سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الكشف عن تبرئة يوسف والي من قضية المبيدات المسرطنة .. وهجوم عنيف على الطعن في شرف ناشطات حركة كفاية .. وأسرار جديدة في قضية السفير المصري بالعراق .. واتهام الحكومة بالضغط على حسني لمقابلة السفير الإسرائيلي .. وتوالي الكشف عن الخراب في الصحف القومية
لقد اقتربت ساعة الحقيقة .. ربما كانت تلك الجملة أصدق تعبير عن صحافة القاهرة اليوم ، فالحقائق وعمليات إبراء الذمم بدأت في الظهور والتكشف ، حيث بدأ الجميع يخشى أن يحمل الوزر وحده حينما تحين ساعة الحقيقة . صحف اليوم حملت شهادة من أحد القيادات الجديدة بالصحف القومية بأنهم ورثوا تركة خربة ، حولها من سبقوهم إلى " عزب خاصة " بدون حسيب أو رقيب ، بل أن البعض يريد استغلال ذلك الخراب لبيع تلك المؤسسات بثمن بخس لرجال الأعمال . الشهادة الثانية ، تمثلت في كشف أحد الصحفيين المقربين من وزير الثقافة عن تعرض الوزير لضغوط حكومية لمقابلة السفير الإسرائيلي ، وهو اللقاء الذي تم بالفعل الأسبوع الماضي . وفي مفاجأة من العيار الثقيل ، نقب مجدي مهنا في تصريحات أدلى بها مؤخرا الدكتور فتحي سرور رئيس مجلس الشعب ، ليكتشف أن النيابة العامة قررت حفظ التحقيق مع وزير الزراعة السابق يوسف والي في قضية المبيدات المسرطنة ، وأما ذلك لم يجد مهنا سوى التساؤل عمن يمكن التظلم لديه من ذلك القرار .. هذه المفاجآت وغيرها ، في التفاصيل حيث المزيد من الرؤى والتعليقات . نبدأ جولتنا اليوم من صحيفة " الأهرام " الحكومية ، حيث أعرب صلاح الدين حافظ عن موافقته على المراقبة الدولية على الانتخابات ، قائلا " أسباب موافقتي علي مراقبة الانتخابات عديدة, ألخصها في الآتي, أولا إن هذه المراقبة أصبحت عرفا دوليا تصل مصداقيته إلي درجة قوة القانون, بل إن بعض المفسرين يكاد يضمه إلي القانون الدولي وملحقاته... ولم يعد أحد في هذا العالم سريع التغير قادرا علي تحدي الإرادة الدولية ورفض قوانينها وشرائعها وعرفها وتقاليدها, اللهم إلا أمريكا المتغطرسة., وحدها التي ترفض!. وثاني الأسباب أن مصر وعديدا من الدول العربية قبلت هذا المبدأ من قبل, ورحبت به بل وشاركت في تطبيقه علي العالم في أكثر من مناسبة, بما يعني الاعتراف به سواء كان يخص أصغر دولة أو أكبرها, وآخر الأدلة أن القاهرة سبق لها أن أوفدت وفودا رسمية وشعبية للمشاركة في مراقبة الانتخابات في دول عديدة, وأقربها الانتخابات الفلسطينية واللبنانية, وما تقبله علي غيرك لا يمكن أن ترفضه لنفسك, وإلا سقطت المصداقية.. وثالث أسبابي أن عصر العلم والمعلومات وثورة تكنولوجيا الاتصال, قد فتحت كل الأبواب المغلقة وكشفت الأسرار المخبوءة وكسرت القيود وعبرت الحدود, بلا قدرة علي وقفها (.. ) فكيف يمكن لأي حكومة مهما كانت شراسة أجهزتها وقوة مؤسساتها أن تخفي عن الرأي العام المحلي أو الدولي حقيقة ما يحدث فيها, سواء عن الانتخابات أو غيرها!. ورابع أسبابي أننا نتحدث كثيرا عن إشاعة الديموقراطية وتحقيق الإصلاح السياسي والالتحاق بركب العالم الحر, وأول قواعد كل ذلك إطلاق الحريات العامة, وخصوصا حرية الرأي والتعبير, سواء عبر الصحافة ووسائل الإعلام, أو من خلال حرية المواطن في اختيار من يمثله والإدلاء بصوته في انتخابات حرة نظيفة, وهو ما يعني ألا نخفي شيئا, أو نرهب أحدا, أو نزور انتخابا, أو نخشى من أن يطلع غيرنا علي ما نفعله.. فكل شئ يجب أن يكون شفافا وتحت الضوء الكاشف. أما خامس أسبابي فهو أن عالم اليوم يعيش تحت هيمنة قوة باطشة, لا تتردد في فرض أهدافها وأفكارها بالقوة الجبرية, وها نحن نشاهد الولاياتالمتحدةالأمريكية تمارس ضغوطا عاتية علي حكوماتنا خصوصا, لإجراء إصلاح ديمقراطي وفق الوصفة الأمريكية, الأمر الذي نعارضه بشدة, لكن حكوماتنا الرشيدة يبدو أنها تنصاع للضغوط الأمريكية, في حين تراوغ المطالب الداخلية, في أمر الرقابة علي الانتخابات علي وجه خاص, مما يدفع بعض أطراف اللعبة السياسية المحلية إلي حد الترحيب بهذه الضغوط الخارجية, بل والاحتماء بها للأسف!!" . وبعد أن سجل حافظ بعض التحفظات على هذه المراقبة ، تساءل " ما البديل إذن!! ؟ أتصور أن البديل يكمن في اتجاهين.. الاتجاه الأول, هو دعم خطوة إنشاء هيئة وطنية عليا لمراقبة الانتخابات, تتمتع بالاستقلال والنزاهة والمصداقية وحرية الحركة, تقودها رموز مشهود لها من كبار المثقفين والسياسيين المستقلين والقضاة والصحفيين, وتضم تحالفا حقيقيا بين المجلس القومي لحقوق الإنسان الذي تثق فيه الدولة, ومنظمات المجتمع المدني البعيدة عن شبهة التمويل الأجنبي وأجندته وشروطه, والتي يثق في مصداقيتها الناس في بلادنا, وليس تلك التي يثق فيها الممولون والمحركون في بلاد أخري... فإذا ما نجحت هذه الهيئة في اختبار الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الوشيكة, فسوف تصبح عنصرا رئيسيا من المعادلة السياسية وحافزا مهما للإصلاح الديمقراطي الحقيقي, من ناحية, وسوف تصبح أيضا نموذجا للأشقاء والأصدقاء في كل مكان من ناحية ثانية. أما الاتجاه الثاني فيكمن في أن تتلبس الشجاعة والشفافية حكومتنا الرشيدة وحزبها الحاكم, فتدعو ممثلين لهيئات دولية معروفة, مثل المفوضية السامية لحقوق الإنسان واليونسكو وغيرهما من منظمات الأممالمتحدة, مع ممثلين للجامعة العربية والاتحاد الإفريقي, وممثلين لمنظمات دولية وإقليمية مستقلة كمنظمة العفو الدولية والاتحادات المهنية العربية, وخصوصا اتحادات المحامين والصحفيين العرب, وغيرهما, ليشكلوا معا هيئة مراقبة أو متابعة دولية ذات مصداقية لهذه الانتخابات. وأظن أن مثل هذه التوجهات تحقق الأهداف المرجوة, وتسقط حجج المشككين في نزاهة الانتخابات, مثلما تضعف ضغوط الضاغطين الذين نثق أنهم لا يريدون إصلاحا ولا يحزنون, بقدر ما يريدون فرض التدخل والانصياع لمطالبهم, وتفتح الباب واسعا, أمام الإصلاح الديمقراطي الذي يتمناه كل وطني صادق " . ننتقل إلى صحيفة " المصري اليوم " المستقلة ، حيث يبدو أن الكاتب الصحفي حمدي رزق قد وهب قلمه للرد على " عتاولة " التأييد والمبايعة ، فبعد أن أفحم في مقال سابق المستشار محمد مجدي مرجان ، فانه تفرغ اليوم للرد على الدكتور عبد العظيم رمضان ، قائلا " الدكتور عبد العظيم رمضان وحده قادر على أن يعكر مزاج الوطن كل صباح ، وبخواطره التي ينشرها في جريدة الجمهورية يستطيع إجهاض الأحلام في بطون الأمهات فيورثنا العجز بعد ما يصيبنا بالغم والكدر . رمضان " رجله والقبر" ومن كان في سنه فليعمل عملا صالحا أو ليصمت ، لكنه لا بيرحم ولا بيسيب رحمة ربنا تنزل ، وماسك قلمه مثل السكين نزل تقطيع في لحمن بنات " كفاية" وكأنهن موش ولاد ناس محترمين بيحبوا الوطن أكثر منه ومن أمثاله في الحزب الوطني . المؤرخ المحترم يا رمضان أفندي لا بد أن يزن كلامه بالمثقال وعندما تصف ما يجري في مظاهرات كفاية بالمهازل والمساخر ، عليك أن تقيم الدليل على ذلك وإلا كانت كتاباتك مثل أوصافك مهازل ومساخر وقلة قيمة . ومضى رزق مخاطبا رمضان " وعندما تلمح وتغمز في قناة البنات والسيدات المحترمات فأنت رجل لا يرعى حرمة ولا يصون عرضا ولا يرى من المظاهرات إلا ما يهيئ له خياله أو خيال من أمدوه بتلك التهيؤات المكشوفة ليملأ بها عموده اليومي . مؤرخ زمانه وأوانه يوصي ويتمنى لو استخدمت قنوات التليفزيون المصري بدلا من الجزيرة لتغطية مظاهرات " كفاية " ليس لأنها عمل وطني محترم يصدر عن وطنيين أحرار أو لأنها مهمة التليفزيوني الحكومي بل فقط لمتابعة فتيات ونساء الحركة وهن يتسلقن أكتاف الرجال ويقبعن فوقها لساعات ويهتفن بحماس لإسقاط مبارك . ماذا هذه " اللغوصة الممجوجة " ؟ وما هذه الفجاجة المرفوضة ؟ ما هذا التلميح المبطن بالإيحاءات التي ما كانت تصدر عن رجل في عمر جدي ، الذي كان يسمع القول فيتبع أحسنه وليس أسفله . ساعات فوق الأكتاف ، ليرفعن رأسك ويحررونك من عبودية الحزب والنظام وفوق الأكتاف ، في العلالي ، في الهواء الطلق ، ليوقظن وطنا غفا عن الظلم والظلمة لعقود طويلة نلت فيها – أنت – الدكتوراة ، يهتفن لإسقاط نظام حكم سمح لك ولأمثالك أن يرموا المحصنات في وطنيتهن . ليس جديدا ما تفوهت به والطعن في شرف كفاية اسطوانة نشاز واللعب على المظاهرات المشتركة لا يصدر إلا عن نفوس مريضة والهدف معروف وفظيع ، حرمان حركة وطنية فتية من روحها وحجب المدد النسائي عنها والهدف الأبعد من ترويج كلمات مثل مساخر ومهازل في الشارع هو ترويع عائلات المناضلات ليمنعونهن من المشاركة في أفراح واتراح الوطن حتى لا تصورهن كاميرات الحزب الوطني " . نبقى مع الغاضبين والساخطين على أوضاع الوطن المتردية ، لكن نتحول إلى صحيفة " الوفد " المعارضة ، حيث وصل رئيس تحريرها عباس الطرابيلي إلى قناعة بان " نتعاون مع حكومات طناش.. بل النظام كله طناش!! . فنحن نكتب.. وننتقد.. نهاجم ونناقش، ونقدم الحلول. ولكن حلول الحكومة دائماً ما تخيب. ولهذا فنحن جميعاً في النازل! . وحكوماتنا لا تكتفي