في مساء 27 سبتمبر الماضي، أقيم »احتفال» في مستوطنة »عوش عتسيون» الإسرائيلية بمناسبة مرور خمسين عاماً علي ما وصف بأنه »تحرير يهودا والسامرة»، أي الضفة الغربيةالفلسطينية، حضر »الاحتفال» جميع القادة البارزين في اسرائيل، وعلي رأسهم رئيس الدولة ورئيس الوزراء. قالوا: »اننا نحتفل بعودتنا الي وطننا»! هكذا تحول الاحتلال واغتصاب الأوطان وتشريد وقتل أصحابها.. إلي »تحرير»! وقال نتنياهو: »عدنا إلي القدس القديمة ووادي الأردن وهضبة الجولان.. والمستوطنات مهمة جداً بالنسبة لي. لذلك أقول أمام الجميع بوضوح إنه لن يكون هناك اقتلاع للمستوطنات في أرض اسرائيل»! وفي نفس المناسبة، دعا الوزير الاسرائيلي نفتالي بينت إلي ضم الضفة الغربية إلي اسرائيل.. لأن هذا هو »التوقيت الصحيح»، وطالب بالجرأة حتي لو قوبل هذا الضم بمعارضته في العالم. والمعروف ان عدداً كبيراً من أعضاء حكومة نتنياهو يطالبون علناً بضم الضفة ويرفضون تماما مشروع حل الدولتين. ويكرر نتنياهو دائما القول عن الضفة والقدس: »إننا هنا لكي نبقي إلي الأبد، وسنعمل علي تعميق جذورنا ونبني.. ونستوطن»!. ومما يذكر أن عدد المستوطنين في الضفة الغربيةوالقدسالشرقية تجاوز الآن 650 ألف مستوطن. والسؤال هو: إذا كانت اسرائيل تعتبر الضفة الغربيةوالقدس كلها ووادي الأردن والجولان أرضا إسرائيلية، كما يؤكد نتنياهو، فما معني وجدوي اجراء مفاوضات من أجل التوصل إلي تسوية؟ المفترض ان محور أي مفاوضات هو إزالة الاحتلال واستعادة الأرض المحتلة وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية. أما إذا كانت الأرض »إسرائيلية» فليس هناك أي أساس لإجراء أي مفاوضات. كان رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق اسحاق شامير صريحاً عندما قال يوماً: »في استطاعتي ان أجري محادثات مع الفلسطينيين لعشر سنوات أخري دون ان أقدم لهم شيئاً، وحتي يصل خلالها عدد المستوطنين إلي نصف مليون»! ولا تشعر الحكومة الإسرائيلية بدافع يضطرها إلي إنهاءالاحتلال، فالوضع الراهن بالنسبة لها مريح، وخاصة ان الموقف الأمريكي مشجع. فالرئيس الامريكي ترامب تطرق في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلي كل ما يدور في العالم.. ما عدا فلسطين. وعندما زار إسرائيل لم ترد علي لسانه عبارة »حل الدولتين» أو كلمة »الاستيطان». والسفير الامريكي في اسرائيل ديفيد فريدمان يؤكد أن المستوطنات جزء من اسرائيل وان لديها اعتبارات أمنية مهمة للاستيطان، أما حل الدولتين فإنه في نظر السفير »مصطلح فقد معناه». وفي عام 2003 كان فريدمان محاميا وصديقا لترامب وساهم هو نفسه في إقامة مستوطنة »بيت إيل» وأقنع ترامب بالتبرع بمبلغ عشرة آلاف دولار لبناء هذه المستعمرة المسلحة! ووقع اختيار ترامب علي السيدة هيلي نيكي لتكون مندوبة لامريكا في الأممالمتحدة، وهي تعلن ان سياسة المنظمة الدولية تجاه اسرائيل مجرد »بلطجة»!! يقول: »بول بيلار»، الذي ظل علي مدي 28 سنة من كبار محللي وكالة المخابرات المركزية الامريكية: ان الرئيس ترامب يفرض حماية علي اسرائيل التي تقاوم إبرام اتفاق سلام مع الفلسطينيين.