ربنا يصبّرها ويقدّرها ويبرّد حرقة قلبها، حزينة عليه لا يُكفْكَف لها دمع، القاضية مروة بنت الشهيد النائب العام المستشار هشام بركات، توجع قلبي كل صباح وأحياناً قبل المنام، تقطع نياط قلبي، تنتحب، والثواني جمرات في دمها. قلب بنت الشهيد موجوع، تقتات الوجع، مذبوح من الألم، ويحن بكاء للشهداء، وتعيش حالة استشهاد، ولا تري فيما تري سوي شهداء في طريقهم إلي الجنة، تلمح وجه أبيها راضيا مرضيا فتبتسم من ع الشفايف، تنام راضية بالمكتوب، والمكتوب علي الجبين لازم تشوفه العين. من جرّب طعم الشهادة، من يتّم بعد عز، من فقد الظهر والسند، من يعيش علي الذكري، ويقوم في انصاص الليالي يتملي في صورة الشهيد يبكيه وينام محزوناً بعد أن يطبع قبلة علي محيّاه وتصبح علي خير يا حبة عيني، وصحت مروة يوماً لتمسك القلم وتكتب سطوراً في معني الشهيد. شهيد يعني شخص قرر يستغني عن كل حاجة عشان بلده. شهيد يعني عيلة بحالها عايشة بتتوجع كل ثانية علي فراق الغاليين. شهيد يعني أم مابتنامش الليل وأب قلبه محروق واخوات حياتهم فاضية من غير الأخ. شهيد يعني أب وأم ربوا وكبروا وشافوا ابنهم راجل ادامهم بيضحي بدمه عشان البلد وراضيين ومش متذمرين. شهيد يعني زوجة بطلة سابها بطلها تكافح وتكمل المشوار من غيره، عايشة حياتها علي سيرته وبطولته. شهيد يعني بنته اللي كان هو أبوها وأخوها وحبيبها وصديقها وحياتها.. ضهرها اللي كان شايلها وهو حاميها. شهيد يعني أولاد ماشافوش ابوهم، أولاد سابهم وهما لسه صغيرين، أولاد محتاجين أبوهم محتاجين السند والضهر. شهيد يعني بطل بيفدي البلد بناسها ولسه جندي مجهول فيه كتير مايعرفهوش. شهيد يعني لسه فيه ناس مش فاهمه يعني إيه إنسان بيموت علشانهم وحامي حدودهم. كلمة شهيد... كلمة تقيلة لها وزنها وآن أوان نفهم وندرك معناها ونفهم إن اللي بيموتوا وبيفدوا مصر دول مش مجرد أرقام في قايمة نشوفها ونقول الله يرحمهم، لأ.. دي كلمة معناها أن لولا الشهدا دول ماكنش بقي فيه مصر.. قلتها لما استشهد والدي. مصر ليها كتير بس أنا مكنش ليا غيره.. فعلا مكنش ليا غيره ومصر كمان ملهاش غير رجالتها. ولاد بلدك رجال شعور بالفخر والقوة مقترن بوفاة القلب كون إني بنت البطل الشهيد. كل التحية إلي روح والدي البطل وكل شهيد في بطن الأرض حي مازال يعلمنا كيف نحب الوطن.
