سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مستشار الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي في حوار مع »الأخبار«: مبارك رفض إعادة العلاقات مع إيران بسبب الهاجس الأمني..والضغوط الخارجية
ثورة 52 يناير.. بداية استعادة مصر مكانتها الطبيعية إقليميا ودوليا
مثل العشرات من الشخصيات الاوروبية أو الامريكية أو العربية.. جاء الي مصر بعد ثورة 52 يناير كي يتنفس ذلك العبير الذي طارت رائحته وانطلقت من ميدان التحرير. ولم يكن وحده، بل جاء علي رأس وفد رفيع المستوي.. ولما سألته عن أسباب هذه الزيارة وكم من المرات جاء الي مصر قال كلاما كثيرا ومهما أعقب تلك الاحتفالية التي إقيمت له وللوفد المرافق معه في حديقة الازهر وبحضور الاستاذ الدكتور ابراهيم فوزي وزير الصناعة الاسبق والمهندس عادل المعلم الناشر المعروف وعدد من من أساتذة الجامعات وبعض الاعلاميين. وعندما طلبت إجراء حوار معه لم يمانع، بل أبدي سعادة كبيرة. عندئذ جلست أنا والمستشار السياسي للرئيس الايراني السابق محمد خاتمي في مكان يطل من بعيد علي قلعة محمد علي وتبدو من خلفه مئذنة سيدنا الحسين ودار الحوار الذي نقله شريط التسجيل والذي أنقله انا بدوري في هذه المساحة.. فتعالوا الي التفاصيل. سيادة المستشار محمد صادق الحسيني أنت الآن في القاهرة.. لماذا؟! أقولك أولا أنا عضو مؤسس لجمعية الصداقة الايرانية المصرية. أما فيما يخص الاجابة علي سؤالك عن أسباب وجودي في القاهرة اليوم. فإنني جئت بالدرجة الاولي لتهنئة شباب الثورة والشعب المصري وأهلنا وأحبائنا الكثر ثم اصدقائنا. أول مرة بعد الثورة وهذه أول زيارة لك لمصر بعد الثورة؟! أيوه نعم.. لقد جئت كما قلت لك من أجل أن أحمل اليهم التهنئة بهذه الثورة العظيمة، والتي هي بالفعل ثورة شعبية سلمية من صميم مصر الحقيقية ولما فاضت كما نيل يفيض. جئت من اجل التهنئة والتعرف والاطمئنان إلي سير هذه الثورة. وماذا كان انطباعك؟ انطباعي ان هذه الثورة، هي ثورة أحدث زلزالا مدويا.. وضعضعت كل ما كان خارج سياق مصر من استبداد وفساد والشيء المهم هو المتمثل في خروج مصر عن طبيعتها التي كنا نعرفها باعتبارها خزائن الارض في الادب والمعرفة والفن والعلوم وفي قيادة الامم ودورها التي كانت تمثل أم الدنيا وقائدة العرب وذات ثقل كبير جدا في العوالم الثلاثة الاسلامية والعربية والعالمية. انتفاضة الروح هل تعتقد ان هذه الثورة يمكن أن تعيد مصر مرة أخري كي تقف علي أبواب الحضارة كما كانت من قبل؟! إنني متأكد من هذا لأنني أعتقد ان الذي حدث لديكم هو انتفاضة الروح المصرية والعقل الجماعي المصري. وقد اتحدا معا وامتزجا في لحظة وجدان واستيقاظ لهذا الوجدان. وماذا استنتجت في زيارتك الحالية لمصر بعد الثورة؟ لقد استنتجت أن ما حصل في عام 2591 إنما هو ثورة عظيمة قام بها جمال عبدالناصر وقد نتج عنها استبدال ملك فاجر بأمير من البر.. في ضوء التحامهم بالشعب الذي ساندهم. وهذه المرة رأيت ان الهرم معكوس، الشعب يقرر أن يزيل أمير فاجر ويستبدله بأمير من البر. والعسكر يتلقفون هذه الثورة ويؤيدونها بكل صدق واخلاص. ولذلك أنني مطمئن أنه عندما تكتمل الصورة واللوحة الكاملة سوف يعودون الي معسكراتهم وهذا هو انطباعي الشخصي نظرا لطبيعة مهمتهم التي هي قتال العدو . من منطلق أنني أعرف ان العقيدة المصرية مازالت تعتقد أن هناك