لن يؤثر استقلال جنوب السودان علي دولة واحدة فقط بل علي دولتين. فدولة جنوب السودان الجديدة ستواجه العديد من التحديات، لكن السودان سيكون في وضع مساو من حيث الضعف. وتقول هيئة الاذاعة البريطانية "بي بي سي" انه سيكون علي الحكومة في الشمال أن تدبر شئونها من دون عائدات نفط الجنوب وأن تواجه القتال المتواصل في اقليم دارفور إضافة إلي الاشتباكات التي اندلعت مؤخرا في جنوب كردفان، وربما تلك التي قد تندلع في أماكن أخري. وفضلا عن ذلك، فإن هوية السودان صارت قضية حامية النقاش ومثارا للقلق يراقبه العالم. وسيشكل انفصال الجنوب ضربة لاعتزاز الأشخاص الذين يعتزون بتمجيد "أكبر دولة افريقية" وللرئيس عمر البشير الذي سيحكم وسط خلافات. لكن المسئولين في حكومة البشير، مثل المتحدث باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم إبراهيم غندور، يصرون علي أن مكانة رئيس الجمهورية قد تعززت منذ أن تمكن من إنهاء الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب. ويعتقد غندور أن جنوب السودان يشكل أكبر مصدر قلق للحكومة السودانية وأن العلاقات المتوترة مع الدولة الجديدة تبدو أمرا لا مفر منه. وتضيف بي بي سي قائلة "لكن الصدمة التي سيتلقاها اقتصاد السودان ستكون مثار قلق كبير من دون شك". فلقد شهدت الخرطوم خلال العقد السابق ازدهارا اقتصاديا، لكن حوالي ثلاثة أرباع الانتاج النفطي يأتي من الجنوب.ووفقا لاتفاقية السلام الشامل الموقعة بين الجانبين عام 2005 كان الشمال والجنوب يتقاسمان عائدات النفط بالتساوي. ووفقا لحسابات الاقتصاديين في شمال السودان، فإن ميزانية البلاد ستفقد حوالي 36 في المائة من العائدات. لكن جزءا من هذه الأموال سيعوض عندما يوقع الجانبان اتفاقا بشأن القيمة التي سيدفعها الجنوب مقابل استخدام انابيب النفط والمصافي والموانيء الموجودة في الشمال. غير أن الجنيه السوداني بدا في الانخفاض بالفعل أمام الدولار مع اقتراب الاستقلال، كما أخذت احتياطات العملات الاجنبية في النضوب. وقد انعكس كل ذلك علي سوق الغذاء المحلي، حيث ارتفعت الأسعار. وبلغ سعر كيلو اللحم 20 جنيها بعد ان كان 12 جنيها وتضاعف سعر السكر.وسيحاول السودان الغاء ديونه الضخمة البالغة حوالي 39 مليار دولار ورفع العقوبات الأمريكية المفروضة عليه.لكن هذا الأمر سيعتمد علي تحسين علاقات السودان المتعثرة مع الدول الغربية بشكل كبير. ولن يحدث هذا إلا إذا غيرت الحكومة السودانية من أسلوب تعاملها مع المناطق التي ترفض سياساتها في الشمال. وكانت ولاية جنوب كردفان هي الجزء الأخير من البلاد مترامية الأطراف الذي يقع في دائرة العنف. وإضافة إلي ذلك، فإن الحرب في اقليم دارفور لا تزال مستمرة منذ عام 2003. وتأمل الحكومة السودانية في توقيع اتفاق مع مجموعة متمردة واحدة هي حركة التحرير والعدالة في وقت لاحق من الشهر الجاري، لكنها ليست من الفصائل القوية.