اقتراح إلي مسئول الإعلام المصري اللواء طارق مهدي الاحد: هل الضربة الجوية ملك للرئيس السابق حسني مبارك؟ يرد اللواء طيار محمد عكاشة احد رجال القوات الجوية الذي استضافته الاعلامية البارعة مني الشاذلي في برنامجها العاشرة مساء بأن الضربة الجوية ليست ملكا لفرد ايا كان موقعه.. بل هي ليست ملكا للقوات الجوية ولا للجيش المصري وحده.. وانما هي ملك للشعب المصري بجميع طوائفه.. فقد شارك في هذه الضربة مع الطيارين الذين قاموا بأعمال بطولية خارقة آلاف المهندسين والفنيين والعمال والبنائين الذين قاموا ببناء الدشم الاسمنتية التي احتمت فيها الطيارات.. وحتي الفلاحون قام اولادهم وبناتهم الصغار بالاشتراك في بناء الدشم.. وذلك بجانب الوف العمال الذين قاموا ببناء حائط الصواريخ الذي كان يحمي طائراتنا وارضنا من طائرات العدو.. نعم الضربة الجوية ملك للشعب المصري بكل افراده ومحاولة الاستهانة بها هي استهانة بالشعب وبالتاريخ العسكري المصري. وكانت مني الشاذلي قد قدمت في الليلة التي يفترض فيها انها حزينة وهي ليلة 5 يونيو الحالي حلقة من اروع الحلقات التي قدمتها علي الاطلاق.. مع اننا لا نكاد - للأسف - نعرف شيئا عن الضيفين اللذين استضافتهما تلك الليلة.. فاسم كل منها غير متداول.. فالاول هو اللواء طيار محمد عكاشة.. والثاني وارجو الا يكون اسمه قد غاب عني هو اللواء طيار عيسي.. وقد تحدث كل منهما عن تاريخ القوات الجوية المصرية وما حدث لهذه القوات من نكسة في حرب 7691 لاسباب لا يد لرجالها فيها فقد دمرت الطائرات المصرية علي الارض.. وكيف استطاعت هذه القوات ان تستعيد عافيتها في حرب الاستنزاف.. وما قامت به من بطولات خارقة في حرب اكتوبر 3791. وذلك رغم الفارق الخطير في مستوي اداء وكفاءة طائرات الميج الروسية الصنع التي كان يستخدمها الطيارون المصريون.. وطائرات الميراج الامريكية التي كان يستخدمها الطيارون الاسرائيليون.. فقد كانت نسبة الكفاءة هي واحد الي ثلاثة.. فاذا ضربنا هذا الفارق في مجموع الطائرات التي تشارك في المعركة الجوية لكان الفارق هائلا.. وكانت الطائرة المصرية لاتحمل سوي قنبلتين في حين كانت الطائرة الاسرائيلية تحمل ست قنابل.. وكانت الطائرة المصرية لاتستطيع التحليق طويلا في الجو مثل الطائرة الاسرائيلية.. وكان الطيار المصري لا يملك اجهزة لتسديد الهدف إلا اذا اقترب بنفسه منه.. في حين أن الطيار الاسرائيلي كان يملك اجهزة معقدة تساعده علي التسديد الدقيق علي الهدف.. كان هناك اذن تفوق اسرائيلي في الآلات والاجهزة.. لكن هذا التفوق اندحر امام شجاعة وبسالة وتصميم الطيارين المصريين الذين كان كل واحد منهم مستعدا للشهادة من اجل الانتقام من العدو واستعادة الارض والكرامة وفي معركة جوية مثل معركة المنصورة التي دامت اطول مدة في تاريخ العسكرية في العالم والتي استمرت 35 دقيقة فوق مدينة المنصورة في حين ان المدة التي يفترض ان تستغرقها اي معركة جوية لا تزيد علي خمس دقائق فإن هذه المعركة تدرس الان في اكاديميات العالم العسكرية. حكايات ووقائع وأرقام وبطولات قام بها طيارون مصريون لم نسمع للأسف بأسمائهم ابدا.. سواء في الاعلام المكتوب او المسموع أو المرئي.. بطولات اختلط فيها الدم المصري المسلم بالدم المصري القبطي.. وقد ذكر اللواء محمد عكاشة العديد من اسماء ابطالنا الاقباط الذين شرفوا القوات الجوية.. وشرفوا وطنهم.. واستشهدوا وهم يدافعون عن ارض الجدود مع ان حكايات وبطولات الطيارين المصريين - مثلهم في ذلك مثل ابطال كل قواتنا المسلحة - كان يفترض ان تدرس في المدارس.. ويتعلمها اطفالنا وشبابنا في حصص التاريخ.. وان تستمد منها افلام السينما ومسلسلات التليفزيون التي تقدم لنا في كثير