عدوا أساسيا واحدا.. هو الكيان الصهيوني ولم تستبدله يوما بعدو وهمي حاولوا أن يفرضوه علي مصر. مصر وايران وهل تري أن هذه الثورة ونتائجها من الممكن أن تساهم في عودة العلاقات بين مصر وايران؟! بالتأكيد ذلك لأن المعلومات وكذلك تحليلها يؤكد ذلك وأبدا حديثي في هذه النقطة من التحليل.. وأذكر لك ان الموقع الاستراتيجي لمصر عندما يعود الي طبيعته. مقاطعا: وماهي الفترة الزمنية التي تتوقعها في هذا الشأن؟! أنا أعتقد أن هذا الشأن لن يتأخر عن ستة أشهر. حتي تكتمل صورة الجانب القانوني والدستوري باعتبار أن ما يحدث الآن يدرس بعناية علي اكثر من مستوي كما فهمت. وكم مرة جئت مصر قبل الثورة؟! خمس مرات.. اما بمصاحبة الرئيس خاتمي أو وزير أو بمفردي. وكم مرة جئت مصاحبا لخاتمي؟! لقد زار مصر مرة واحدة.. وكان في هذه الفترة رئيس ايران السابق. وهل وجدت اختلافا في استقبالك بمصر بعد الثورة ؟! وجدت تغيرا جديا وملحوظا.. صحيح في الجانب الاداري لم ألحظ وجود تغيير يذكر.. اما في الجانب الانساني المتعلق بالبشاشة والتعامل الطيب.. رأيت ذلك ولاحظته بوضوح تماما. لقد سمعت وانا في القاهرة في هذه الايام عبارات جميلة لم نسمعها من قبل سمعنا من يقول لنا: أهلا بك من ايران. وهكذا وقد لاحظنا ذلك ابتداء من مطار القاهرة. سيادة المستشار لقد سمعت منك عبارات طيبة تتدفق من القلب في اتجاه مصرنا الحبيبة. هل هذا صحيح؟! فعلا إنني أحب مصر. وأتمني ان تخرج مصر الآ ن مما هي فيه ولا أحب أو أتمني أن يصبها الارباك.. والا تنتقد، ولا يزيد الضغوط عليها. ولماذا يسودك هذا الشعور الآن؟! لان ما حدث في مصر. هو كنز كبير جدا. وقد أشار الي ذلك حتي العدو الصهيوني حين أعلن بعد نجاح ثورتكم انهم خسروا كنزا كبيرا ويقصد الرئيس السابق فإننا في المقابل قد نجحنا في الحصول علي كنز كبير جدا. وهو ان مصر قد عادت الي وضعها الطبيعي. خزائن الأرض وماذا تتمني في الفترة القادمة؟! بشكل رئيسي أتمني لمصر ان تستعيد عزتها وكرامتها ودورها الحقيقي في المنطقة العربية وفي العالم وحتي تصير بالفعل أم الدنيا لما تملكه من خزائن الارض. كما أتمني أن تعطي مصر خاصة في مجال السياسة الخارجية افضل ما عندها. وفي هذا السياق أقولك أنني لا أحب أن ننشر عيوب مصر في الخارج لان مصر وبالتالي علينا جميعا ان نبزر افضل ما عندها لأنني في حاجة اليها قوية وعزيزة ومكرمة. هل هذه رؤيتك السياسية أم الانسانية أم نابع من حبك لمص ؟! هذا كله جميعا. ودعني أقولك مصر بعيون إيرانية. بمعني أن القيادة العليا في ايران والكتل السياسية المتفاوتة في الرؤية الداخلية وبأطيافها المختلفة. ثم الشعب الايراني العادي تابع احداث ثورة مصر.. حتي أن ابني قال لي: لم أر في حياتي وهو شاب في الثانية والثلاثين عاما. قال لم أشهد في حياتي شعبا أطيب وألطف وأجمل من الشعب المصري. وثورته العظيمة التي استطاعت أن تسقط فرعونه دون أن يضرب احد احدا أو يشاكس شاب شابة أو يختلف صاحب فكرة مع آخر. لقد تناسوا كل الخلافات في لحظة تاريخية. كلام رسمي لقد حدثتنا عن نظرة الشعب الايراني للثورة المصرية.. فماذا عن الجانب الرسمي؟! الجانب الرسمي ينتظر العودة السريعة والطبيعية للعلاقات بين البلدين. ولكنه ايضا يقدر كثيرا.. وقد سمعت ذلك هناك. ولا أقولها انطباعا.. أننا نقدر لمصر ماهي عليه وماهي فيه. وقادرون علي الانتظار حتي نري اللحظة