«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خبراء: «الأساليب القذرة» وسيلة «الأنظمة المفلسة» لمحاربة خصومها بطريقة «غير سياسية»

القضاء البريطاني حكم بأكبر تعويض في تاريخه لصالح رئيس الاتحاد الدولي للسيارات لتصويره في أوضاع مخلة لأن ذلك «شأن خاص»
خبراء:«الأساليب القذرة»وسيلة«الأنظمة المفلسة» لمحاربة خصومها بطريقة «غير سياسية»
الأمر يبدو وكأن الشارع المصري أصبح مغرما بمتابعة أخبار رجال السياسية وحياتهم الشخصية غراما دراميا كالذي يستبد بالبعض حينما يتابع مسلسلا.
فخلال السنوات الخمس الأخيرة لا يكاد يمر شهر في مصر إلا ويطل علينا أحد رجال السياسية ليصبح بطل القصة الجديدة للشارع المصري وتتزايد حبكة تلك القصص والروايات مع اقتراب الانتخابات البرلمانية والرئاسية لتبدو أكثر درامية عبر سيناريو يرسمه كتاب السيناريو-منهم الضعيف جدا ومنهم المجتهد- ولكن داخل الحلبة السياسية وليست الفنية فمن « C.D» نائب شهير إلي قصة الحب التي جمعت بين قيادة حزبية وسيدة أعمال إضافة إلي قصص الطلاق والزواج والسهرات الحمراء وشرب الخمر والعلاقات الخاصة داخل غرف النوم.. وعن طريق هذه السيناريوهات تدور الحرب السرية بين صفوف النظام الحاكم ومعارضيه.
ولكن يبقي السؤال.. لماذا تثير تلك الأمور كل هذا الفضول لدي الشارع المصري ؟وإلي أي حد يمكن الخوض في تفاصيل حياة رجال السياسة الشخصية ؟ومتي تتحول العلاقات الخاصة إلي «شأن عام» يجب التوقف عنده والحديث عنه وكشف المستور به ؟ ولماذا تحدث الشارع عن تهور ابن أحد رجال الأعمال البارزين بالحزب الوطني عندما قتل أحد الشباب في الساحل الشمالي قبل سنوات بموتوسيكل البحر ولم تتحدث عن محمد غريب سائق الميكروباص الذي تسبب في مقتل 12 شخصاً في ذات الوقت عندما انقلبت سيارته بسبب السرعة الجنونية ؟
تساؤلات عدة تدفعنا لتساؤل آخر.. هل يمكن وضع حدود لتناول الحياة الخاصة لرجال السياسة، وهل هناك قانون يجرم انتهاك الخصوصية وما حدود الخصوصية في الأصل؟
الشاهد فيما سبق أن الشعب المصري من السهل استثارة مشاعره، خاصة عندما يجد من يلعب علي هذا الوتر بامتياز وقد سخّر النظام أداته الإعلامية خلال الفترة الأخيرة للقيام بهذا الدور ضد خصومه بينما يبدو هو واقف في الركن البعيد الهادئ متفرجا لا علاقة له بالأمر، فعندما غضب النظام علي الدكتور سعد الدين إبراهيم أحد مستشاري النظام في وقت من الأوقات -أطاح به بتهمة العمالة الأمريكية فخرج الرجل من مصر وكأنه منفي يرفضه الشارع المصري ..وعندما شعر بالخطر من جماعة الإخوان المسلمين بعدما نجحت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة وجه ل40 من قياداتها تهمة الإرهاب ليعيد للأذهان حوادث اغتيال النقراشي باشا والمستشار أحمد الخازندار..كما استخدم آلته الإعلامية سواء مكتوبة أو مرئية في تشويه وتلطيخ صورة خصومه.
