ما سبب وجود الرعاة في المذود اثناء ميلاد السيد المسيح؟ جميعنا يعلم بأن لحظة ميلاد ملك أو أمير يتم دعوة الشخصيات الهامة والمميزة وصفوة المجتمع لحضور هذه المناسبة، ولكننا هنا أمام الطفل يسوع ملك الملوك الذي أراد أن يولد في مذود فقير وحوله أشد الناس فقرا، لذا نحن لا نستطيع أن نتخيل المذود بدون الرعاة الذين أعلن لهم الملاك الخبر للاحتفال بميلاد السيد المسيح، وهو أول من عرف الحدث وسيصبحون المبشرين بهذا الخبر السار. وكما يقول الكتاب المقدس: وكان في تلك الناحية رعاة يبيتون في البرية، يتناوبون السهر في الليل علي رعيتهم.. في ذلك الزمان كانت فئة الرعاة تعتبر من عداد الخاطئين، وليس المقصود بهذا من يخالف وصايا الله، ولكن من يمارس مهنة مهينة كما كانوا يعتبرونها في ذلك الوقت لأنهم لم يكونوا علي مستوي دراسة التوراة وحفظها. لكن الخبر السار أذيع لأناس جاهلة، فعندما أتي السيد المسيح لم يسلك الطريق الدبلوماسي، ولم يخبر العظماء، ولم يعلم السلطات المدنية أو ينبه كهنة الهيكل المهتمين بالأمور الدينية، لكنه تخطي نظام المناصب والمراتب، ولم يطلب مؤتمرا صحفيا ليعلن فيه عن هذا الحدث العظيم، ولم يرسل ملحقا دبلوماسيا ليخاطب الشعب عن برنامج الحفل، ولكنه اكتفي بالملاك السماوي ليخبر الرعاة البسطاء أثناء عملهم اليومي. لم يولد السيد المسيح كطفل فقير فقط، ولكن كطفل من الرحالة المتواجدين علي هامش الحياة المدنية والدينية، والذين ينظر إليهم من القادة الدينيين كجهلة ومتوحشين وواجب الابتعاد عنهم. لذلك أراد السيد المسيح أن يعرف هؤلاء الخبر من الملاك، وهذه الطريقة الجديدة التي اتخذها ليغير معاييرنا وحساباتنا للأسبقية والأولوية، إذا لا ننتظر منه اتباع نظام المراتب والمناصب أو الحفاظ علي طقوس الاحتفال. يريد أن يقلب كل شيء رأسا علي عقب، لأن العظماء بالنسبة له هو صغار، وأصحاب الألقاب مجهولون، والآخرون يصبحون في المقدمة، والمهمشون يمسون المفضلين، فالفقراء هم أول من يحتفلون بطقس الميلاد، واللقاء الذي تم بين الطفل يسوع الذي لا يتكلم وبين الرعاة الذين يقولون أشياء بسيطة، هو أول طقس لكنيسة المساكين». هؤلاء البسطاء عرفوا أشياء لا تدرس في الجامعات ولا تنشر في الكتب، كما أنهم استخدموا لغة بسيطة استطاعوا بها أن يبهروا من كان يسمعهم من الممكن أن الحكماء والفلاسفة لا يستطيعون أن يبهروا الناس بكلامهم كما فعل هؤلاء البسطاء. إذا، أتي السيد المسيح ليحمل السلام والمحبة والمساواة بين الجميع، واهتمامه الأول بمن هم مستبعدون منا. كل عام ونحن جميعا بخير وسلام، حفظ الله مصر من كل شر.