لم يتوقف النقد العالمي للصمت العربي علي مجازر ومذابح النظام السوري ضد المواطنين السوريين المطالبين بأبسط حقوقهم وحرياتهم. صحيفة سويسرية Le Temps كتبت، من يومين، عن هذا الصمت أشارت فيه إلي أن المجتمع الدولي ما يزال ينتظر بلا جدوي سماع إدانة واحدة عربية، أو موقف رسمي عربي رافض ومناهض لاستمرار قتل المئات وسجن الآلاف من المتظاهرين المسالمين في معظم مدن وقري سوريا! وتساءل كاتب المقال محدداً: أين تونس؟ وأين مصر؟ فالمفترض أن شعوب هذه الدول هي التي انتفضت، وتظاهرت، طلباً للديمقراطية والحرية والحقوق، فلماذا صمت »حكومتي الثوار« في القاهرة وتونس، علي ما جري ويجري في سوريا من عنف وحشي ضد الشعب السوري الذي سار علي الدرب، منتفضاً، متظاهراً، مطالباً بحياة أفضل تعيد للسوريين حقوقهم وحرياتهم وتقرير حاضرهم ومستقبلهم؟. تساؤلات لا اعتراض عليها. خاصة لاستنادها علي موقف مغاير اتخذته مصر وتونس في مواجهة وحشية القذافي في قمع وقهر وقتل الليبيين واغتصاب الليبيات! فسّر البعض هذا التناقض بأسباب سياسية وجغرافية. فليبيا ملتصقة حدودياً مع مصر وتونس. وما يحدث في ليبيا يؤثر بالقطع علي البلدين المتلاصقة حدودهما معها، ويسمح بتدفق الفارين من الموت، والمطرودين من ليبيا بعشرات ومئات الآلاف علي الجارتين الشقيقتين! الأمر يختلف مع سوريا البعيدة حدودياً عنهما.. وبالتالي وقفت القاهرة وتونس تراقبان ما يحدث عن بعد، ولامانع من سماع تعليقات بين الحين والحين من هذا أو ذاك تطالب دمشق بضبط النفس، و ضرورة تهدئة الوضع بالاستماع إلي مطالب الشعب. مبرر صمت القاهرة وتونس علي الحرب التي يشنها الأسد علي شعبه، هو نفسه مبرر زعيق وصراخ تركيا تنديداً بفظائع النظام الحاكم السوري. فقد نزح حتي الآن أكثر من 51 ألف سوري إلي داخل الحدود التركية، ذعراً وهرباً من قنابل وقذائف وصواريخ قوات »ماهر الأسد« شقيق »بشار« واضطرت أنقرة بلسان رئيس حكومتها: »الطيب أردوغان« الحليف القديم لنظام الأسد إلي تصعيد انتقاداته للنظام الحاكم في دمشق، وتهديده بأن تركيا لا تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي أمام استمرار مذابح »ماهر الأسد« ضد المواطنين المسالمين المطالبين بحقوقهم المشروعة! ولحسن الحظ أن الصمت المصري ليس عاماً، فالنخبة المصرية مجموعة من ألمع المثقفين، والإعلاميين، والكتاب الصحفيين أصدروا بالأمس بياناً رائعاً بشأن ما يتعرض له الشعب السوري من انتهاكات للحريات وقتل عمد لمواطنين خرجوا يطالبون بالديمقراطية. استنكر بيان كتاب ومفكري مصر »التضليل الذي تمارسه أجهزة الإعلام والدعاية الرسمية التي تزعم أن المطالبين بالحرية هم مجموعة عصابات مسلحة ونرفض ألا تسمح السلطات الحاكمة بالمقاومة الشريفة ضد العدو الصهيوني بالزعم بأن سوريا تتعرض لمؤامرة خارجية لدعمها لهذه المقاومة. إن في بطش قوات الأمن السورية بالمواطنين، وقتلهم اليومي الذي يفضحه الإعلان المستقل، ونزوح آلاف المواطنين خارج الحدود هرباً من هذا البطش الوحشي ما يدحض كل المزاعم الرسمية عن نظرية العصابات المسلحة والتآمر الخارجي«.