بأن تجعل إحدي أذنيها من عجين، والأخرى من طين، بل تجعل من كلتا الأذنين طيناً من طين.. وتكون النتيجة أنها لا تسمع.. فضلاً عن أنها لا تري.. والنتيجة أن أصبحت لا تتكلم.. والحكومة لم تعد تسمع أنين الجوعى، وما أكثرهم حتى أصبحت مصر تحت حكمهم غير الظليل في قاع الدنيا.. واسألوا المنظمات المعنية بالغذاء. ولم تعد تسمع تأوهات العاطلين.. ويكفي أنها تدعي علي لسان رئيس الحكومة أن عدد العاطلين لا يتجاوز المليونين.. وبذلك سقط رئيس الحكومة في الحساب.. كما سقط في امتحانات عديدة، لأن الرقم الحقيقي الذي له ذيول في كل بيت لا يقل عن 6 ملايين عاطل.. وهي لا تسمع يعني طناش بكاء الذين تكويهم الأسعار بعد أن تركت للتجار حرية سلخ جلود البشر وأكل لحوم الفقراء.. وحكومة الطناش تستفيد كثيراً من حالة الصمم.. ويبدو أنها مستريحة تماماً من هذه الحالة، ولذلك فهي في غاية السعادة.. والحبور.. وهي لا تري من مصر إلا الأغنياء.. وإلا أساطيل السيارات الفاخرة ولذلك اندفعت تقدم سيارة جديدة وعلي آخر موديل لموظفيها الكبار من درجة وزير.. ونازل. حتى مجاميع الثانوية العامة ضربها أوكازيون حكومة الطناش.. فانخفضت هي الأخرى.. وأصابها البوار.. والعوار!! . واعتبر الطرابيلي انه " كان أولي بحكومة الطناش أن تغير سياستها خصوصاً وأنها علي بعد أيام من أخطر معركتين انتخابيتين هما انتخابات الرئاسة.. ثم تعقبها انتخابات البرلمان. ويفترض أن تفتح الحكومة عيونها.. وتعد آذانها لكي تري وتسمع حقيقة ما يقال عنها.. وأن تحاول تقديم بعض الدعم للفقراء والمحتاجين إذ ربما مع تقديمها بعض هذه الرشاوى تقنع الناس أن يذهبوا إلي صناديق التصويت.. ولكن الحكومة التي تخشي هي الأخرى أن تأكل البطيخ تخشي أن تضع في بطنها شادر البطيخ كله.. حتى لا تلحق بالذين ذهبوا.. ضحية البطيخ.. ولكننا نقول لحكومة الطناش: نحن لا نكتب للحكومة فقد خبرناها وعرفناها، وهي أنها لا تهش ولا تنش.. وليس الأمر في يديها.. ولكننا نكتب للناس. للشعب الذي يملك وحده مصيره بيده.. ويا ويل الحكومة من شعب مظلوم يستيقظ فجأة.. ويتحرك فجأة.. وينتفض فجأة. نحن نكتب للشعب: إذ ربما يؤكد حسن ظننا به كما كان أجداده دائماً وأن يتحرك. ويذهب عن بكرة أبيه إلي صناديق التصويت ليقول للحكومة لا.. لا حتى لو زورتم إرادتنا.. فلم تستطيعوا تزويرها إلي الأبد " . نتحول إلى مجلة " روز اليوسف " الحكومية " ، حيث كان رئيس مجلس إدارتها وعضو لجنة السياسات بالحزب الوطني كرم جبر هادئا للغاية في مطالبته للحكومة بالصبر " شويه " على معارضيها ، قائلا نريد من الحكومة أن يكون بالها طويلا وصدرها متسعا، لا تضيق بنقد أو هجوم ولا تمل من مطالب الجماهير الكثيرة، نحن الآن في مرحلة جديدة، وفكر جديد، وبدأت تتشكل ملامح دولة جديدة.. ونريد من المعارضة والتيارات السياسية الأخرى أن تفرق بين الحكومة التي تستهدفها بالنقد والهجوم وهذا حقها، وبين الوطن الذي يجب أن نجعله تاجا فوق رءوسنا ولا نسمح لأحد بالاقتراب منه. انفتحت شهية الناس للتغيير والإصلاح، ودارت عجلة الديمقراطية، ولن يستطيع أحد أن يوقفها أو يعيدها للوراء.. وأصبحت المعارضة تطلب كل شىء وتنتقد أي شىء.. لم يعد هناك ما يرضيها أو يقنعها. أما الصحف المستقلة فقد اقتحمت كل الخطوط الحمراء والخضراء والصفراء، وهدمت ما كنا نسميه "سقف الحرية"، لم يعد لها سقف أو حتى مظلة، وانطلقت في الفضاء الرحب دون قيود أو موانع، وتخوض في قضايا كان من يقترب منها في كل العهود السابقة... يلقى بنفسه في التهلكة. رغم ذلك نريد من المخلصين أن يبذلوا جهودهم للوصول إلى توافق وطني يؤدى إلى حماية الوطن وأمنه واستقراره" . انتخابات الرئاسة الاختبار الحقيقي المهم الذي يؤكد مدى جدية الحكومة في تطبيق إصلاح سياسي حقيقي يلبى رغبة كل المصريين في انتخابات حرة ونزيهة، دون ضغوط أو تزييف أو تزوير.. فالباب الذي انفتح وجعل هذا المنصب الرفيع بالاختيار الحر المباشر، لا يجب أبدا أن نغلقه بتدخلات أو ضغوط تفرغ العملية من مضمونها وتجعلها أقرب إلى الاستفتاء. انتهى عصر الخمس تسعات والست تسعات، لن تسعد من يفوز بها، بل ستؤلب على المجتمع أوجاع الاستفتاء والتزوير والتزييف والتحايل على إرادة الجماهير، وأؤكد أن الحكومة لن تنال رضا الرئيس إذا تدخلت لصالحه، ولكن ستنال رضا الرئيس والشعب إذا التزمت الحياد التام أيا كانت النتائج. وتساءل جبر " الرقابة الدولية إذا كان الهدف منها هو أن يطمئن العالم إلى إجراء انتخابات