»الأخبار» قامت بجولة لاكتشاف الإنجاز بمشروع تطوير منطقة العسال الذي يستهدف تطوير 450 عقار بواقع 2500 أسرة مستفيدة تقريباً، ورصد أعمال المرحلة الرابعة التي يتم تنفيذها حالياً ولقاء أهالي العقارات التي تم تطويرها. بدأت جولتنا من شارع أحمد بدوي بمنطقة شبرا وأمام عزبة جرجس استقبلنا المهندس إيهاب يعقوب سكرتير عام حي شبرا، لدخول المنطقة التي يسيطر عليها الهدوء، لكن بمجرد أن دخلنا من شارع الباجوري الذي يضم سوقا للخضار والفاكهة ومنه إلي حارة »محمد جاد» بدأت العقارات الجديدة بألوانها المشرقة مثل قوس قزح تسطع وسط العقارات القديمة المتردية التي يغلب عليها اللونان الرمادي والأسود، كما تحولت المنطقة إلي خلية نحل للعمال لإنجاز المرحلة الرابعة من مشروع تطوير المنطقة وتسليم العقارات إلي ساكنيها ليلحقوا بمن سبقوهم في المراحل الثلاث السابقة. فرحة العمر استقبلتنا الحاجة مسعدة التي تجاوز عمرها 80 عاما، وترك الزمن علي وجهها بصماته بابتسامة وكلمات الترحيب التي ظلت ترددها لنا وكانت خير دليل علي سعادتها ورضائها عن الشقة التي قامت باستلامها ضمن المرحلة الثالثة في تطوير منطقة العسال بشبرا، وتقول: قضيت سنوات عمري بأكملها في حجرة واحدة كانت هي منزلي الذي تزوجت بها وعشت أنا وزوجي وابني الوحيد كرم،عانيت كثيرا خلال سنوات عمري من ضيق المساحة الصغيرة للشقة وحاول زوجي كثيرا شراء شقة أخري لنا ولكن ارتفاع أسعار العقارات كل عام كان يصعب الأمر علينا في الحصول علي شقة جديدة نستطيع ان نحيا فيها حياة آدمية خاصة أنه أرزقي »علي باب الله». وبنفس نبرة السعادة التي رنت في كلماتها تضيف الحاجة مسعدة: »فقدت بصري منذ عدة سنوات، وأواجه صعوبة في حصولي علي علاج خاصة بعد وفاة زوجي، ليصبح كل ما نملك أنا وابني هو معاش التضامن الاجتماعي نظرا لظروف ابني الصحية وكونه معاقا، ورغم ذلك لم يبعد عن ذهني حلم »البيت الجديد ولكني كنت أعلم أن الظروف لن تمنحني فرصة تحقيق الحلم الذي لطالما لم أطلب سواه ليحيا ابني حياة كريمة». وتستكمل قصتها قائلة: »عندما أخبرنا المسئولون بأن العقار الذي نسكن به سيدخل ضمن مراحل التطوير لم أصدق ووقع الخبر علي أذني كأن دعائي أخيرا تحقيق وليكتب الله لي أن أحصل علي حلم العمر لأقضي آخر سنوات عمري بها ». و تضيف الحاجة مسعدة: »استلمنا المنزل الجديد منذ عدة أشهر وبسبب أنني كفيفة طلبت من ابني كرم أن يصف لي كل شبر فيها وبالفعل أصبحت أشعر وكأني أراها، ولا أستطيع التعبير عما بداخلي من فرحة وأود أن أشكر سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي والمسئولين عما يفعلونه لنا ودعائي لهم دائما ربنا يبارك فيكم وفي تعبكم » حياة آدمية انتقلنا إلي أسر أخري استفادت من التطوير وحصلت علي شقق جديدة، تقول جميانا عدلي صاحبة المنزل: »ربنا يبارك في الرئيس والمسئولين في اللي عملوها لينا، فهناك فارق كبير بين الحياة التي كنا نعيشها وبين معيشتنا الآن ولا يوجد وجه مقارنة». وتضيف: »يكفيني أن أقول إن قمة فرحتي أنه أصبح لدي أسرتي حمام خاص بعدما كنا نستخدم طوال السنوات الماضية حماما مشتركا مع باقي الجيران في صورة أقل ما توصف به بأنها غير آدمية،فأنا أم لبنت وولدين وكنت أتمني طوال حياتي أن أقوم بتربيتهم أنا ووالدهم أحسن تربية وفي منزل أفضل من منزلنا السابق بكثير من أجل مستقبلهم». وتستكمل: » شقتي القديمة عبارة عن حجرتين صغيرتين وكان أبنائي جميعا ينامون في حجرة واحدة ومساحة المطبخ كانت لا تذكر،لذا عندما أخبرونا بأنه سيتم نقلنا في منزل جديد من أجل التطوير كانت سعادتنا غامرة وفرحتنا لا توصف أنا وزوجي وأبنائي وما جعلنا نشعر بارتياح أكثر أنهم يقومون بتسكين العقار بنفس الجيران القدامي لذا فالعقار كامل أسكنه أنا وأقاربنا». وقالت: »تغيرت معالم منطقة العسال كثيرا فالألوان المبهجة التي تم طلاء العقارات بها غيرت ملامح المنطقة للأفضل وجعلتنا نشعر بأننا نسكن في مكان لا يقل عن المناطق السكنية الراقية». فضل ونعمة » الحمد لله فضل ونعمة».. هكذا جاوبت الحاجة هدي عبد الخالق التي تجاوز عمرها 65 عاماً عند سؤالها عن منزلها الجديد، وقالت: »البيت القديم كان