بعد أشهر من الاحتجاجات التي وصلت للعاصمة أديس أبابا قدم رئيس الوزراء هيليماريام ديسالين استقالته وأعلنت حالة الطواريء في البلاد فيما اعتبره المحللون إنتصارا رمزيا لجماعتي أورومو وأمهرة اللتان قادتا المظاهرات المعارضة للحكومة متهمة أياها بتهميش واضطهاد أكبر جماعتين عرقيتين في البلاد. تأتي استقالة رئيس الوزراء نتيجة تفاقم الأوضاع الداخلية بعد أن أغلقت الطرق المؤدية لأوروميا التي يقطنها الأورومو والتي تعد أكثر المناطق المزدحمة بالسكان في أثيوبيا بالإضافة لفشل قرار الإفراج عن زعماء من المعارضة في تهدئة الأوضاع المشتعلة داخل الائتلاف الحاكم وفي الشوارع. بدأت الأورومو الأحتجاجات في اثيوبيا منذ ديسمبر عام 2015 ولم تفلح حالة الطواريء التي امتدت 10 اشهر في السيطرة علي المتظاهرين مما أدي لوقوع أعمال عنف قتل علي أثرها المئات واعتقل عشرات الآلاف من قبل السلطات. ووعدت الحكومة بإصلاح سياساتها ولكن وصل الأمر لحد التهديد بنشوب حرب عرقية جديدة في اثيوبيا مما دفع رئيس الوزراء للإستقالة. واتهمت الحكومة بانتهاكات حقوق الإنسان وانعدام الحريات، ولكنها كانت تراهن علي خطتها للتنمية الحضرية في العاصمة. واشتكي الناشطون من أن التوسع والتنمية التي تقرها الحكومة تبتلع أراضض وبلدات أوروميا. وكانت أسباب أمهرة للاحتجاج متشابهة. وطالبوا باحترام أكبر لحقوق الإنسان والديمقراطية. ودعوا إلي مزيد من الاستثمار الاقتصادي في منطقة أمهرة لخلق فرص عمل . وقد أعربوا عن غضبهم إزاء اقتصاد سياسي غير عادل يستفيد منه أنصار النظام. وفي اكتوبر الماضي، خفضت اثيوبيا عملتها بنسبة 15 % في محاولة لتعزيز قدرتها التنافسية للصادرات، لكن هناك نقص في النقد الاجنبي مما ادي الي تباطؤ النمو الاقتصادي. وقد اطلقت اثيوبيا سراح بيكيل جيربا احد أكبر زعماء المعارضة ورفضت جميع التهم الموجهة اليه بعد ان اوقف المتظاهرون الطرق ونظموا مظاهرات احتجاجية في عدة مدن. وكان اعتقل في ديسمبر 2015 بعد اندلاع احتجاجات جماهيرية في منطقة أوروميا واتهام الحكومة بإجبار المزارعين علي بيع أراضيهم بتعويض ضئيل.وقد احتجز في البداية بتهم تتعلق بالإرهاب، ثم تحولت لتهم التحريض علي العنف قبل الافراج عنه .وقد أطلقت السلطات سراح ما يقرب من 6000 سجين منذ يناير الماضي معظمهم من الأشخاص الذين احتجزوا بتهمة تورطهم في الاضطرابات التي وقعت في أوروميا. كانت الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية وصلت إلي السلطة في عام 1991 كمجموعة متمردة أطاحت بالدكتاتور منجيستو هايلي مريم من المجلس العسكري. وحكم زعيم المتمردين ميليس زيناوي من جماعة تيجراي العرقية منذ عام 1995 حتي وفاته في عام 2012. وأدي ذلك إلي إعتبار أن العرق الذي يمثل 6% من السكان، أستولي علي السلطة في دولة يبلغ تعدادها أكثر من 100 مليون نسمة. ونجح في تهميش أكبر عرقيتين موجودتين وهما الاورمو والأمهرة حيث يمثل الأورومو 35% من السكان ومعظهم مسلمين وهم العرقية الأكبر والذين ينادون بأن يكون رئيس الوزراء القادم منهم . يليهم الامهرة الذين يمثلون 27% من السكان. ويبقي الامر مرهونا بقدرة الائتلاف الحاكم علي استيعاب غضب الشعب وإلا ستغرق أثيوبيا مجددا في متاهات لا يعرف أحد أين ومتي ستنتهي.