عندما ينقسم السودان الي شمال وجنوب في التاسع من الشهر الجاري فان عاصمة كل منهما ستكون مختلفة تماما بالفعل.تبدو الخرطوم في الشمال امنة ومنظمة لكنها تعج بالقلق بشأن ما سيحدث بعد انفصال الجنوب المنتج للنفط. وعلي بعد نحو 1200 كيلومتر تشيع في جوبا بالجنوب الفوضي وغياب القانون لكنها مفعمة بالتفاؤل ازاء مستقبلها. كان التناقض الحاد بين التنمية النسبية للشمال أو علي الاقل في مدنه وبين الجنوب الفقير أحد الاسباب التي دفعت متمردي الجنوب الي خوض حرب أهلية مع الخرطوم. وتبرز شوارع جوبا المتربة والتي تتناقض مع الطرق السريعة في الخرطوم المكونة من ثماني حارات والتي شقتها الصين مدي احتياج الجنوب حتي الان لجهود بناء أمة من الصفر.وتتولي جماعات مختلفة من المقاتلين السابقين مهمة حراسة الجنوب. وأغلب هؤلاء يفتقرون الي تدريب رسمي علي مهام الشرطة وعدم وجود مؤسسات قوية يعني أن سلطة الدولة تنتهي من حيث تبدأ ماسورة بندقية أي ضابط.يمنح الزي الرسمي الجديد للشرطة والسيارات الجديدة أيضا هذه القوة الشكل الخارجي للنظام لكن هذه الدولة المرتقبة ما زالت تفتقر للقوانين الواضحة. ويشعر الكثير من سكان الشمال بالتوتر بشأن الشرطة السرية الموجودة في كل مكان ويرفضون التحدث الي الشرطة عبر الهاتف. وعلي عكس الفوضي الموجودة في الجنوب يتمحور الخوف حول وجود مؤامرات أوسع نطاقا وحول السلطة الموجودة في أيد خفية.هناك عدد محدود للغاية من المباني التي تزيد في ارتفاعها عن الطابقين في جوبا والتي تتوسع مع تدفق مئات الالاف من سكان الجنوب من الشمال أو من الخارج.ويستعين العديد من الفنادق بالخيام أو المباني سابقة التجهيز بدلا من الاستثمار في مبان دائمة. ويطلق السكان علي مدينتهم "أكبر قرية في العالم" بعضهم من قبيل الافتخار بينما البعض الاخر من قبيل السخرية.وكثيرا ما يجري قطع الاجتماعات الحكومية نتيجة انقطاع الكهرباء. وتمد مولدات الكهرباء التي تعمل بالديزل المدينة بالكهرباء في ظل غياب أي شبكة تغطي البلاد.والمدينتان جديدتان نسبيا وترجع جذور الحاميات العسكرية والنقاط التجارية الي الجيش التركي المصري في القرن التاسع عشر. وفي كلا المدينتين اللغة العربية هي اللغة الموحدة التي تستخدمها جميع القبائل والمجموعات العرقية.والنفط هو شريان الحياة لكلا البلدين كما أن صناعات الطرفين متداخلة بشدة. وتوجد أغلب حقول النفط في الجنوب لكن كل الموانيء والمصافي وخطوط الانابيب تقريبا في الشمال.كما تواجه كلا المدينتيين شكاوي من الفساد المستشري.