عندما عين الدكتور زكي بدر وزيرا للتعليم ومنذ تصريحاته الباكرة وقد عاودني الأمل الضائع في امكانية اصلاح هذا القطاع الذي فتكت به مراكز القوي والشلل وأصحاب المنافع في مختلف قطاعات الوزارة.. الاجراءات التي بدأ بها الوزير عمله والتي تابعتها بدقة شديدة انطلاقاً من اهتمامي بهذا القطاع ومن يأسي مما وصل اليه الحال فيه وايمانا مني بأن الإصلاح الحقيقي» يبدأ من المدرسة وليس من أي مكان آخر«.. أقول ان هذه الاجراءات جعلت الامل الميت في الاصلاح يحيا من جديد.. ولا بد لي هنا بعد أن نشرت طوال خمسة اسابيع رسائل للوزير الشاب أن أؤكد أنني لم أقابل في حياتي الدكتور زكي بدر ولم أحادثه في يوم من الأيام وان كل ما كتبته انما هو كما قلت سابقاً لاهتمامي بهذا القطاع.. الوزير الشاب بدأ عمله بضرب بؤر الفساد ووضع يده بذلك علي الجرح الغائر والقديم ووضع قدمه علي أول الطريق السليم للاصلاح. ولكي أكمل منظومة حديثي حول التعليم أقول هنا إن بؤر الفساد والعفن في الوزارة لم تكن لتستلم بسهولة لأي حركة اصلاح لأن معني اصلاح التعليم في مصر هو القضاء علي المصالح الكثيرة لعدد كبير من المنتفعين والمستفيدين من العملية التعليمية والذين أنهارت علي ايديهم العملية التعليمية كلها حتي وصلت الي الحضيض، لقد بدأت مراكز القوي في التعليم حربها القذرة ضد الوزير الشاب. بدأت الحرب بنشر الشائعات حول اخطاء بعض اسئلة الثانوية العامة.. ثم امتدت لتغذية اعتصام العاملين في الابنية التعليمية المدينة لعشرات المقاولين بمئات الملايين.. ثم امتدت لملء الدنيا بشائعة اعفاء الوزير والبقية تأتي ولن تتوقف هذه الحرب القذرة الا بعد القضاء الكامل علي كل بؤر الفساد في هذه الوزارة المتخلفة. العاملون في التعليم بكل قطاعاته يملكون قاعدة عريضة تمتد من الاسكندرية حتي اسوان وهم مع خطباء المساجد يملكون أكبر قاعدة يمكن ان تكون اداة لنشر الوعي أو لترويج أي شائعة وكلمة واحدة يهمس بها مسئول كبير في التعليم في أذن مدرس واحد يمكن أن تلف أرض مصر كلها في أقل من 42 ساعة. هذه الوسيلة كانت السلاح الذي اخاف به جهابذة الفساد كل المسئولين الذين تولوا أمر التعليم في مصر وأذكر أن شخصا واحداً رحمه الله ظل لعشرات السنين هو الحاكم الفعلي للتعليم في مصر رغم توالي الوزراء وتتابعهم علي هذه الوزارة المنحوسة.. إن ما سوف يقابله الدكتور زكي بدر كثير وانا اقول له ان يستعد من الان ليواصل هذه الحرب فهو بصدد اصلاح نظام فاسد استمر فساده لأكثر من نصف قرن.. وهو بصدد القضاء علي مراكز نفوذ مدت جذورها إلي الاعماق طوال عقود.. وهو بصدد تنظيف قرح عفنة وصلت بالتعليم الي قاع الهاوية ووصلت بنا إلي قاع اليأس. سوف يواجه الوزير بالكثير وانا واثق انه بحماسه وشفافيته وثقته في نفسه وإيمانه ببلده وشبابه يستطيع ان يواجه هذه الحرب.. ان القضاء علي التعليم الرسمي في مصر يصب في خانة الأرباح المهولة للمهيمنين علي التعليم الخاص. يكفي أن أقول ذلك والباقي لن يصعب علي الفهم واعود لاكرر قبل نهاية هذه السطور إنني لم أقبال الدكتور بدر ولم أحادثه أو يحادثني من قبل ولكني رغم ذلك أدعو له من كل قلبي بالتوفيق ولله الأمر.