وزير قطاع الأعمال يبحث فرص الشراكة مع 25 شركة صينية للغزل والنسيج    البورصات الأوروبية تغلق على ارتفاع بعد اتفاق خفض الرسوم بين أمريكا والصين    نتنياهو يتحدث هاتفيا مع ترامب ويعلن توجه وفد إلى قطر غدا الثلاثاء    برلين: ميرتس سيحضر حفل تنصيب البابا ليو الرابع عشر في روما    ريال مدريد يعلن إصابة فينيسيوس    نيجيريا تُقصي السنغال من أمم إفريقيا للشباب وتحجز بطاقة التأهل للمونديال    مصرع شاب دهسه لودر في حادث سير بالوادي الجديد    مصرع شخص وإصابة 2 آخرين دهسا تحت عجلات قطار في بنها    طلاب بنها يزورون مجلس النواب لتعزيز الوعي السياسي (صور)    عون وعباس والشرع في السعودية خلال زيارة ترامب.. ماذا سيوضع على الطاولة؟    الروماني إيستفان كوفاتش حكماً لنهائي دوري أبطال أوروبا    محافظ الدقهلية يكشف تلاعب فى أسواناط الغاز ويحيل المتسببين للنيابة    «تلاعب في العدادات وخلطات سامة».. 5 نصائح لحماية سيارتك من «غش البنزين»    معاش المصريين العاملين بالخارج 2025: الشروط والمستندات وطريقة الاشتراك    جدول امتحانات الصف الثاني الإعدادي الفصل الدراسي الثاني 2025 في المنوفية    تأجيل إعادة محاكمة 5 متهمين ب"الخلية الإعلامية" لجلسة 10 يونيو    بدء برنامج المراجعات النهائية بالمساجد لطلاب الشهادة الإعدادية بالوادي الجديد    أبرزها أفضل ممثل وعمل غنائي.. جامعة سيناء تحصد 5 جوائز من مهرجان إبداع 13    وزيرا الثقافة والخارجية يبحثان دور القوة الناعمة في دعم علاقات مصر الدولية    شهادات نجوم الفن.. هل تنهي أزمة بوسي شلبي وأبناء الساحر؟| فيديو    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    عالم أزهري: تعلُّق القلوب بالله هو النجاة في الأزمات    الصحة: إطلاق الخطة العاجلة للسكان والتنمية وبرنامج الوقاية من التقزم وسوء التغذية والمرصد الوطني السكاني    يُسلط الضوء على المواهب الصاعدة.. الكشف عن الشعار الرسمي لكأس العالم تحت 17 سنة    نيابة كفرالشيخ تحبس تيكتوكر 4 أيام على ذمة التحقيق    قافلة طبية مجانية تجرى الكشف على 1640 مواطنًا بنزلة باقور بأسيوط    الأمم المتحدة: 470 ألف شخص يواجهون جوعاً كارثياً في غزة    مستقبل وطن: زيادة تحويلات المصريين بالخارج تؤكد نجاح الإصلاحات الاقتصادية    تفاصيل الحملة القومية الأولى ضد مرض الحمى القلاعية وحمى الوادى المتصدعة أسوان    قائد الوداد: سنلعب في كأس العالم للأندية دون خوف.. ونريد تشريف المغرب    فان دايك: أنا ومحمد صلاح كنا في موقف أرنولد.. وعلى الجميع أن يحترم قراره    اعتماد أوروبي لقصر العيني كمركز متخصص في رعاية مرضى قصور القلب    جدل في واشنطن حول نية ترامب قبول طائرة فاخرة هدية من قطر    وزير الأوقاف: شيخ الأزهر الإمام الشيخ حسن العطار شخصية مصرية جديرة بعشرات الدراسات    إعلام عبرى: قوات من الجيش ودبابات وناقلات جند تمركزت قرب نقطة تسليم عيدان    أحمد زايد: تطوير الأداء بمكتبة الإسكندرية لمواكبة تحديات الذكاء الاصطناعى    ب9 عروض مجانية.. «ثقافة الشرقية» تستضيف المهرجان الإقليمي الختامي لشرائح المسرح    أشرف العربى إطلاق تقرير "حالة التنمية في مصر" 18 مايو بشراكة مع "الإسكوا"    