الدعارة والعلاقات الجنسية والشذوذ والإلحاد والعلمانية ومخالفة التقاليد الدينية.. كلها تمثل رصاصات سلاح اللعبة السياسية وحواديتها التي تجد نوعا من الفضول والشغف لدي الشارع المصري، ويمثل التوقيت عاملا مهماً في طبيعة المهمة المستهدفة من إطلاق الرصاصة .كما أن طبيعة المعلومات المتوافرة والتعاطي معها تمثل طرفاً أخر من المعادلة التي تشبع رغبة الشارع وتشغله أيضا.
ومن خلال المتابعة نجد أن الدعاية السوداء التي تشهدها مصر تختلف آثارها عما تشهده بريطانيا مثلا- وهي المنبع والمصب للديمقراطية السياسية كما يعرف كثيرون- حيث إن الجدل الأكبر حول حياة السياسيين، فلا يمضي شهر إلا وهناك فضيحة سياسية كبري.
فخلال ولاية توني بلير لرئاسة الوزراء تم الكشف عن قضية القروض السرية التي قدمها بعض الأثرياء لحزب العمل الذي كان يشغل قمته، وذلك مقابل الحصول علي مقاعد بمجلس اللوردات عن طريق التعيين وليس الانتخاب وتلتها قضية الحرب علي العراق وكذب رئيس الوزراء البريطاني .. إلا أن وسائل الحرب هنا كانت سياسية بحتة ومرتبطة بصميم أدائه المهني ولا علاقة لها بحياته الشخصية علي الإطلاق، قبل أن يقرر بلير بنفسه لاحقا الكشف عن بعض أسراره الشخصية هذه طواعية في فصول من مذكراته التي صدرت في كتاب مؤخرا «رحلة".
لكن الأمر اختلف نسبيا عندما رشح زعيم حزب المحافظين البريطاني المعارض ديفيد كاميرون نفسه للانتخابات لاحقته فضيحة تدخين الحشيش في مدرسة إيتون الخاصة عندما كان طالباً يبلغ من العمر 15 عاماً وهو ما أثار الرأي العام البريطاني ضده. ورفض كاميرون نفي تلك الادعاءات أو تأكيدها، لكنه قال إن من حق السياسيين التمتع بخصوصية حياتهم قبل دخول المعترك السياسي. وأضاف معترفا بعدم وجود خصوصية لرجل السياسية قائلا «إن الشخصيات العامة علي مائدة الجمهور دائما، فبدعم الناس يصبحون نجوما للمجتمع، وبحبهم يتحولون إلي ملائكة وبغضبهم يصيرون شياطين، وفي المقابل لا يأكل الجمهور علي مائدة الشخصيات العامة أبدا، فهو مستبعد في أحيان ويتم استخدامه في أحيان كثيرة، طبقا لرغبات النجم أو السياسي.. لذا يتحول الجمهور في عين النجم إلي مساند وداعم في فترة، ومقتحم للحياة الخاصة في فترة أخري".
وهو ما يعني أن الحياة الخاصة للسياسيين، تعتبر ملفا شائكا، ينظر إليها السياسي نظرة ريبة ومصدر قلق، وينظر إليها القارئ بنظرة فضول يسترعي الاهتمام، وبسبب الاشتباك بين النظرات، أصبحت مسألة الخصوصية تشكل قضية كبري سواء من الناحية القانونية أومن الناحية الإعلامية وعلي الرغم من أن إعلان الأمم المتحدة العالمي لحقوق الإنسان نص علي (الحق في الخصوصية) ولم يفرق بين من هو سياسي أو رياضي أو فنان إلا أن تلك القاعدة غير موجودة في لعبة السياسة.
روبرت سكيدلسكي عضو مجلس اللوردات البريطاني يؤكد أن هناك فرقاً بين تناول الحياة الخاصة من أجل الحماية ضد إساءة استخدام السلطة والتغطية علي فساد المسئولين العموميين، وبين الحياة الخاصة للسياسي ويقول: إن كل ما يمارسه المشاهير - بل وعامة الناس - من أنشطة في حياتهم الخاصة لابد وأن يكون خارج نطاق اهتمام الجمهور، أما الكشف عن الحياة الشخصية للساسة فقد يكون مبرراً إذا ما اشتُبه في أن يترتب علي سلوكياته الشخصية عواقب قد تؤثر في الطريقة التي تُحكَم بها البلاد؛ ويصدق نفس القول علي الحياة الشخصية لكبار المسئولين عن الشركات العامة إذا ما أثرت في حجم الأرباح العائدة علي حملة الأسهم.
