نستطيع ان نقول دون مبالغة ان الدكتور أحمد زكي بدر وزير التربية والتعليم قد بدأ بالفعل ما يمكننا ان نطلق عليه ثورة التصحيح.. فقد تراكمت الاخطاء في التربية والتعليم حتي اصبحت كالجبال واصبح معها مستقبل الاجيال المصرية كلها مهددا بالضياع. فالتلميذ لا يحترم المدرس والمدرس يكره التلميذ والمناهج متهالكه وممتلئه بالاخطاء الجسام والدروس الخصوصية تخرج لسانها لكل المحاولات الهزيلة من السابقين والمؤسسة التعليمية كلها اصبحت مهزلة المهازل. واصبح التعليم شبه المقبول متاحا فقط لمن يستطيع ان يدفع مصروفات مدارس اللغات او المدارس الخاصة التي مازالت متماسكة.. كل انسان علي ارض مصر بالطبع يريد لمصر الخير ولن يتوافر لمصر اي خير الا بأيدي ابنائها ولن يقدر ابناؤها علي ذلك الا اذا حصلوا علي تعليم محترم كان موجودا في مصر- وللاسف ايام الانجليز. الدكتور بدر بزياراته المفاجئة يقوم بتصحيح بعض الجزئيات مثل الاهمال والتراخي واللا مبالاة في بعض المدارس وهو شيء جيد ولكنه ليس كل شيء وأنا هنا اطرح امام الوزير الذي لا اشك في اخلاصه وحسن نواياه عددا من النقاط لا ادعي انها تمثل حلا للمشكلة او تمثل اساسا للاصلاح الكامل. الذي يتوخاه الوزير ولكنها تشير الي بعض السلبيات التي يجب تصحيحها وعلي الفور لعل وعسي. الاشارة الاولي هي ضرورة البدء فورا بغربلة كل المناهج علي ايدي خبراء من الجامعات او من الخارج لو اقتضي الامر وتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة من امثله ان الاسكندر الاكبر هو ذو القرنين او ان شامبليون هو من فك طلاسم اللغة الهيروغليفية.. اضافه الي انه لم يعد مقبولا ان يدرس طالب الاعدادية سطرا واحدا او سطرين من الشعراء العظام احمد شوقي وحافظ ابراهيم وابوالقاسم الشابي.. سطران فقط بيت واحد من الشعر لكل شاعر منهم هل هذا معقول وهل يستطيع طالب الاعدادية ان يحصل من خلال سطر او سطرين وبيت او بيتين من الشعر ارضية لمن يريد بعد ذلك ان يتجه للدراسات الادبية. الاشارة الثانية هي اعمال السنة.. لقد قرروا 05٪ لاعمال السنة اي لمزاج المدرس هذا الكلام قد يكون مقبولا في بلدان اخري ولمجتمع اخر ولتلاميذ مختلفين. أنا لا أتصور ان تلميذا يحاسب علي 05٪ وهي نسبة ضخمة علي انشطة لا تتوافر اي امكانيات لها لا في المنزل ولا في المدرسة لممارستها وليدرك العباقرة في التربية والتعليم الذين يقاتلون قتال المستميت عن اعمال السنة ان هذه المصيبة هي السيف المصلت علي رقاب التلاميذ وآبائهم فالخمسون في المائة مرهونة الان بمن كما يقولون »يفتح مخه«. الاشارة الثالثة هي الحزم يجب ان يصدر قرار لا رجعة فيه ان اي مدرس يمارس الدروس الخصوصية يفصل فصلا نهائيا وان تعتبر الدروس الخصوصية جريمة تساوي جريمة الابتزاز والسرقة والنهب.. هناك عشرات الآلاف من الخريجين يطمحون الان في الحصول علي عمل حتي ولو كان مدرسا مع ان العمل بالتدريس لم يكن شيئا محبوبا من قبل. وتستطيع الوزارة ان تعوض اي مدرس يفصل بعشرات بنفس راتبه دون البكاء عليه فهو مدرس لا يعطي شيئا لتلاميذه وانما يوفر وقته وعلمه وما بقي من طاقته لتلاميذ الدروس الخصوصية الذين ينتقل اليهم من بيت لبيت حتي منتصف الليل او بعده. الاخطاء كثيرة.. والاصلاح ممكن وما دام الوزير الشاب مصرا علي الاصلاح فسوف ينجح.. لقد طال الاسي وطالت الشكوي فهل نواصل طريق الاصلاح؟ ارجو ذلك. ولله الامر.