فانتازي.. ارتفاع سعر لاعب مانشستر سيتي    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    عاجل.. الأرصاد تحذر من موجة حارة جديدة في هذا الموعد    رسميًّا.. 30 فرصة عمل في شركة مقاولات بالسعودية -تفاصيل    موعد تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالقاهرة الجديدة    استمرار حملة "تأمين شامل لجيل آمن" للتعريف بالمنظومة الصحية الجديدة بأسوان    مجلس الوزراء يستعرض جهود الدولة لتوطين صناعة الدواء.. مصر تخطو بثبات نحو الاكتفاء الذاتي من الدواء وتصدر لأكثر من 147 دولة.. 180 مستحضرًا و129 مادة فعالة.. وتحقيق وفر بمئات الملايين.. إنفو جراف    مصادر: بورصة مصر تبحث قيد فاليو الأربعاء المقبل    توافق على تسهيل دخول اللبنانيين إلى الكويت وعودة الكويتيين للبنان    سقوط المتهم بالنصب على راغبي السفر ب«عقود وهمية»    عاجل- رئيس الوزراء يتابع ملفات الاتصالات.. ومبادرة "الرواد الرقميون" في صدارة المشهد    هل يجوز للحامل والمرضع أداء فريضة الحج؟    براتب يصل ل 500 دينار.. 45 فرصة عمل بالأردن في شركات زراعية وغذائية وصناعات خشبية (قدم الآن)    البنك الأهلي يرغب في ضم كريم نيدفيد    انطلاق فعاليات الدورة التدريبية الرابعة بجامعة القاهرة لأئمة وواعظات الأوقاف    رئيس «دي إتش إل» يتوقع استفادة من التوترات التجارية بين واشنطن وبكين    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    أمام العروبة.. الهلال يبحث عن انتصاره الثاني مع الشلهوب    بدائل الثانوية العامة 2025..تعرف على مميزات الدراسة بمدرسة الكترو مصر للتكنولوجيا التطبيقية    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



و مازالت العشوائيات تتحدى
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 03 - 2014

وكأنما أرادت لنفسها أن تكون التحدى الأكبر الذى يواجه الحكومات المتعاقبة.. وللاسف فانه فى كل المعارك تخرج العشوائيات منتصرة وترفض اعلان استسلامها أبدا .. بل على العكس تتمادى فى التحدى فيمتد سرطان العشوائيات ويتغلغل.
حتى أصبحت دويلة داخل الدولة "تحقيقات الأهرام "تفتح الملف الحديث القديم ، ونعرض نموذجا صارخا من قلب العاصمة لاحدى المناطق العشوائية معبرة عن الأوضاع المتردية للبشر والمكان على حد سواء ,مع تقديم اقتراحات الخبراء لكيفية التصدى لتفاقم المشكلة ,وتوجهنا بدورنا للمسئولين لنتعرف على ما أعدته الحكومة الجديدة من خطة دفاعية للمواجهة، خاصة بعد أن أعلن المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء مؤخرا أن هناك أكثر من 4 ملايين من سكان القاهرة الكبرى وحدها يقطنون العشوائيات.
عزبة العسال: «مقبرة» كبيرة
تحقيق:محمد القزاز:
" تصوير تانى، تلاتين مرة صورتوا ومشفناش حاجة" تستقبلك هذه الجملة حين تدخل عزبة العسال بشبرا، وتعكس كم الإحباط الذى سيطر على أهالى أقدم عشوائية فى مصر..تبددت أحلامهم بعد أشهر من الإعلان عن بدء التطوير، فما تم تطويره لم يدم طويلا، طلاء من الخارج، وضيق من الداخل، فمن كان يسكن فى حجرة ضيقة لا تسع بالكاد سريرا، أضيف إليها حمام ليزداد المكان ضيقا، تتسرب مياهه على الساكنين أسفله، وتعصف بالتطوير الذى تم.
