هل من حق الاعلام الكشف عن أسرار الحياة الخاصة للحكام وكبار المسئولين في الدول الديمقراطية التي تحرص علي تدفق المعلومات بلا تفرقة بين »العام« و»الخاص« منها؟ سؤال كثيرا ما يتردد - بين الحين والحين- وتنقسم الآراء حوله بين المؤيدين للكشف عن المعلومات كلها ما دامت حقيقة، وبين المعارضين لنشر معلومات تعتبر- في نظرهم- تطفلا علي الحياة الخاصة الواجب احترامها، الخلاف بين هؤلاء وأولئك لم يتوقف، وتتصاعد حدته في كل مرة تتكشف فيها »سقطة« لمسئول حكومي، أو »فضيحة« لأحد المشاهير، وهو ما يحدث حاليا بعد اتهام مدير صندوق النقد الدولي- دومينيك شتراوس كان- الذي اتهمته عاملة تنظيف في فندق أمريكي بالتحرش بها واغتصابها، وتفرغت الصحافة الأوروبية والأمريكية لمتابعة هذا »الحدث« لحظة بلحظة ومعلومة بعد أخري بصرف النظر عن صحتها أو اختلاقها. بالأمس.. تابعت مواجهة بين ممثلي الجانبين: المؤيد للخوض الاعلامي في الحياة الشخصية للسياسيين والمشاهير، والمعارض للتطفل عليها، المؤيدون مثلتهم صحفية أمريكية شهيرة: »إلين تشيلينو« - مراسلة صحيفة نيويورك تايمز في باريس - والمعارضون مثلهم صحفي فرنسي مخضرم: »باتريك جاريو«- رئيس القسم السياسي السابق في صحيفة »لوموند«. المواجهة دعا إليها، وأدارها، الصحفي »بيير هاسكي« الذي بدأها مشيرا إلي أن هناك شبه إجماع في بعض الدول- أبرزها فرنسا- علي تجاهل الحياة الخاصة للمشاهير من الجنسين لأن لديها قوانين صارمة تفرض علي الاعلام هذا التجاهل. وفي المقابل هناك الدول الأخري- مثل بريطانيا والولايات المتحدة- التي لا تجد أدني حرج في التدخل في الحياة الخاصة للمشاهير- من السياسيين والشخصيات العامة- ونشر ما يصل إلي سمع، وبصر الصحفيين من معلومات عما يحدث في مكاتبهم أو.. غرف نومهم! المواجهة بين الصحفيين- الفرنسي، والأمريكية- هدفها التوصل إلي اجابات عن العديد من الأسئلة، منها: إلي متي يستمر هذا التناقض بين الممارسة الاعلامية المتحفظة- قانونيا وأخلاقياً - وبين الممارسة الاعلامية المتحررة منهما بالنسبة لحياة المشاهير الخاصة؟ وأيهما أفضل لحرية الصحافة والتعبير: الإبقاء علي الأعراف والقيم الفرنسية، أم الأخذ بالأسلوب الانجلوأمريكي في كشف الأسرار مهما تسببت في أزمات نفسية وأسرية؟ القضايا التي طرحها صاحب الدعوة - الصحفي: »بيير هاسكي«- علي ضيفي حلقة المواجهة - »إلين تشيلينو« و»باتريك جاريو«- تحددت في: - إخفاء الرئيس الفرنسي الراحل »فرانسوا ميتران« اصابته بالسرطان- من جهة- وعدم الكشف - من جهة أخري- عن ابنته »مازارين« التي أنجبها من سيدة غير زوجته. - تجاهل الاعلام لارتباط وزير الخارجية الأسبق- »رولاند دوما«- بعشيقة سورية. - أغمض الإعلام عينيه عن »علاقات« وزير الثقافة الفرنسي »فريديرك ميتران«- ابن الرئيس الأسبق الراحل ب»الصبيان«! - الصمت الاعلامي عن طلاق الرئيس الحالي »نيقولا ساركوزي« من »سيسيليا« ليتزوج ممن كان علي علاقة بها. - مغامرات وغراميات »دومينيك شتراوس كان« التي سبقت تورطه مؤخرا في فضيحة فندق سوفيتيل بنيويورك. .. ونتعرف غدا علي الرأي والرأي الآخر في نشر أو تجاهل مثل هذه الأسرار.