أجمع خبراء التخطيط علي أن ممر التنمية يعتبر مشروعا قوميا لكنه قد يتحول إلي ورطة إذا لم تجر له الدراسات العلمية الدقيقة التي تشمل كل جوانبه خاصة أن النتائج الأولية للدراسات أكدت عدم وجود معوقات طبيعية تحول دون التنمية الشاملة في الصحراء الغربية، وأشارت الدراسات إلي امكانية البدء في تنمية المحاور العرضية الشمالية خصوصا محور الإسكندرية الذي يتمتع بثراء المقومات البشرية والطبيعية والامكانات الاقتصادية التي تكسبه قوة الدفع الذاتي وتؤهله لتوفير نحو 900 ألف فرصة عمل واستقطاب نحو 3،5 مليون نسمة للاستقرار في تجمعات عمرانية في نطاق هذه المحاور.. هذا وتؤكد الدراسات حسب تصريحات وزير التنمية الاقتصادية مؤخرا أهمية أعمال التطوير في ميناءي الإسكندرية والدخيلة التي ستؤدي إلي زيادة طاقتهما الاستيعابية من 60 مليون طن سنويا إلي 75 مليونا في عام 2012 مما يدعم حركة التجارة الخارجية في منطقة المحور.. فضلا عن أهمية تنمية المحاور العرضية الواقعة في الجنوب نظرا لدورها الفعال في دعم اقتصاديات مشروع توشكي وتنمية منطقة بحيرة ناصر وأبوسمبل وأهمية الامتداد الجنوبي ل "ممر التنمية" حتي مدينة أرقين علي الحدود المصرية السودانية في دعم العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين وفي السياق ذاته أشار خبراء التخطيط إلي ضرورة التركيز علي تنمية المحاور الأخري التي تحيط بالصحراء الغربية واستكمال مشروعات التنمية القائمة بالفعل بدلا من تكثيف الجهود لتنمية مكان واحد حتي وان كان يشغل حيزا كبيرا. الأمر الذي يتطلب سنوات طويلة لكي يتحول هذا المشروع إلي واقع ملموس دون الاستفادة من المشروعات التنموية الأخري الاستفادة الحقيقية. يؤيد د. أحمد الدرش وزير التخطيط ووزير الدولة للتعاون الدولي سابقا ضرورة أن يتكامل ذلك المشروع العمراني والتخطيطي الضخم مع غيره من مشروعات التنمية حيث يشرح من خلال عمله كوزير سابق للتخطيط والتعاون الدولي ما قام به من مجهودات في هذا الإطار وتعمير الساحل الشمالي وتطهيره من الألغام خاصة وأننا لا نستفيد من مساحات الأرض الشاسعة في الصحراء ونتحول بالاستثمارات إلي إقامة العقارات والفنادق والقري السياحية بدلا من تطهير الصحراء من الألغام. ويري د. أحمد الدرش أنه لكي ينجح المشروع القومي لتعمير الصحراء الغربية فإن الحل يكمن في الدعوة إلي عقد مؤتمر قومي عاجل تشارك فيه جميع الأجهزة والمؤسسات الموجودة بالدولة من مجتمع مدني رجال أعمال وممثلي الحكومة والشعب تحدد بناء عليه أولويات وخطط الحكومة واجبة التنفيذ لأنه لكي ينجح مشروع أو فكرة فإن ذلك يستلزم ضرورة الاتفاق علي ماهية المشروع وطبيعته مع تحديد أهدافنا من تحقيقه. وعلي عكس ما سبق فإن د. أبوزيد راجح رئيس المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء سابقا يؤكد صعوبة الحكم بالنجاح علي مشروع ضخم مثل مشروع ممر التنمية من خلال الدراسات المبدئية فقط.. فالأمر يفوق مجرد دراسات مبدئية أو تصور أولي لما سيحدث ولابد أن تشمل الدراسة التي تتناول مشروعا ضخما بهذا الحجم جميع النواحي الخاصة بالتنمية والخاصة بالسكان والانتشار السكاني وتلك المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية والبشرية المختلفة وفور الانتهاء من هذه الدراسة الشاملة والمتعمقة للمشروع سوف تتضح جدوي مشروع "ممر التنمية" أو "ممر الباز" كما يطلق عليه وامكانية تنفيذه وفوائده وكذلك ستتضح الصعاب والتحديات التي قد تعيق عملية التنمية بذلك الوادي الجديد. ويضيف د. راجح: ولنا في مشروع "توشكي" العبرة والعظة حيث اتجهنا لهذا المشروع بكل ما أوتينا من قوة قبل دراسته دراسة وافية شاملة عندئذ واجهنا مرارة التكلفة المادية المرتفعة للمشروع ونقص التمويل اللازم لاستكمال الخطط والطموحات الواعدة بالإضافة إلي ما اكتشفناه من أن العائد منه ليس سريعا وليس بالحجم الذي كنا نتوقعه الأمر الذي أدي إلي تعثر عملية التنمية هناك. مشيرا إلي أنه لكي نستطيع تقييم أي مشروع عظيم الفكرة وقوي الطرح كمشروع "ممر التنمية" فإنه لزاما علينا أن ننظر بتأن لامكاناته التنموية الظاهرة والباطنة ومدي تحويل هذه الامكانات إلي أنشطة صناعية وزراعية وتعدينية وسياحية وأيضا الرعويبة فضلا عن مدي ما ينفق عليه والعائد منه.