لم تتوقف الحكايات عن الفقر والجهل والأمية، الثلاثية القاتلة، لم يشعر الناس بشىء، بل زادوا إحباطا بعد وعود بالتطوير، فأطلقوا العنان لأحلامهم، وانتظروا أن يتغير وضعهم، ويشعروا بآدميتهم، فلم يجدوا من ذلك شيئا.
65 مليونا حجم ما أعلن عن رصده لتطوير العزبة، من صندوق دعم مصر ( 30/6 30/6) خلال أربع سنوات هى عمر مشروع التطوير.
لم يختلف حال سكان من تم تطوير منازلهم عمن هم فى انتظار التطوير، شهوار سيد فرغلى تقول إنها تركت المنزل منذ ثلاثة أشهر، وهم فى العراء الآن، ولم يعد الاحتمال ممكنا حتى نعود لمسكننا مرة أخرى، فالمكان الذى لا تتعدى مساحته 81 مترا يسكنه 40 فردا، وحين طالبنا بمكان بديل لم يكن هناك رد سوى خيمة فى منطقة أحمد حلمى.
فى حارة سليمان شحاته، تمت إزالة ثلاثة منازل وحتى الآن لم يتم بناء غيرها، علما - كما يقول أيمن أحد المشرفين على المشروع -أن التطوير يتم بنفس المساحات التى كانت موجودة دون نقص أو زيادة إضافة إلى إنشاء دورة مياه فى كل حجرة بدلا من المشتركة.
المنطقة التى يقطنها نحو 40 ألف نسمة وتضم مئات المنازل، كلها آيلة للسقوط، يقول نصر كامل عباس، كنا نتمنى أن يتم التطوير بنظام وأن يشمل كل شارع على حدة وليس منازل منتقاة، ففى شارع محمد عبدالوهاب تمت إزالة أربعة منازل لا تتعدى مساحتها مائتى متر، وهم يشترطون أن يكون البناء بنفس المساحة دون زيادة، فحتى الآن هناك 10 منازل تمت إزالتها ويقومون ببنائها من جديد ولا زيادة فى الادوار أو المساحات، وهم يطالبون بارتفاع المبنى وبدلا من حجرة تكون شقة، والمشروع معرض للفشل نتيجة عدم تعاون الحى مع الصندوق، والشكوى من البطء، كذلك حين يتم إخلاء المنازل لا نجد بديلا غير العراء.
أمام المنازل التى تمت إزالتها يأتيك صوتها مكسورا، "يااستاذ إحنا عايشين فى سراديب" تأخذك منى خليفة 40 سنة إلى ما يشبه اللحد، وتشير بيدها إلى غرفة لا تتعدى عشرة أمتار" هذا المكان نعيش 8 أفراد ثلاثة أخوة و4 أولاد، بعد ما تركت زوجى" ثم تشير مرة أخرى إلى ماسورة صرف" مفيش يوم يعدى إلا ونلاقى الصرف الصحى داخل علينا الغرفة"
بجوار منى، تجلس امرأتان يعيشون فى هذه اللحود، يدعونك لرؤيتها ثم يرجونك أن تناشد المسئولين ألا نترك المكان، سوسنا منصور شراينى" عاوزة أبقى جنب كنيسة أرمانطوس" بينما ليندا عوض المرأة السبعينية لا تقوى على الكلام ، ترجو منك النظر إلى القبر الذى تسكنه، فلا تقوى على رؤيته، من كم الروائح المنبعثة منه والظلام الذى يسكن جنباته.