من الحالات شخصيات مريضة وابطالا لصوصا ومزيفين.. مع ان تاريخنا المعاصر مليء بقصص العبقرية والبسالة المصرية التي تفجرت في حرب أكتوبر من ابطال كلهم من ابناء الفلاحين والطبقة المتوسطة في مصر.. ولكننا للاسف نهيل التراب علي امجادنا ونجري وراء احاديث وحوارات لا تنفع ولا تفيد عن بعض نجوم الفن والكرة. كان الحوار بين مني الشاذلي وضيفيها مفيدا وممتعا.. وعلي أعلي درجة من التشويق والحرفية.. سواء الحرفية العسكرية لبطلين من ابطال مصر.. او الحرفية الاعلامية من مقدمة برامج مصرية عرفت كيف تختار ضيفيها في ذلك اليوم الذي تجاوزنا احزانه بانتصارنا في حرب 3791، لقد اعادتني هذه الحلقة الزاخرة بالعظمة والبسالة والانتماء الي الوطن الي ايام لا تنسي في حياة الجيل الذي عاش الهزيمة بكل مرارتها.. ثم عاش النصر بكل نشوته وافراحه. ابداعات حرب أكتوبر الاثنين: تذكرت الفيلم التسجيلي الذي شاهدته في مهرجان برلين للسينما منذ اكثر من عشرين عاما.. وكان من اخراج مخرج سينمائي روائي كبير اسمه »ألان برتراند« وكانت مدة الفيلم اربع ساعات كاملة تفرغ فيها المخرج سنوات للتسجيل مع كل من شارك من المواطنين الفرنسيين في حرب الجزائر.. وكان ذلك بعد نهاية الحرب الفرنسية - الجزائرية بثلاثين عاما.. وقد جعلتني مشاهدة هذا الفيلم التسجيلي الذي يعد وثيقة مصورة لكل ما جري في حرب فرنسا في الجزائر افكر في انه من باب اولي ان نقوم في مصر بتسجيل ما جري في اعظم حرب في تاريخ مصر المعاصر.. ثم حدثت مصادفة غريبة عندما وجدت نفسي في قاعة واحدة مع الرئيس السابق محمد حسني مبارك عندما جاء في اواخر الثمانينيات يزور دار الهلال في زيارة رسمية بمناسبة عيد من اعيادها.. وكنت ايامها اشغل منصب رئيسة تحرير مجلة الكواكب.. وكان يجلس بجانب الرئيس علي المنصة وزير الاعلام الاسبق صفوت الشريف. ورفعت يدي وطلبت الكلمة وقدمت اقتراحي بأن يقوم التليفزيون المصري بعمل فيلم تسجيلي مع كل من بقي علي قيد الحياة من ابطال ومقاتلي حرب اكتوبر وكان الكثيرون منهم مازالوا علي قيد الحياة فقد كنا في ذلك الوقت في منتصف الثمانينات ولم اشعر بأن اقتراحي قد لقي اهتماما من رئيس الدولة.. فقد هز رأسه في برود والتفت إلي صفوت الشريف بنصف التفاتة وقال »شوف يا صفوت الحكاية دي« وطبعا صفوت لم يهتم بهذه الحكاية ماتت الفكرة.. ولم ادرك وقتها ان الرئيس السابق ربما لم تعجبه فكرة التسجيل لكبار القواد. فقد اتضح انه لا يريد ان ينسب اي فضل في حرب اكتوبر إلا له بدليل ان حرب اكتوبر قد اختصرت في كتب التاريخ المدرسي في اسطر قليلة في حين ان الدور الذي قام به كقائد للقوات الجوية قد احتل صفحات! ومنذ حرب اكتوبر العظيمة والمقاتلون كبارهم وصغارهم يرحلون عن الدنيا وفي صدور كل واحد منهم كنوز من البطولات التي تشهد بعظمة المقاتل المصري. وهي تعرض في مجموعها قصة شعب أصيل.. وجيل عملاق.. استشهد منه في حروب مصر اكثر من مائة الف شهيد.. فكيف يجوز ان يقال ان الاجيال السابقة لم تقدم شيئا لمصر؟ ومع ذلك.. فإن الوقت لم يفت نهائيا..واعود واقترح علي التليفزيون المصري خاصة في هذه المرحلة التي يقوده فيها عضو من اعضاء المجلس الأعلي لقوات المسلحة هو اللواء طارق المهدي ان يتبني فكرة تنفيذ فيلم وثائقي متكامل عن الرجال الشجعان الذين اعادوا لمصر الارض والكرامة.. والذين ينتشرون في قري مصر ومدنها وفي صدر كل واحد منهم كنز من الروايات والحكايات عما جري في حرب اكتوبر من بطولات هؤلاء الرجال الذين ربما لا يعرف عنهم اولادهم واحفادهم الدور الخطير الذي لعبه كل واحد منهم.. بحيث مهدوا الارض - رغم الثلاثين سنة العجاف - لان يفجر احفادهم ثورة مصرية عظيمة بيضاء ضد الدكتاتورية والفساد.