المناسبة، لاننا لا نريدها أن تأتي وهي محملة بأثقال تركها النظام السابق. وعلي فكرة هذا رأي القيادة السياسية وليست الاجهزة الحكومية في طهران وهم لذلك مرتاحون لما حدث في مصر وغير قلقين. وهل في تصورك أن هناك مشاكل تنتظر تأخر عودة هذه العلاقات بعد الثورة؟! تقصد مشاكل ثنائية.. أبدا غير موجودة.. وبالمناسبة المشكلة بين مصر وايران لم تكن ابدا ثنائية حتي موضوع استقبال الشاه لم يكن هو المفجر لهذه المشاكل ولا اسم الشارع وقد شكلوا لنا لوحة بديعة نتمني أن تعم في العالم العربي والاسلامي ولا تتصور أننا نقصد بذلك الجانب السياسي فقط. ولم نر من مصر الا كل الخير.. وهذا ما سمعته داخل ايران وهو يمثل رأي الجمع الايراني. وليس رأيي الشخصي. ودعني أقولك مرة أخري أنني أقول ذلك بحماس لأنني عضو مؤسس في جميعة الصداقة المصرية الايرانية. ونلح منذ ربع قرن علي ضرورة إعادة العلاقات بقوة. لأنني نشعر أن بمصر الكثير من مخازن العلم والمعرفة والتاريخ والحضارة ونستطيع نحن في ايران أن نأخذ من هذا المعين الذي لن ينضب ابدا. وإنني لا أكتمك سرا. اذا قلت لك وأنا شاهد عيان.. ان السبب الرئيسي لقطع العلاقات بيننا وبين مصر هي القضية الفلسطينية. وكيف حدث ذلك؟! نعم أقولك ان السبب الحقيقي الذي أدي الي قطع العلاقات مع مصر بعد الثورة الايرانية.. هو استنجاد الرئيس عرفات بالامام الخوميني شخصيا وكان عرفات أنذاك يقيم في العراق. وقد طلب من مساعد السفير الفلسطيني ان يحمل رسالة الي الخوميني ويقول له العرب قد خذولوني. وحدث ذلك بعد توقيع مصر معاهدة كامب ديفيد. وطلب ان تنقذه ايران. وذهبت انا شخصيا الي قم في هذه الفترة مع مساعد السفير الفلسطيني كي نقابل الامام هناك فوعده بالوقوف الي جانبه كما وعده بقطع العلاقات مصر وقد كان. وبالتالي فإن قطع العلاقات جاء اكراما لفلسطين وليس بسبب خلاف ثنائي. وأعتقد أنه ليس بيننا وبين مصر خلافات ثنائية. والدليل ايضا علي ما أقول أنه وطوال هذه الفترة التي شهدت قطع العلاقات. كانت هناك اتصالات مع المصريين سواء في المؤتمرات الدولية أو في غيرها وايران كانت تري انه ليس هناك سبب لعودة العلاقات مع مصر سوي الضغط الكبير والهائل من الثنائي الصهيوني الامريكي والذي كان يريد ان يحجم دور مصر ويمنعها من ممارسة دورها. لأنه سرعان ما قررت بعد ذلك ايران أن تعيد العلاقات. مشكلة الأمن وهل تذكر في أي عام تم ذلك؟! يمكن بعد عامين أو ثلاثة.. وبعد ان عادت مصر مرة أخري الي العالم العربي في ظل المصالحة العربية التي تمت أنذاك. ومتي حدث ذلك.. ؟! أيام الرئيس الراحل أنور السادات.. وعندما كنا نحاول إعادة العلاقات كنا نواجه بالأمن. وقد تكرس ذلك في أيام الرئيس السابق، خاصة بعد محاولة اغتياله في أديس أبابا بأثيوبيا. وماذا ينتظر كلا من مصر وايران من أدوار بعد عودة العلاقات ؟ أنا أقول لك وهذا كلام سمعته في ايران في الفترة الاخيرة من قيادات كبري. بأن خرائط المنطقة سوف تتغير. وعلي فكرة اسرائيل كان لديها هذا الاحساس لأنهم رأوا ان هناك شيئا ما سوف يحدث في مصر. دون معرفة تفاصيله، ذلك لان المياه الراكدة قد بدأت تتحرك في مصر حتي من قبل ثورة 52 يناير. وبالتالي كانت هناك دلائل تشير لنا بأن هناك ثمة شيء ما سوف يحدث. وبالتالي فإن وجه المنطقة سوف يتغير. وهل كنتم في ايران تشعرون بأن هناك حدثا ما سوف يحدث في مصر؟! نعم.. كان ذلك حقيقي. ولكننا لم نكن نعرف التفاصيل.. ولا كيف سيحدث ولا نتائجه، كما كنا نشعر بأن هذا الشيء لن يطول وكنا كذلك في شوق إليه. لقد ذكرت لي بأنك زرت مصر قبل ثورة يناير عام 5002 فماذا كان هدفها؟ هو التواصل مع مصر.. وجاء ذلك من رغبة حقيقية من جانب الرئيس محمد خاتمي. لان كل ايراني وهو كان في ذلك الوقت مواطنا ايرانيا. كانت لديه رغبة جامحة ومنذ طفولته أن يزور مصر ويتعرف علي معالمها.. حتي كبار المفكرين والادباء. وماذا أسفرت هذه الزيارة؟! زيادة التواصل الشعبي بين البلدين. وقد لمسناه في هذه الزيارة حتي في الشارع المصري وفي كل مكان. ودعني أقولك اكثر من ذلك.. أننا لمسنا ذلك حتي في الدائرة المقربة للرئيس السابق في ذلك الوقت. وماذا كانت رؤية السابق؟ كان يبدو لنا منزعجا من شيء فاجأنا به كثيرا. وقد أعاد ذلك خمس مرات. وماهو؟! قال لنا اعملوا كنترول للرئيس احمد نجاد لانه يذكرني بعبدالناصر!! وماذا فهمتم من هذه العبارة؟! ان هذا الكلام كان في تصوره سوف يثير مواجهة مع المجتمع الغربي، واستفزاز لهم. لقد كان يتحدث نيابة عن الغرب. فاضطر الرئيس خاتمي رغم خلافه أنذاك مع الرئيس احمد نجاد بخصوص الوضع الداخلي.. ان يقول لمبارك انه بلد ديمقراطية وبالتالي فهو رئيس جمهورية وأنا رئيس جمهورية سابق وبالتالي لا استطيع ان أؤثر عليه. وعلي فكرة عندما بدأنا نتحدث معه عن الديمقراطية بدأ يسخر من هذه الديمقراطية. وماذا كان رد الرئيس السابق خاتمي؟ قال له.. هذا رأيك. والديمقراطية عندنا متجزرة في تاريخنا القديم ولم نستوردها من الغرب. وهل وجهتم دعوة للرئيس السابق لزيارة ايران؟! لم يحدث ذلك لان الرئيس خاتمي في ذلك الوقت كان رئيسا سابقا ولكننا طلبنا بشكل واضح وملح بأن تفتح المجالات بين المثقفين ورموز الفكر بين البلدين، لأننا نعتبرهما بلدين عريقين في الحضارة وفي الثقافة. وهل تحقق ذلك؟! طبعا لم يتحقق لانه طرح من جديد وبشكل غير مباشر الموضوع الأمني.. وطالب أولا بعودة العلاقات الدبلوماسية التي كانت في رأيه هي الاهم. دعنا نختتم هذا الحوار بما سمعناه عن رغبة البلدين في قيام الدبلوماسية الشعبية بالترويج لعودة العلاقات بين البلدين. فهل هذا صحيح وما تفصيله؟ نعم في الواقع ان اكثر من طرف مصري، وعلي اكثر من مستوي واكثر من مبادرة.. وكلها من جماعات مدنية. وعلي فكرة فإن جماعة الدبلوماسية الشعبية قد قرروا وهم في أثيوبيا وهكذا أبلغونا بأنهم هناك ان تكون الخطوة القادمة هي الدبلوماسية الشعبية مع ايران. وغير هؤلاء جماعات مستقلة ومن مختلف الاطياف وكذلك رموز تجارية سياحية تريد ان تخدم مصر بشكل رئيسي عن طريق استجلاب السياحة. وماذا عن الجانب الشعبي الايراني؟! نحن الآن.. واقولها لك وبدون مبالغة ومنذ 51 عاما ونحن نقدم مشاريع مكتوبة وشفاهية الي السفارة المصرية في طهران من اجل ان تقوم برحلات جماعية لزيارة الاماكن المقدسة في مصر. ولم نتلق أية ردود. معني ذلك. ان ايران ترحب بفكرة الدبلوماسية الشعبية والتي سوف تنطلق من مصر.. أم ماذا؟! لقد تلقفتها ايران فورا ونحن تقدمنا بطلب رسمي بأن تأتي طائرات ايرانية لنقل هذه الوفود المصرية الي طهران.. ومازلنا في انتظار القرار المصري للسماح بهبوط هذه الطائرات. ليس ذلك فقط بل وعرضنا ايضا استضافة هذه الوفود كي يقولوا ما عندهم عن مصر لاننا نعتقد ان ذلك مفيد جدا للبلدين.