إذن لا جديد فى حياة سكان عشوائية عزبة العسال، فمن لم يتم تطوير منزله، يعيش فى قبور، ويتعايش مع مياه الصرف الصحى وروائحها، ومن تم التطوير له لم يشعر بجديد، فحارة عبدالدايم بعزبة الصفيح التى تلاصق عزبة العسال وجرى تطويرها وافتتحها محافظ القاهرة د. جلال سعيد منذ شهر، لم يشعر أهلها بتحسن أحوالها، بل إن التطوير كان نقمة عليهم، فأصبحت الحمامات فى الأدوار العليا تتسرب منها الماء على الحوائط والأسقف الخشبية، وأصبحوا يدفعون إيصالات مياه شهرية بدون عدادات، لكل حجرة 52 جنيها، ومن قام ببناء غرفة تم توقيع غرامة عليه 5 آلاف جنيه.
تقول إحدى السيدات، لم نستفد من التطوير فى شىء، بل أصبحت الحجرة أشد ضيقا مما قبل بعد إدخال دورة المياه فيها، بل أن الماء يتسرب الى الغرفة من دورة المياه التى تعلو الحجرة ، كنا نحلم بالتطوير لنعيش فى مكان أوسع، " يا تطوير حقيقى ياتسيبونا فى حالنا" قالتها إحدى السيدات
للتطوير وجوه كثيرة
لم يشعر أهالى عزبة العسال بالتطوير، هذه حقيقة، ولكن دكتورة منى زكريا المشرفة على مشروع التطوير لها رأى آخر، إذ تقول: لم ير أحد الاماكن التى كانوا يقطنونها من قبل، وكيف كان حالهم، ومن يريد أن يعرف الحقيقة عليه أن ينظر إلى المنازل المجاورة ليعرف ما بذل من جهد وعرق للارتقاء بمعيشة هؤلاء المواطنين .
وبحسب د. منى زكريا فإن معظم السكان يقدمون مبررات عديدة ومطالبهم فوق الاحتمال، فالمنازل لم يكن فيها ماء أو صرف صحى، ودورة مياه مشتركة وحين انتهينا وجدنا أنهم يسعون لبناء غرف جديدة وخرجت الاموال التى تحججوا بأنهم لا يملكون فى هذه الدنيا شيئا. وتضيف أن التنمية الحقيقة ليس تطوير مكان بل تنمية بشر وإيجاد سبل معيشة وتوفيرفرص عمل، بمعنى تنمية حقيقية على الأرض بكل مستوياتها، فمستوى التعليم والجهل جعل الناس لا يقبلون بأى شىء، بل يطمعون فى المزيد، ، فهناك من تم البناء لهم وفوجئنا بان بعضهم يتزوج على زوجته ويبنى حجرة أخرى لزوجته الجديدة، هذا هو السبب وراء التمسك بتحديد المساحات والأدوار وعدم زيادتها، لأن التجربة علمتنا ،فبسبب الاهمال عادت المنازل الى شكلها العشوائى القديم ، وتسرب المياه الذى يشكون منه يرجع الى أنهم قاموا بهدم بعض الأساسات لبناء حجرات أخرى، ليس لهم بل لتأجيرها، كما ان مطالب البعض بشقق فى أماكن مختلفة،الهدف منه التربح وبيعها للاخرين والعودة الى منطقتهم مرة اخرى نظرا لارتباطهم بها بسبب أعمالهم وعلاقاتهم الاجتماعية بجيرانهم. وتضرب د. منى زكريا مثالا على ذلك بمدينة السلام بأنه تم تخطيطها تخطيطا رائعا، وفيها كل المرافق من ماء وكهرباء وغاز طبيعى، ولكن لأننا أهملنا العنصر البشرى فيها وتنميته التنمية الصحية وتركنا الجهل والبلطجية وتجار المخدرات، أصبحت المدينةالمكان الأكثر للمخدرات وشتى أنواع الجريمة.
وفى النهاية تبقى كلمة اخيرة وهى عدم الوصول الى نقطة التقاء فيما بين مطالب سكان العشوائيات وخطط المسئولين فكلاهما يقف على طرفى النقيض من الاخر .. تر ى ماهو الحل ؟!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.