أتابع عن قرب شديد خطوات الدكتور زكي بدر في التربية والتعليم.. ربما لأنني مهموم بهذه القضية أو ربما لأنني كنت قد وصلت إلي قاع هاوية اليأس في إصلاح هذا القطاع المهم الذي أعتقد دون أدني شك انه هو الأساس المتين لأي إصلاح منشود.. ما حققه الدكتور زكي بدر وهو رجل لم أقابله علي الإطلاق أقول ما حققه يشير إلي اننا بالفعل علي درب الإصلاح في التعليم وهو الشعار الذي ظللنا نلوكه بألسنتنا سنين طويلة دون أن نصنع شيئا واحدا لتنفيذه.. الذي يجعل الدكتور بدر مختلفا والذي جعل الأمل الضائع يعود ليلوح من جديد هو ان الرجل بدأ البداية السليمة.. فأي جهود للإصلاح لابد أن تقوم أولا علي إزالة الفساد.. انت لاتزرع غرسا في أي أرض إلا إذا نظفت الأرض أولا أما إذا زرعت في أرض سبخة فلن تحصل علي شئ مهما فعلت ومهما بذلت، وقد كان قطاع التربية والتعليم ومنذ ثورة 2591 وحتي اليوم يمتلئ ببؤر من الفساد ظلت تتراكم وتستشري حتي قضت علي العملية التعليمية.. استشرت الدروس الخصوصية حتي أصبحت هي القاعدة والتعليم النظامي هو الاستثناء.. تدهورت المناهج وأصبح تضعها مجموعة من المرتزقة تحتفظ بأسرارها لإصدار كتب خارجية.. تدهورت شخصية المدرس فالمعلم الذي كنا حتي وبعد التخرج ننحني علي يده لنقبلها.. أصبح تلاميذ الإعدادي ينتظرونه خارج المدرسة لضربه فقد مد يده والذي يمد يده يحكم علي نفسه بالمهانة والطالب الذي يدفع للمدرس من قوت اخوته وعرق ابيه لا يمكن ان يحترمه.. المدارس لم تعد أماكن للتعليم وإنما هي أشبه بالسيرك يقضي فيه الأولاد معظم الوقت نياما فلديهم ساعات طويلة سوف يقضونها في الدروس الخصوصية.. ولكي تكمل المأساة تفتقت عبقرية جهابذة التربية والتعليم مما يسمي بأعمال السنة وهو نظام لا تحكمه أية معايير يكفي ان أقدم مثالا واحدا تلميذة حصلت علي ما يقارب الدرجات النهائية في جميع المواد في الثاني الإعدادي مدرسة الرياضة حرمتها من 51 درجة مرة واحدة والسبب عجيب هو انها »ليست اكتف« أي ليست نشطة.. كيف يمكن تحديد ذلك لا أحد يدري النتيجة ان التلميذة التي كانت مرشحة لتكون الأولي أصبحت في آخر القائمة وقس علي ذلك آلاف الأمثلة، مدارس بلا ملاعب ولا معامل ولا حجرات للاشغال ولا امكانيات وطلاب نيام كل خمسة منهم في حجرة مع الأم والأب.. يتخاطفون في الصباح لقيمات من رغيف وطبق فول لا يكاد يكفي الجميع وتلميذ يذهب للمدرسة وهو علي وشك الإغماء تعبا وجوعا و05٪ من تقييمه أعمال سنة.. ومن لا يحجز مكانا للدرس الخصوصي فهو راسب بكل تأكيد. أعود فأقول ان البداية الرائعة التي بدأها الدكتور بدر هي القضاء وبحسم علي بؤر الفساد فبدون القضاء علي هذه البؤر لن يستطيع هو ولا أي قوة أن تبدأ الإصلاح الحقيقي وأروع ما لوح به الوزير الشاب هو انه ألمح إلي ضرورة الاهتمام بالأخلاق ولهذا حديث آخر. ولله الأمر