمو الاجتماعي والاقتصادي ، هل يمكن ان يتحقق هذا الحلم.. ارجو ذلك.