هيقع فوق راسنا وكان حالته سيئة جداً والحمد لله بعد ما استلمنا البيت الجديد حياتنا بقت احسن وعيشتنا بقت آمنة ». وأضافت: » انها تسكن مع زوجها سيد علي في حجرة بحمام واستلم ابني حجرة بمفرده ليعيش فيها ويتزوج بها ». ويقول مصطفي أبو القاسم: » سلالم البيت كانت خشب والرطوبة والمياه بوظتها لكن العقارات الجديدة كلها بالطوب ومتشطبة كويس »، وأضاف: »استلمنا حماما ومطبخا مستقلا بالاضافة الي حجرات النوم وقبل ذلك كان الحمام مشتركا مع الجيران». مراحل التطوير من جانبة أكد المهندس محمد فؤاد رئيس حي شبرا أن مشروع تطوير منطقة العسال أحدث نقلة إيجابية للواحدات السكنية التي يقطنها المواطنون، وأشار إلي أن العقارات التي تم تطويرها كانت لا تراعي المعايير الانسانية في السكن وتهدد حياة ساكنيها. وأضاف أن الوحدات المستهدف تطويرها 450 منزلا تقريباً ضمن مشروع تطوير عزبة جرجس والعسال وورشة سمعان، تم الانتهاء من 3 مراحل بإجمالي 91 منزلا تخدم أكتر من 500 أسرة وأنه تم مراعاة في تسليم الوحدات أن كل شخص يستلم نفس مساحة الشقة او الحجرة التي كان يعيش بها ولكن بشكل آدمي. وأوضح أنه تم تطوير 13 عقارا في المرحلة الأولي و28 عقارا بالمرحلة الثانية و50 عقارا بالمرحلة الثالثة وجميعها تم تسليمها للمواطنين وتسكينهم، وأشار إلي ان المرحلة الرابعة التي يتم تنفيذها حالياً تضم 70 عقارا بتمويل من صندوق تحيا مصر وتنفيذ شركة المقاولون العرب،وتم الانتهاء من 38 عقارا يتم تسليمها لما يقرب من22 أسرة، ومتبق 32 عقارا جار تنفيذ أعمال الإنشاءات وبعضها في مراحل التشطيب الأخيرة. وأضاف أن المرحلة الرابعة قد يزداد عدد العقارات التي يتم تطويرها نتيجه تأثر بعض المنازل المجاورة أثناء تنفيذ أعمال هدم المنازل المستهدفة، وأشار إلي ان جميع المنازل المجاورة التي تأثرت بسبب الأعمال الإنشاءات سيتم ضمها لمشروع التطوير، بالاضافة الي انشاء سوق تجاري بالمنطقة لنقل البائعين الجائلين داخله لحل ازمة العشوائية والفوضي بالمنطقة. وأكد د.حمدي عرفة خبير الإدارة المحلية واستشاري تطوير المناطق العشوائية ان الدولة تتخذ خطوات جيدة في مشروعات الإسكان والقضاء علي العشوائيات التي تعد قضية قومية، وأشار إلي ان سكان العشوائيات فئة يتطلب من الدولة ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص التكاتف من أجل توفير حياة جيدة لهم ولحل تلك الظاهرة. وأضاف انه مطلوب رصد لكافة العشوائيات وتطويرها فيما يقرب من 4آلاف و726 قرية و30 ألف عزبة ونجع و78 حيا 184 مركزا علي مستوي المحافظات، وأشار إلي أن عدد ساكني المناطق العشوائية يصل إلي 25 مليونا و840 ألف نسمة تقريباً موزعين علي أكثر من 3 آلاف منطقة عشوائية يعاني ساكنها من العديد من المشاكل الصحية والاجتماعية. التأهيل الاجتماعي وحول النصائح الاجتماعية والنفسية اللازمة لتأهيل الأهالي للحفاظ علي التطوير الذي تم تنفيذه،يؤكد د.يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة أن عملية تغيير او تطوير البئية التي يسكنها الانسان أمر يحتاج الي الممارسة الفعلية وتقديم تسهيلات لهؤلاء المواطنين حتي يتمكنوا من استيعاب والتأقلم مع البيئة الجديدة الذين انتقلوا اليها والحفاظ عليها حتي لا يفرضون ثقافتهم العشوائية علي المنطقة من جديد ويعانون من التلوث والاهمال وسوء سلوك. وأضاف أنه يوجد ضرورة لمتابعة سلوكيات المواطنين وذلك من خلال عدة طرق أبرزها وضع صناديق القمامة أمام العقارات ليعتادوا علي استخدامها بدلا من إلقاء القمامة في الشارع،و ضرورة وجود رصيف نظيف يجبر السكان علي الحفاظ عليه. وشدد علي ضرورة قيام أخصائيين اجتماعيين بزيارات مستمرة للسكان من أجل تقديم الاستشارات لهم وهذا دور وزارة الشئون الاجتماعية لتعريفهم بضرورة التوعية الصحية للأبناء أو يمكن تقديم مثل هذه الاستشارات في المراكز الطبية كما كان هذا الأمر مطبقا في السابق، حيث كان يتوفر في الوحدة الصحية طبيب نفسي وباطنة واجتماعي وغيرها من التخصصات، وأشار إلي انه لا يمكن أن نغفل ضرورة توفير مراكز محو الأمية في محيط هذه المناطق السكنية لأن التعليم هو أهم أسس تغيير هذا السلوك الانساني.