ووفقاً لحديث سكيدلسكي يعد بيع أحد الوزراء مجموعة من الأفدنة والقصور التابعة لوزارته لابنائه وعائلته من المصالح العامة التي تستوجب الخوض فيها .. وبنفس المنطق فإن تربح أحد الوزراء وإرساء مناقصات وزاراته علي شركات أقاربه من المصالح العامة التي يجب للشعب المصري التوقف عندها.
ففي بريطانيا مثلت قضية ماكس موزلي رئيس الاتحاد الدولي للسيارات أكثر القضايا التي أكد فيها القضاء البريطاني ضرورة احترام خصوصية الفرد حيث قام أحد الأشخاص بتصويره في أوضاع مخلة ووزعها علي منافسيه وعلي وسائل الإعلام وتناولته الصحف من باب المصلحة العامة إلا أن القضاء حكم له بأكبر مبلغ تعويض يحكم به في تاريخ بريطانيا وأكد القاضي أنه لو ثبت أن أموال الاتحاد تصرف علي العاهرات لتمت محاسبة موزلي .
وهو ما يؤكد ضرورة سن قوانين للحفاظ علي خصوصية الأفراد خاصة وأن معظم البلدان تترك للقاضي تفسير حدود الحق في الخصوصية ولكن فرنسا تعد البلد الوحيد الذي سن قانونا للخصوصية والظروف التي تستلزم تطبيق القانون.
وعلي هذا نجد أن المناخ السياسي في كل دولة هو الذي يحدد شكل وطبيعة تناول الحياة الشخصية خاصة للرؤساء وكبار الساسة والتي تعد منطقة محرمة لا يجب الاقتراب منها فأي إنسان يرفض أن يقترب من حياته أحد حتي أقرب الناس له ولكن الخوض في الحياة الخاصة لرجال السياسة يمثل سلاحا فتاكا في يد خصومهم.. هكذا يقول بيل كلينتون الرئيس الأمريكي السابق بعدما تعددت تهم التحرش الجنسي الموجهة له عندما كان حاكما لولاية اركنساس الأمريكية وعندما أصبح رئيسا تم اتهامه من قبل «باولا جونز» بتهمة التحرش الجنسي..وعندما قرر حل القضية الفلسطينية خرج اللوبي الإسرائيلي بقضية مونيكا لوينسكي التي كادت أن تطيح به كرئيس .
وتعد المسائل الجنسية من أكثر الأمور التي يتم الخوض فيها لتشويه السمعة وقد طالت كلاً من بول ولفوفيتز نائب وزير الدفاع الأمريكي سابقا، وأحد مهندسي حرب العراق.وكذلك الرئيس الفنزويلي هوجو شافيز مع المؤرخة الشابة «هيرما ماركس مان والرئيس الأرجنتيني الأسبق كارلوس منعم.
ويبدو أن كل عظماء التاريخ ارتبطت أسماؤهم بالنساء والنزوات كالقائد الفرنسي نابليون بونابرت والقائد الألماني هتلر. حتي في العصر الحديث لا تكف عن سماع نزوات الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء الإيطالي بيرلسكوني . وأخيرا ما شهدته تركيا قبل شهور عندما أجبر دينيز بايكال رئيس حزب أتاتورك علي تقديم استقالته من منصبه بعد نشر فيلم يكشف عن وجود علاقة جنسية بينه وبين مساعدته وقال بايكال في خطاب وداعه « هذا الفيلم يغتصب حرمة حياتي الشخصية. إنها مؤامرة لا تهدف إلي أرباح مادية، بل خلفياتها سياسية، وهي لا تستهدفني شخصياً، بل ضرب نضال حزبنا من أجل الديمقراطية».