نزيهة وشفافة في مصر.. فلماذا لا نكون نحن رقباء على أنفسنا بصدق وجدية، دون أن يُفرض علينا رقباء دوليون.. ولماذا لا يأخذ القضاء الضمانات التي يريدها لتكون له الكلمة الأولى والأخيرة، وأن يكون الضمانة الحقيقية لنزاهة الانتخابات. المؤكد أنه سوف يكون جارحا للشعور الوطني أن يرى المصريون خصوصا في القرى والأرياف والأحياء الشعبية رقباء دوليين من جنسيات مختلفة يدخلون اللجان ويفتشون عليها، "العرق الوطني" المصري لن يقبل ذلك، والرقابة تثير في نفوسنا ذكريات أليمة عن التبعية والاحتلال وهو أمر سوف تأباه المشاعر القومية التي تراكمت على مدى سنوات التحرر الوطني. دور الشرطة هو حماية أمن الوطن، وليس أمن الحكومة ولا الحزب الحاكم ولا الوزراء ولا المسئولين.. في عصر "الرئيس المنتخب" أصبحت مهمة الشرطة هي أمن الوطن كله، أيا كان الحزب الذي يحكم.. الشرطة لا تغير جلدها ولا هويتها تبعا لأي لون سياسي.. الشرطة لها لون واحد وخط واحد وسياسة واحدة، يجب أن يترسخ مفهومها ولا تحيد عنه وهو الدفاع عن أمن الوطن والتصدي للمخاطر التي تهدده أو تمس طمأنينته. فعلت ذلك وهى تحمى نفرا من المتظاهرين أعضاء حركة "كفاية ".. وتدخلت لحمايتهم وإنقاذهم من مئات المصريين الغاضبين فى حى شبرا، عندما بدأ المتظاهرون يتطاولون على رموز الحكم، ولولا الشرطة لافترسهم رواد المقاهي و الناس العاديون الذين وقفوا يتفرجون عليهم ثم استفزتهم تصرفاتهم وهتافاتهم. جهاز الإعلام مثل الشرطة لا يخدم نظاما ولا حكومة ولا حزبا ولا أشخاصا بأعينهم وإنما يتصدى للقضايا القومية ويطرح كل الرؤى والأفكار، ويساوى بين مختلف الأحزاب والقوى السياسية في طرح أفكارها وبرامجها.. الإعلام القومي سوف يظل بمثابة "رمانة الميزان" التي تحفظ التوازن وتحمى الرأي العام وتمنع وقوعه في براثن الفتن والشائعات. الحكومة والحزب الوطني لا يحتاجان الإعلام القومي للدفاع عنهما.. من واجب الحزب الوطني أن يبادر وبسرعة بإنشاء صحافة قوية تدافع عنه وتتبنى سياساته وتشرح برامجه وأفكاره، وأن يختار الكوادر القوية التي تستطيع تحقيق هذا الطموح.. وعندما يحدث ذلك سينقذ الحزب الإعلام القومي كله من الحرج، لأنه لن يكون محتاجا لمن يدافع عنه أو يشرح سياساته وإنجازاته. تبعا لذلك فليس مطلوبا من الإعلام القومي أن يبادر مشكورا بأن يكون تابعا للحكومة، أو لسان حالها أو متحدثا بلسانها أو مدافعا عنها "عمال على بطال" لأنه يفقد حياديته ويصبح بمرور الوقت عبئا على نفسه، وأيضا عبئا على الحكومة، وسيتحول بمرور الوقت إلى كيان مستأنس لا يستطيع الدفاع عن أي شىء بعد أن فقد حياده وموضوعيته، وأخشى أن أقول أنه اقترب من تلك الهاوية ". سبحان الله ، حديث كرم جبر يعد مثالا نموذجيا لآلية عمل لجنة السياسات ، التي تضم من يسمون أنفسهم بأنصار الفكر الجديد داخل الحزب الوطني ، فهؤلاء يتحدثون عن الديمقراطية أحسن من عبد الحليم قنديل ، لكنهم يمارسون السياسة بأسلوب أكثر فجاجة من الشاذلي والشريف . على العموم ، نبقى مع الحديث عن الصحافة القومية ومشاكلها ، لكن نتحول إلى مجلة " آخر ساعة " الحكومية ، حيث تساءل رئيس تحريرها الجديد محمد الشماع عن " سر الحملة الشعواء التي تتعرض لها المؤسسات الصحفية القومية علي صفحات بعض الصحف الحزبية والخاصة والفضائيات التليفزيونية؟! الحقيقة أن هناك موقفين وراء الحملة، الأول ينطلق من منطلقات بريئة الهوى تستهدف النهوض بهذه المؤسسات المملوكة للدولة والتي تعرضت لعملية استنزاف اقتصادي وبشري رهيب في سنوات الركود الصحفي الماضية. أما الموقف الثاني فهو غير منزه عن الهوي ويستهدف تنفيذ مخططات داخلية مرتبطة بالخارج ترمي إلي تدمير سمعة هذه المؤسسات المملوكة للشعب والتي تعد نافذته الحقيقية علي مجريات الأحداث وجسر الحاكم إليه. هؤلاء يريدون تصفية هذه المؤسسات من أجل بيعها بأثمان بخسة إلي رجال أعمال وشركات خارجية لبسط السيطرة الكاملة علي العقل المصري وتوجيهه ومن ثم الضغط علي نظام الحكم في الاتجاهات التي يريدونها والتي بالقطع تخدم مصالح الوطن والأمة العربية " . وبعد أن تطرق الشماع لبعض العوامل والأسباب التي أدت لتدهور أوضاع المؤسسات الصحيفة القومية ماليا وإداريا ، مضى قائلا " ولما كانت هذه أسباب اختلال الهياكل المالية للمؤسسات التي ينكرون عليها صفة القومية.. فإن هناك بعض الممارسات ساعدت في زيادة اختلال هياكل هذه المؤسسات بعد أن كانت مؤسسات قوية صحفيا وماليا وتوزع مطبوعاتها بمئات