كل عام ومع اقتراب ذكري معجزة الإسراء والمعراج، نتذكر حديث المشككين المتكرر عن استحالة حدوثها، وينبري المسلمون لتقديم جميع الأدلة علي حدوث هذه المعجزة استنادا إلي ما وصل إليه العلم الحديث من حقائق تزيد من تأكيد إمكانية حدوث هذه المعجزة. والحقيقة ان حملات التشكيك المستمرة في الإسلام منذ قرون اتخذت من واقعة الاسراء والمعراج محطة مهمة لتأكيد هذا الإنكار لكون الإسلام هو دين سماوي بل وخاتم الأديان والدين الحق عند الله عز وجل.. وفي المقابل يكافح المسلمون بإصرار دفاعا عن دينهم من خلال الرد علي دعاوي المشككين بكل الادلة المتوافرة والمعترف بها، والواقع ان هناك صفة لمعجزات الإسراء والمعراج تنفرد بها عن سائر معجزات الانبياء، فكل المعجزات شاهدها البشر وتناقلتها الأخبار، ولكن معجزتنا لم يرها أحد بل حكي عنها رسولنا الكريم وقدم الأدلة القاطعة علي حدوثها، ولكن هل ينكر المشككون حقا حدوث المعجزة في ذاتها؟ وهل المسلمون محقون في الدفاع عن حدوث هذه المعجزة؟ المجادلون في معجزة الإسراء والمعراج صنفان: الأول: هم الماديون وهؤلاء يرفضون فكرة المعجزة الخارقة لقوانين الطبيعة في ذاتها، يرفضونها لكل الاديان لأنهم لايعترفون اصلا بالأديان، لذلك لاجدوي من الجدل معهم إلا في اطار العلم وفي اضيق نطاق وعلماء المسلمين هم المنوط بهم الرد عليهم، والرد في معجزة الاسراء قد يستفيد من الاكتشاف المذهل للدكتور أحمد زويل لنظرية الفيمتو ثانية التي توضح أن حدثا ما قد يحدث في زمن متناهي الضآلة، ولكنهم لن يفهموا تدخل القدرة الإلهية في هذا الحدث. الثاني: وهم الاخطر لأنهم لاينكرون المعجزات ولكنهم ينكرونها علي سيدنا محمد »صلي الله عليه وسلم«.. فهم لايجادلون في معجزة عدم احتراق سيدنا إبراهيم »عليه السلام« في النار، أو شق البحر لسيدنا موسي »عليه السلام«، أو نقل عرش بلقيس من اليمن في لمح البصر في حضور سيدنا سليمان »عليه السلام«، أو إحياء عيسي »عليه السلام« للموتي.. هم لا ينكرون حدوث المعجزات ولكن ينكرون أن تحدث لسيدنا محمد »صلي الله عليه وسلم« لانه كما يرون ليس بنبي، فكيف تحدث له هذه المعجزة الخارقة، فيجب أن تكون هذه المعجزة في كل عصر كاشفة لأمثالهم لتنقية الإسلام منهم.. علينا إذن: أن نتسامي عن الرد علي المتشككين لأننا ندافع عن نبوة سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم). ألا نحاول إخضاع هذه المعجزة لمكتشفات العلم الحديث لأنها أساسا خارقة لقوانين الحياة البشرية ورلا ما كانت معجزة.. لذلك فلا مجال للحديث عن الإعجاز العلمي في الإسراء والمعراج لأنها واقعة خارج نطاق العلم، سواء علم زمن حدوثها أو علم الإنسان إلي ان تقوم الساعة، أما الإعجاز العلمي ففي كشف القرآن الكريم لحقائق العلم التي لايزال يكتشفها البشر تباعا بجهد جهيد.