أما في مصر فنجد أن تناول الحياة الشخصية وسرد تفاصيلها أمر يعشقه الشارع المصري ويتعاطف معه وينشغل به خاصة في العصر الحديث، فقضية زواج الشيخ علي يوسف من صفية بنت الشيخ عبد الخالق السادات شغلت الرأي العام لشهور طويلة في بدايات القرن العشرين، وحاول البعض التطاول علي صفية لخروجها علي بيت أبيها ..وسبق ذلك الهجوم علي زوجة قاسم أمين بعد كتاباته عن تحرير المرأة .
كما كانت حياة الأسرة المالكة مليئة بالإثارة ويتم تناولها علي صفحات الجرائد حيث خرج الشارع المصري يندد بعلاقة الملكة نازلي والدة الملك فاروق برئيس الديوان أحمد حسنين باشا وكذلك قصة زواج المشير عبد الحكيم عامر بالفنانة برلنتي عبد الحميد. وكذلك ما تردد من وجود علاقة بين مصطفي النحاس باشا عام 1927 وإحدي الصحفيات البولنديات وتدعي «فيرا» حيث أشيع حملها منه خلال مصاحبتها لها في إحدي جولاته بالصعيد وذلك من أجل التمهيد لإقامة الحكومة الوفدية عام1928 والانقلاب علي الدستور كما يروي الكاتب الصحفي والمؤرخ صلاح عيسي مؤكدا أن هناك العديد من الدعاية السوداء التي شهدها تاريخ مصر وتعرض لها كلا من سعد زغلول ومصطفي كامل وكثير من زعماء مصر ورغم حملات التشويه التي أعقبت الكتاب الأسود في العهد الأسود الذي كشف فيه مكرم عبيد عن المخالفات المالية لحكومة الوفد عام 1945 فإن الشعب المصري خرج في عام 1950 يهتف «حرامي ..حرامي بس عايزينه».
ويؤكد عيسي أن الشعب المصري يتمتع بالذكاء في تفهم طبيعة تلك الحملات السياسية ولكنه في الوقت ذاته يحمل طبيعة «زراعية» تقوم علي ثقافة المجتمع الريفي الفطري الذي يتلصص علي أخبار بعضهم البعض ويعشق الحديث في خصوصيات الحكام والمسئولين .وأضاف أنه علي الرغم من ذلك لا يتأثر بها علي غرار باب «صدق أو لا تصدق» وهذا ما حدث مع النحاس باشا مشيرًا إلي أن الشعب المصري في الوقت الراهن لا يتأثر بما ينشر عبر وسائل الإنترنت من صور وفيديوهات خاصة برجال السياسة وأسرهم مؤكداً أن تلك الوسيلة فقدت التأثير المباشر في الناس. وعلي جانب آخر أكد عيسي أنه لا يجب الغوص في حياة رجال السياسة وانتهاك حرمتهم الشخصية ولكن في الوقت ذاته القانون ينص علي أنه من حق الشعب معرفة خصوصية حياة الموظف العام والشخصية النيابية والمكلف بعمل عام من باب أن المسلك الشخصي له علاقة بالدور الذي يقوم به، مطالبا بتفعيل المادة 308 من القانون التي تعاقب بالحبس كل من ينتهك أعراض البيوت وسمعة العائلات والطعن في الأعراض.