الآلاف بل الملايين من النسخ يوم أن كان تعداد الشعب المصري أقل من نصف تعداده الحالي. فبفضل كفاءتهم وعدم حسن أدائهم هبطت أرقام التوزيع إلي أقل من الربع.. مع أن عدد السكان قد تضاعف.. فبدلا من أن يكون التوزيع قد تضاعف مرتين مثلا، انخفضت هذه الأرقام إلي مستويات ضعيفة!.. واستمرت هذه الحالة سنوات رغم انصراف الكثير من القراء.. وانخفضت موارد الإعلان! صحف ومطبوعات كانت تزخر بعشرات الكتاب والصحفيين من نجوم الصحافة والسياسة والأدب علي مدي سنوات طويلة اختفوا واحدا بعد الآخر، حتى أصبحت بعض الصحف بدون كاتب عمود يومي واحد!! . وطوال هذه الفترة حرص بعض المسئولين عن التحرير علي عدم إعطاء الفرصة أو المجال لأي مشروع صحفي ناجح بزعم أنهم لا يعرفون ولا يقرأون ولا يكتبون ولا فائدة من أي أحد منهم!!. ونتيجة لذلك خرجت إلي النور ظاهرة الصحف الخاصة كنتيجة طبيعية لكبت المواهب ووأد الكفاءات، حيث حققت هذه النوعية من الصحف نجاحات كبيرة وقدمت نماذج صحفية ناجحة وأصبحت توزع أعدادا ضخمة بمقاييس التوزيع هذه الأيام وأقامت مشروعاتها علي أسس اقتصادية لا تعتمد علي الإعلان!! وأوضح الشماع أن " البعض من القيادات كان يتصرف في هذه المؤسسات والصحف وكأنها ملك خاص لا ينازعه فيها أحد.. فبدأ المسئولون عنها في استكتاب الموظفين والمغمورين علي أنهم خبراء ومفكرون وكتاب مبدعون.. بينما أبناء الصحيفة يبحثون عن سنتيمترات قليلة لكتابة، رأي أو فكرة أو يخرجون ما بداخل صدورهم وعقولهم من آمال وأحلام فلا يجدون متنفسا ولو في بضعة سنتيمترات يتحركون بأقلامهم داخله! ومن علامات الساعة الصحفية أن بعض رؤساء المؤسسات القومية أخذوا يتبارون في البناء وإصدار مطبوعات لا تحقق أي انتشار وإقامة مشروعات حققت خسائر كبيرة باستثناء عدد محدود من المشروعات الناجحة وعلي رأسها مشروع أكاديمية أخبار اليوم والتي أسسها الكاتب الكبير إبراهيم سعده والتي حققت إنجازات تعليمية حقيقية ساهمت في رفع مستوي التعليم العالي فكان أن سار علي الدرب مؤسسات قومية أخري.. بينما أقامت بعض المؤسسات منشآت ومطابع وكيانات دون دراسات جدوى اقتصادية أو بحث احتياجات السوق، مما جعلها استثمارات معطلة لا تحقق عائدا حقيقيا، وإنما أضافت ديونا بمئات الملايين علي كاهل المؤسسات وأرهقتها ماليا وأصبحت ميراثا ثقيلا وعبئا كبيرا علي المؤسسات ". هذا الخراب الذي نتج عن بقاء قيادات الصحف القومية في مناصبهم لنحو ربع قرن ، دفع الدكتور محمود جمال أبو العزائم في صحيفة " الوفد " المعارضة ، للقول " مر علي خاطري عدة أفكار وأنا أتابع علي القنوات الفضائية مراحل الانتخابات الفلسطينية، وهى تجري في بلد تحت الاحتلال ومحاصر بقوي طاغية، وقد مرت الانتخابات بسلام وأفرزت صورة ديمقراطية تحت إشراف ومرأي من العالم وقارنت كذلك التجارب الديمقراطية التي رأيناها في الانتخابات الأمريكية وكيف أن المرشح يفوز علي منافسه بنسب تكاد تكون متقاربة علي العكس مما يحدث عندنا من الفوز بنسب 99%.. ورجعت سريعاً إلي مصر وكيف أننا بعد سنوات طويلة لا نري أي انتخابات حقيقية، وكيف أن الشعب يكاد يكون قد يئس من الانتخابات وانصرف عنها لأنها لن تأتي بأي جديد، وكيف أننا منذ حوالي ربع قرن مازلنا نحكم بنفس الأشخاص، وكأن مصر قد أصبحت عقيمة ولا تستطيع أن تخرج لنا شخصيات وعقولاً جديدة تستطيع تحريك البلاد للأمام، وعندما استعرضت في ذهني ما يحدث في المجتمع المصري والحملات التي بدأت للتحضير للانتخابات القادمة وكيف يتم إبراز صورة القيادة في الصحف بأن هذا العهد قد تم فيه ما لم يتم من قبل ولا يمكن أن يكون في الإمكان أبدع مما كان وأن هذه القيادات التاريخية مهمة جداً لاستمرار الاستقرار والتقدم والأمان ". وأوضح أبو العزائم أنه " بالرجوع إلي حقائق الأمور ومن خلال عملي في مجال الصحة النفسية يجب أن طبيعة عمل القائد تفرض عليه إجراءات حماية وعزلة عن الحياة الاجتماعية الطبيعية، وذلك من دواعي الأمن.. فإذا استمر الإنسان في تلك الحياة فإنه بعد فترة من الزمن لن يشعر بشعور الإنسان العادي الذي يعيش ظروف الحياة الطبيعية، وبذلك فإن قرارات تلك القيادة تكون بعيدة عن نبض الجماهير ومعاناتهم، ولذلك لجأت جميع الدول المتقدمة لوضع نظام يحد من استمرار أي قيادة في موقعها لمدة فترة أو فترتين بعدها تترك مكانها للآخرين وتعود تلك القيادة لخدمة البلد في مكان آخر. وإذا كانت مقولة الاستقرار لاستكمال المسيرة حقيقة واقعة فلماذا يتم إذاً تغيير رئيس الوزراء والوزراء وقادة الجيش كل فترة، بالرغم من وجود خطة تنمية بدأها هؤلاء الوزراء وتحتاج للاستقرار لاستمرار المسيرة؟ . إن استمرار الوضع كما هو عليه بحجة أن هذا الوضع هو احترام للدستور مع أن هذا الدستور قد عدل في فترة السبعينيات لرغبة الحاكم في ذلك الوقت من الاستمرار في الحكم مدي الحياة، وهذا الدستور ليس قرأناً غير قابل للتعديل وأن هناك ظروفاً عالمية وداخلية تفرض علينا المحافظة علي هذا الاستقرار وعدم تعديل الدستور.. كل هذه حجج واهية تكبت الحريات . إن تقديس القيادة وجعلها فوق مستوي النقد والتحدث عن القيادة الملهمة والتاريخية التي لا تخطئ كل ذلك يؤدي إلي إفساد البلد.. والواجب الرجوع إلي أن القائد فرد من الناس يخطئ ويصيب، فإذا أخطأ وجب تصويب خطئه وإذا أصاب وجب شكره وبدون الغلو في المدح والشكر. نعود مرة أخرى إلى رجال الحرس القديم بالحزب الوطني ، وبالتحديد كبيرهم سابقا ، ونقصد وزير الزراعة السابق الدكتور يوسف والي ، حيث علق مجدي مهنا في صحيفة " المصري اليوم " المستقلة على التصريحات الخطيرة التي أدلى بها الدكتور فتحي سرور قبل أسبوعين وكشف فيها أن النيابة العامة قررت حفظ التحقيق مع والي بشأن مسئوليته عن إدخال المبيدات المسرطنة للبلاد ، وأوضح مهنا أنه " لأول مرة يعرف الرأي العام أن هناك قرارا من النيابة العامة بعدم التحقيق مع الوقائع والاتهامات التي وجهتها محكمة الجنايات إلى الدكتور يوسف والي . إن الدكتور سرور يقول " إن النيابة العامة رأت عدم التحقيق مع الدكتور والي .. أي أنها لم تجر التحقيق من الأساس واعتبرت بلاغ محكمة الجنايات إليها كأن لم يكن .. أو أنها غير معنية بالأمر .. فأي سلطة تخول للنيابة العامة هذا الحق ؟ . السؤال .. إذا كان تقدير النيابة العامة خاطئا ولا يحقق المصلحة العامة ولا يستجيب لصوت البسطاء من المصريين ويصطدم بمشاعر الملايين الذين تناولوا هذا المبيدات السامة التي اعترف وزير الزراعة الحالي الدكتور أحمد الليثي بدخولها البلاد في الفترة التي تولى فيه يوسف والي مسئولية وزارة الزراعة .. فهل لا توجد سلطة أعلى من النيابة العامة تراجعها في موقفها الخاطئ . وتساءل مهنا " هل قرار عدم التحقيق مع والي وإغلاق هذا الملف هو قرار سياسي صادر من الدولة في أعلى مستوياتها ؟ . وهل هناك خشية من أن يؤدي فتح التحقيق في بلاغ محكمة الجنايات ضد الدكتور يوسف والي إلى أن يذهب بالقضية والدكتور والي إلى محكمة الجنايات .. مما قد يعرضه للإدانة وللسجن ؟ . بماذا يمكن تفسير صمت النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد ، فلولا تصريحات الدكتور فتحي سرور ما عرفنا شيئا عن قرار النيابة بعد التحقيق مع الدكتور والي وأين هذا القرار ؟ ، هل تم إبلاغ رئيس مجلي الشعب به وإخفاء هذا القرار عن الرأي العام ؟ . ما هي حيثيات النيابة العامة في قرارها الخاطئ ؟ هل يتكلم النائب العام ؟ نرجو ذلك ". ننتقل إلى صحيفة " الوفد " المعارضة ، حيث علق محمد سلماوي على الزيارة التي قام بها السفير الإسرائيلي بالقاهرة لوزير الثقافة ، قائلا " الحقيقة أن السفير الإسرائيلي الجديد قد قطع شوطا بعيدا في إقامة الجسور بين دولته وبعض القطاعات الحكومية، وتأتي مقابلته للوزير فاروق حسني ضمن سلسلة من اللقاءات أجراها السفير وسيجريها في الأيام القليلة القادمة مع وزراء آخرين، فقد التقي السفير قبل وزير الثقافة بوزيري الزراعة والتجارة الخارجية وفي جدول أعماله لقاءات مع وزراء المالية والتعليم وبعض المحافظين، وقد كان الوزير فاروق حسني علي علم باللقاءات التي أجراها السفير مع الوزراء الآخرين حيث قال للسفير الذي لفت نظره إلي وجود اتفاقية سلام تنص علي هذا التطبيع، إن التطبيع في المجالات الأخرى شىء وفي الثقافة شىء آخر، وقال فاروق حسني للسفير الإسرائيلي ما معناه: لقد قمت بزيارات مماثلة لوزراء آخرين، فهل وجدت الصحافة قد اهتمت بها هذا الاهتمام وسبقتك إلي مكتب الوزير كما حدث اليوم؟ ألم تفاجأ بوجود هذه الكاميرات وبمندوبي الصحف الذين لم تكن الوزارة قد دعتهم أو أخبرتهم بأمر هذا اللقاء؟ . إن الوزير فاروق حسني لا شك كان محقا فيما ذهب إليه من أن التطبيع الثقافي يختلف عن أي تعامل آخر مع إسرائيل سواء في الشأن السياسي أو التجاري أو الزراعي، ذلك أن التطبيع هنا هو شأن شعبي لا تملك زمامه الحكومة وحدها، فهو لا يتحقق إلا عن طريق المثقفين، وهذا يعني أن المثقفين هم الذين يملكون الكلمة الأخيرة في هذا الموضوع وليس وزير الثقافة، ويذكر هنا للوزير فاروق حسني ليس فقط أنه فهم ذلك بحسه السياسي المعروف ولكنه أيضا التزام بموقف المثقفين رغم الضغوط التي تشير الظروف المحيطة بالاجتماع إلي أنها قد وقعت ليس فقط علي الوزير وإنما أيضا علي الحكومة نفسها. وربما كانت تلك فرصة مناسبة لتحديد موقف المثقفين المصريين من مسألة التطبيع، فكثيرا ما سمعت من جهات أجنبية وبعض الجهات المصرية أيضا، أن مسألة رفض التطبيع هذه قد مضي وقتها وأصبحت تمثل موقفاً متخلفاً عن حقائق العصر، وهي بذلك لا تعبر إلا عن تخلف المثقفين المصريين، وذلك في الوقت الذي يوجد تطبيع قائم يوميا بين الإسرائيليين والفلسطينيين أنفسهم لان هناك تعاملاً يومياً فيما بينهم لا يسمح بمثل هذه المقاطعة. واعتبر سلماوي أن " الخطأ في هذا القول هو ذلك التصور السطحي بأن المثقفين المصريين يرفضون التطبيع فقط من أجل الفلسطينيين، وهذا غير صحيح، فالقضية الفلسطينية هي بلا شك أساس الصراع العربي الإسرائيلي لكن الموقف المصري الرافض للتطبيع هو موقف مصري خالص، وهو نابع مما يتصور أصحابه أنه مصالح مصرية خالصة، ومن بين هذه المصالح دور مصر في المنطقة ومكانتها العربية وهي مكانة تتزعزع كثيرا لو أن مصر تركت إسرائيل تنفرد بالفلسطينيين وبالسوريين ومضت هي تطبق اتفاقيات للتعاون مع إسرائيل سياسيا واقتصاديا وثقافيا، ومن بين هذه المصالح أن المنطقة العربية تمثل سوقا طبيعية للتكامل بين مصر وكافة الدول العربية، والمضي في التطبيع مع إسرائيل قد يضر بهذه السوق، ومن بين هذه المصالح أن الثقافة المصرية مازالت تمثل عند العرب ضمير الأمة العربية أكثر من أي ثقافة محلية أخري في المنطقة ومن هنا فان ما قد تفعله دول عربية أخري في المجال الثقافي لا تستطيع مصر أن تقوم به بحكم مكانتها الثقافية هذه، وهكذا فإذا وجد الفلسطينيون أنفسهم في موقف يضطرهم للتعامل مع عدوهم الإسرائيلي من أجل كسب قوتهم اليومي والبقاء علي قيد الحياة، فإن ذلك لا يلزم المثقفين المصريين من قريب أو بعيد بقبول التطبيع الثقافي مع إسرائيل. يضاف إلي ذلك تلك السياسة الدموية التي تتبعها حكومة شارون لإبادة الشعب الفلسطيني واغتيال قياداته وهدم منازله وتشريد أفراده ومصادرة أملاكهم، وهو ما لا يشجع أي مصري له ضمير علي مصافحة السفير الإسرائيلي أو من يمثلهم، لقد تسببت سياسة الحكومة الإسرائيلية الحالية في إثارة غضب جميع أصحاب الضمائر في العالم أجمع ضد إسرائيل وما تقترفه من انتهاكات لأبسط مبادئ حقوق الإنسان، فهل يقوم المصريون في هذا الوقت بمد يدهم لإسرائيل، قد تكون هناك دول أخري في العالم العربي مدت مثل هذه اليد لكن ما تمثله المقاطعة في مصر من ضغط لا يمكن مقارنته بأي دولة عربية أخري، ولو علمت الحكومة ذلك لكانت قد استخدمت هذا السلاح كأداة للضغط علي إسرائيل بدلا من أن تضغط علي وزير ثقافتها كي يجتمع لأول مرة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1979 بسفير دولة إسرائيل وكأن السلام قد حل وحان وقت التطبيع الكامل، إن الموقف الأول يمثل حنكة سياسية لا شك فيها، أما الموقف الثاني فيمثل هوانا لا نجد ما يبرره ". نختتم جولتنا اليوم من مجلة " روز اليوسف" الحكومية ، ورئيس تحريرها عبد الله كمال ، الذي كشف النقاب عن معلومات لم تنشر من قبل في قضية اختطاف ومقتل السفير المصري في العراق ، مشيرا إلى أنه " في اللحظة التي تمت فيها عملية اختطاف الدكتور إيهاب الشريف رئيس بعثة مصر في العراق "الراحل" ، وبينما كان مختطفوه يتوجهون به إلى مكان ظل غير معلوم حتى الآن، كان الشريف يجرى اتصالا من خلال تليفونه المحمول مع زوج شقيقته في القاهرة قائلا: لقد تم اختطافي الآن! عبر هذه المكالمة الغامضة، ومن خلال اتصال تال تم بين "الصهر" ومكتب وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، تلقت الدولة الخبر المفزع والمفاجئ! من المفهوم بالطبع لماذا لم يبادر الشريف بالاتصال بزوجته، أو ابنته الكبرى "إنجى" المقربة إلى قلبه، إذ ربما أراد أن يكون هناك "وسيط" له مكانة عائلية خاصة - هو هنا صهره - يقوم بدور تخفيف وقع "الخبر المؤلم" على أسرته.. لكن الاتصال الغامض يطرح عديدا من التساؤلات. أولها: لماذا لم يتصل الشريف مباشرة بالوزارة، وإذا ما افترضنا صعوبة الاتصال الدولي.. أو أن الخطوط كانت مشغولة "ربما ".. فإن هذا يقودنا إلى السؤال الثاني.. وهو: لماذا لم يتصل الدكتور إيهاب بمقر البعثة المصرية في بغداد التي كانت تضم - في هذه اللحظة - 21 فردا.. بينهم سبعة دبلوماسيين على الأقل؟ أما السؤال الثالث.. وهو الأهم والأخطر فهو: لماذا ترك الخاطفون التليفون المحمول مع إيهاب الشريف، بعد أن اختطفوه، مما مكنه من أن يجرى اتصالا عاجلا وسريعا .. ومع القاهرة.. وهو ما يحتاج إلى تكرار المحاولات!؟! . إن أي تحقيق أمنى، على أي مستوى، لابد أن يكون قد طرح تلك الأسئلة، ومما لاشك فيه أن هناك جهات مصرية مختلفة تقوم الآن بمثل هذا.. وكثير غيره.. بحثا عن إجابات بعيدة.. يحيطها الغموض.. وقد يكون من بين الاحتمالات التي يوحى بها الاتصال الأخير من إيهاب الشريف مع "صهره" في القاهرة، لحظة اختطافه، هو أنه لم يختطف أولا من قبل تنظيم أبو مصعب الزرقاوى نفسه.. وإنما أن يكون قد وقع أولا في يد "عصابة رهائن" ترتزق حراما من «الاختطاف مقابل فدية».. وهى ظاهرة معروفة في العراق الآن.. ثم اكتشفت هذه العصابة أنها أمام صيد ثمين للغاية، فقررت أن تبيعه إلى تنظيم الزرقاوي.. وبعدها جرى ما جرى. إن هذا احتمال قائم، وسوف تكشف عنه التحقيقات، - التي لم تنته بالطبع - وتحدد جدية الاحتمال بالطبع مصادر المعلومات وشبكة العلاقات.. فضلا عن عامل أهم، هو: هل المنطقة التى اختطف منها إيهاب الشريف تقع تحت سيطرة التنظيمات الإرهابية أم جماعات المقاومة أم عصابات الرهائن، أم أحد آخر؟! " . وأضاف كمال " وبقدر ما انتقدنا التصريحات غير المسئولة ،من مسئولين فى العراق، قبل وبعد اختطاف الشريف، والتي زعمت أنه كان يجرى اتصالات مع الفصائل المسلحة.. بقدر ما لا يمكن أن يلهينا ذلك عن مناقشة الجوانب الأمنية التي كان من الواجب أن يقوم إيهاب الشريف بمراعاة معاييرها أثناء عمله في بلد مثل العراق. إن خطابا مهما للغاية حصلت "روزاليوسف" على نسخة منه، وقعه السفير إيهاب الشريف في يوم 25 يونيو الماضي، أي قبل أيام من اختطافه، يكشف إلى أي مدى كان يخالج شهيدنا الراحل إحساس "غريب" بالاطمئنان الأمني.. وهو شعور لا يمكن فهم أسبابه ببساطة في واقع العراق العامر بالفوضى وعدم قدرة الدولة الجديدة هناك على أن تسيطر على أي شىء.. وبما في ذلك تأمين مسئوليها ومكاتبهم. والخطاب موجه من السفير إلى مدير عام شئون السفر بوزارة الخارجية، ويحمل صفة "بعثة جمهورية مصر العربية – بغداد"، وعلامة النسر، ويقول فيه السفير الراحل بالنص: «تحية طيبة وبعد،،، نتشرف بالإحاطة بأن نجلتى الآنسة/ إنجى إيهاب صلاح الدين الشريف (..) سوف تحضر إلى بغداد، برجاء استخراج تذكرة السفر الخاصة بها، علما بأنني في إقرار السفر محتفظ بحق تسفير الأسرة بدون الرجوع إلى الوزارة ". إن هذا الخطاب الذي يتم الكشف عنه للمرة الأولى، يحمل دلالات عميقة، وكان من الواجب على الإدارة المسئولة في الخارجية المصرية أن تحلل مضمون الخطاب، ومعناه، وأن يتم التنبيه على البعثة باتخاذ الحيطة الأمنية الواجبة.. إذ إن استدعاء ابنة السفير، وانتقالها عبر رحلة مفترضة من القاهرة ثم إلى عمان، ومنها إلى بغداد عبر الحدود في أجواء محفوفة بالمخاطر.. ثم الإقامة هناك.. موقف يعنى أن السفير مطمئن تماما، وهو يستحق تساؤلات كثيرة. والسؤال هو: هل تم تحليل الخطاب ومراجعة السفير؟!00 لا أظن أن هذا قد حدث. لقد أصر السفير الراحل على الإقامة بمفرده، وألا يصاحبه أحد في انتقالاته، وقد دعاني هذا إلى البحث عن معلومات حول الموقف الأمني والإجراءات المتبعة للبعثة.. ذلك أن 21 مصريا، ما بين دبلوماسي وإداري ومهن معاونة، يجب أن تتوافر لهم إجراءات حماية دقيقة في مناخ وواقع العراق. لقد تبين لي أنه كان لدى البعثة في بغداد 6 أفراد مصريين مهمتهم حماية مبنى السفارة والقنصلية، فضلا عن آخرين مهمتهم القيام بحماية الدبلوماسيين أثناء تحركهم في الأماكن المختلفة.. ومن الواضح كما تشير وثائق متنوعة، أن السفير إيهاب عقب وصوله إلى بغداد كان قد أطلع من زملائه وموظفيه على الإجراءات المتبعة.. ومن بينها اقتراحهم عليه أن يستمر مقيما في مقر البعثة، بدلا من اختيار مسكن آخر، لكنه فضل الإقامة في شقة مستقلة.. يبدو أنه صار متاحا لمن حوله أن يعرف أنه يعيش فيها وأنه وحده. ومن المدهش أنه قد دارت مناقشات بينه وبين مستشار بالسفارة حول ذلك، وقد كان هذا المستشار هو نفس الشخص الذى اتصل به فى أعقاب اختفائه وانقطاع أخباره، فضلا عن اتصالات أخرى تمت قبل اختفائه مع السائق والطاهي وأكد فيها السفير إيهاب أنه لا يحتاج وقت اتصالهما إلى أية خدمات منهما.. ومن ثم لا داعي لتواجدهما " .