جواتيمالا الدولة الواقعة في أمريكا اللاتينية.. كانت أول دولة أعلنت الاعتراف بالقدسالمحتلة عاصمة لإسرائيل والموافقة علي نقل سفارتها هناك إلي المدينة المقدسة المحتلة. والواضح أن قرار رئيس جواتيمالا جيمي موراليس في هذا الصدد هو محاولة ل »منافقة» الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أصدر قراره الصادم في 6 ديسمبر الحالي ومحاولة للازياد قربا من الولاياتالمتحدة مع تراجع شعبيته داخليا بسبب مزاعم فساد أثارها محققون تدعمهم الأممالمتحدة وفقا لما ذكرته وكالة رويترز للأنباء في تحليل لها أمس. ففي تحد لرفض دولي كاسح لقرار ترامب نقل السفارة الأمريكية إلي القدس كانت جواتيمالا وهندوراس الدولتين الوحيدتين في الأمريكتين اللتين دعمتاه في تصويت أجرته الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضي. ورغم عزلته الداخلية فقد كسب موراليس بهذه الخطوة أصدقاء في واشنطن وهي مغامرة بمواجهة رد فعل عنيف من البلدان العربية التي تستورد حبوب الحبهان (الهيل) المكلف من جواتيمالا. وأعلن موراليس ليلة عيد الميلاد أنه سيحذو حذو ترامب بنقل سفارة جواتيمالا من تل أبيب إلي القدس. وقال مايكل شيفتر رئيس مركز أبحاث الحوار بين الأمريكتين ومقره واشنطن: »هذه طريقة غير مكلفة بالنسبة لموراليس لضمان وقوف إدارة ترامب إلي جانبه». وليس غريبا أن يثير موراليس جدلا دوليا، ففي أغسطس تعرض موراليس الممثل الكوميدي السابق لانتقاد الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي والسفير الأمريكي لدي جواتيمالا لمحاولته طرد محقق تدعمه المنظمة الدولية يسعي لتقديمه للمحاكمة بسبب مزاعم فساد. وكاد التحقيق في مزاعم التمويل الانتخابي غير المشروع، والذي أعقب تحقيقات فساد منفصلة مع أفراد من عائلة موراليس، أن يؤدي لاتخاذ إجراءات لعزله. وأفلت موراليس من هذا المصير ويقول إن سياسته تجاه إسرائيل تجيء في إطار دعم جواتيمالا الممتد لها. وعن تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة قال: »رغم أن تسعة منا فقط من العالم بأسره هم الذين دعموا (موقف ترامب)، فإننا متأكدون تماما أن هذا هو المسار الصحيح». ووضع القدس إحدي العقبات الرئيسية في طريق أي اتفاق سلام فلسطيني إسرائيلي. ويريد الفلسطينيون أن تكون القدسالشرقية عاصمة لدولتهم المستقبلية. فقد هدد ترامب بقطع المساعدات عن الدول الداعمة لقرار الأممالمتحدة. وليس هناك في الأمريكتين من يعول علي مساعدات الولاياتالمتحدة أكثر من جواتيمالا وهندوراس والسلفادور التي لم تصوت علي القرار إلا قلة قليلة. ومن المقرر أن تتلقي جواتيمالا فور موافقة الولاياتالمتحدة 209 ملايين دولار ثمنا لموقف موراليس من برنامج تموله واشنطن.كما تلقت جواتيمالا أيضا قرابة مائة مليون دولار من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية العام الماضي وأكثر من 75 مليون دولار في شكل مساعدات أمنية خلال الفترة من 2012 إلي 2015 بحسب بيانات برنامج مراقبة المساعدات الأمنية. والمعروف أن إسرائيل تقدم تدريبا مهما لجيش جواتيمالا. غير أن جواتيمالا لها مصالح أخري في الشرق الأوسط منها الطلب علي الهيل من بلدان عربية. وجواتيمالا أكبر منتج للهيل في العالم. وأعاد نائب رئيس جواتيمالا السابق إدواردو شاتين للأذهان ما حدث في منتصف التسعينيات عندما قالت بلاده إنها ستنقل سفارتها إلي القدس لكنها تراجعت وسط تهديدات من بلدان عربية بوقف استيراد الهيل المستخدم في القهوة العربية. وقال شاتين في إشارة لاحتمال وقف استيراد الهيل »من المحتمل أن يحدث هذا مجددا».