ولكن لماذا يهتم الشارع المصري بتلك الأخبار؟ سؤال يجيب عنه الدكتور محمد المهدي - أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر - بقوله إن الناس في العالم كله تهتم عادة بأخبار المشاهير ولكن المجتمع المصري بوجه خاص لديه شغف بالأخبار الشخصية لرجال السياسة والمشاهير والنجوم ولا توجد حدود ومعايير واضحة لما يجب أن يقال أو ما لا يجب أن يقال خلال تناول تلك الحياة الشخصية
ولكن هناك قناعة بأن الرجل بمجرد أن يصبح أو يقترب من أن يكون شخصية عامة فهو مسئول أمام الناس عن تصرفاته ومسئول في حدود معينة عن سلامة السلوك الشخصي له ولعائلته. وأكد المهدي أن حياة رجال السياسة تشغل الرأي العام أكثر من أخبار الفن والمشاهير ولاعبي الكرة ولكن هناك رؤية خاصة للتعامل مع أخبار رجال السياسة تتمثل في أن هناك من يفضل التكتم علي حياة السياسيين والفصل بينهم وبين رجال الدين والفن والرياضة وهناك فريق يري أنه لابد من انتهاك خصوصية السياسيين واختراق سراديب الحياة الشخصية لهم وهناك من لديه رغبة عدوانية للكشف عن أسرار رجال السياسة واستغلالها من أجل تصفية بعضهم واغتياله سياسيا ومعنويا. وهناك أيضا فريق رابع وهم يمثلون شريحة كبيرة من الشارع المصري تخوض في حياة رجل السياسة أو الوزير نظرا لعدم قدرتهم علي إخراجه من منصبه أو إسقاطه في الانتخابات إذا كان مرشحا فيجدون في تناول حياته الشخصية والخوض فيها نوعا من التشفي خاصة في حالة وجود أحداث تحض من هذا الشخص ومنها تهم الشذوذ والرشوة والعربدة .
وهو السلوك ذاته الذي يتبعه النظام الحاكم في تصفية خصومه فيبحث عن وسيلة تحض من هؤلاء الأشخاص في أعين المصريين من خلال تهم أخلاقية أو دينية خاصة أن التركيبة النفسية للشعب المصري تجعل من الصعب عليه تقبل أي شخص لديه زلات أو سقطات أخلاقية أو يوصف بأنه علماني وهو ما يمثل صدمة للمزاج الديني العام في مصر وبالتالي فإن هذه التهم تجعل من صاحبها خارجا علي القيم المصرية ومنبوذا من المجتمع.
ويقول المهدي: إن تلك الوسيلة أصحبت سلاحا هداما لأي رمز سياسي أو ديني أو فني، مشيرا إلي أن الوسائل التكنولوجية الحديثة ساهمت في تفعيل هذا السلاح فأصبح من السهل إظهار أي مسئول في حفل راقص أو يتناول الخمر أو يرتدي ملابس غير مناسبة مخالفة لمعتقداتنا الدينية.
وحول ما إذا كان هناك إدراك شعبي لتلك الألاعيب السياسية، يقول المهدي هناك نسبة من الشعب لديها وعي بتلك الأساليب خاصة النخبة ولكن ذكاء مستخدم تلك الوسائل يهدف لتحطيم صورة الأب والقدوة التي ينظر بها الشعب المصري للرمز السياسي أو المسئول فهو يراه في صورة المعصوم الذي لا يخطأ ولذلك عندما يخطئ هو أو أحد من أسرته يخالف القواعد والتقاليد المصرية يصبح أشبه بالتمثال الذي انكسر .
ويري المهدي أن هذا السلاح تستخدمه النظم الاستبدادية فقط لاغتيال خصومها ولكن في الخارج نجد مثلا الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قبل أن يصبح رئيسا ارتكب العديد من الأخطاء والسقطات وكذلك الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ولكن الشعبين الفرنسي والأمريكي لم يحاسبهما بل تجاوزوا الأمر وتقبلوه لأنه من وجهة نظرهم أن الحياة الخاصة لم تؤثر علي دور الرجل وواجباته تجاه شعبه .. ويتفق الدكتور قدري حفني أستاذ علم النفس السياسي مع الرأي السابق مؤكدا أنه لا توجد حياة شخصية لرجال السياسة خاصة وأن الخوض في حياة السياسيين يجد أهمية قصوي لدي الشارع المصري، وهذا الأمر يستخدم في مصر لتصفية الخصومة السياسية سواء بين القوي السياسية وبعضها أو بين النظام ومعارضيه فهي وسيلة لتصفية الحسابات ضمن حلقة الصراع السياسي الذي يستخدم فيه كل طرف أسلحته. ولا يوجد فرق بين الأمور التي تتعلق برجال السياسة ورجال الرياضة والفن والدين فجميعهم شخصيات عامة متساوون أمام الرأي العام في تحمل مسئولية صورتهم.
وأضاف أنه لا يوجد قانون يجرم تناول حياة الشخصيات العامة مطالبا في الوقت ذاته بسن تشريعات تمنع تناول حياة أفراد المجتمع بينما الشخصيات العامة ليس لها الحق في أن ينطبق عليها القانون لأن حياتها وسلوكياتها تتحكم في القرارات المصيرية لهذا البلد. وضرب مثلا بأنه عندما نتحدث عن مصدر دخل أبناء الرئيس فهذا ليس أمراً خاصاً ولا انتهاك للخصوصية ولكنه حق للشعب أن يعرفه كما لنا الحق في معرفة الحالة الصحية للرئيس وحتي رئيس الوزراء فهذه أمور لا تتعلق بالشخص وإنما بواقع المجتمع، ولكن الحديث عن ماذا ترتدي ابنة فلان أو لماذا تزوج رئيس الوزراء هذه السيدة تحديدا؟ فهذا أمر لا يخص أحدا موضحا أن طبيعة التناول وطبيعة الموضوع الذي يتم تناوله يختلف بحسب التوقيت والهدف منه بمعني أن تناول مسألة تخص العقيدة أو تمثل مخالفة للإسلام سيثير ضد الشخص الجماعات الدينية وعلي رأسهم جماعة الإخوان المسلمين خاصة وأن الشارع المصري بطبيعته يسيطر عليه المزاج الإسلامي .
بينما يؤكد الدكتور عمرو الشوبكي الخبير السياسي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية أن النظم المفلسة سياسيا والتي ليس لديها مشروع سياسي تلجأ لاستخدام الأساليب القذرة والتعرض للمسائل الشخصية من أجل القضاء علي خصومها السياسيين .ففي الغرب الخصومة السياسية تتمثل في الأفكار ولكن في النظم المفلسة تجد من يخوض في مأكل ومشرب الخصم وحتي أدق تفاصيل حياته قبل أن ينظر في المرأة ويري حقيقة نفسه. ويضيف الشوبكي: رغم أن مصر تعيش هذا الأسلوب منذ فترة طويلة من التاريخ لكننا لم نر ذلك في عهد الملكية ولا في عهد الرئيسين عبد الناصر والسادات لأنهما كان يملكان مشروعا سياسيا ويحاربان خصومهما بالسياسة وليس بالتشويه فمثلا عندما حارب عبد الناصر مصطفي أمين اتهمه بالعمالة لأمريكا. ولكن في عهد الرئيس مبارك خرج وزير داخلية أسبق- زكي بدر- ليؤكد أن شكل الحرب السياسية في عهد النظام الحالي الذي يحكم مصر منذ 30 عاما اختلف وأن الخوض في الحياة الخاصة ستكون أحد أسلحة الحرب مع معارضي النظام. وأوضح الشوبكي أن هناك اختلافاً بين تناول الحياة الخاصة لرجال السياسة ورجال الفن والرياضة والدين فحياة رجال السياسة من حق الشعب أن يتعرف عليها لأنها تؤثر في مستقبل البلاد ومستقبل الشعب أيضا فكيف لهذا الشعب الذي يعيش في الخيام وتسقط علي رأس أبنائه هضبة المقطم أن يجد من يخرج عليهم ويقول أنه أقام حفل زفاف ابنه بملايين الجنيهات؟"
ويؤكد الشوبكي قائلا: السياسيون بشر لهم ما لهم وعليهم ما عليهم ولا يجب انتهاك خصوصيتهم ولكن دون الاعتداء أيضا علي حقوق المواطن وانتهاك عقله في أن يعرف حقيقة من يقود مستقبله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.