يبدو أن حسم قضية برنامج كوريا الشمالية النووي لن يكون قريبا.. حيث لايبدو في الافق أي حل لوقف التسارع النووي في شبه الجزيرة الكورية والذي يتزايد يوما بعد يوم.. وفي الوقت الذي تتجه فيه ادارة ترامب إلي فرض المزيد من العقوبات علي النظام الكوري الشمالي وفرض عقوبات أخري علي الدول التي تتعامل معه يبدو الزعيم الكوري كيم جونغ أون علي الجانب الاخر ماض في طريقه غير مهتم لا بالعقوبات ولابالتهديدات الدولية. كان التوتر قد تصاعد في شبه الجزيرة الكورية في يوليو الماضي بعدما قامت كوريا الشمالية بتجربتين ناجحتين لصاروخ بالستي عابر للقارات.. وفي أغسطس هددت بإطلاق صواريخ قرب جزيرة جوام الأميركية في المحيط الهادئ وأطلقت الأسبوع الماضي صاروخ متوسط المدي حلق في سماء اليابان وسقط في المحيط ويوم الاحد الماضي اطلقت تجربة لم تكن متوقعة كانت اختبارا لقنبلة هيدروجينية يمكن استخدامها رأسا حربية لصاروخ بالستي عابر للقارات. ومنذ اجراء تجربة القنبلة الهيدروجينية الاخيرة - والتي ادت لزلزال بلغت قوته 6.5 درجة كما يقول خبراء -الاسبوع الماضي وتبعات التجربة والاوضاع تتجه إلي التصعيد ولكنه تصعيد مدروس او تحت السيطرة.. فرغم ان البعض توقع ان تقود تبعات التجربة العالم إلي »حرب نووية» بعد ان حذرت الولاياتالمتحدةكوريا الشمالية من أنها لن تتواني عن شن هجوم عسكري واسع في مواجهة أي تهديد منها بعد تجربتها الاخيرة الا ان الواضح حاليا ان ادارة ترامب تميل إلي التصعيد وقد تبدو سياسة متعمدة لفتح سباق التسلح في شبه الجزيرة الكورية وهو ما أتضح مؤخرا في اعلان الولاياتالمتحدة اول أمس عن استعدادها لبيع الأسلحة العسكرية لحلفائها في المحيط الهادي ردا علي التجارب النووية الكورية الشمالية فالولاياتالمتحدة لن تترك الفرصة دون ابتزاز حلفائها ولاستمرار مصالحها في المنطقة واستغلال رعبهما من القوة النووية لبيونغ يانغ لتبيع لهم صفقات أسلحة وأنظمة دفاعية صاروخية بمِليارات الدولارات بعد أن أعلنت منذ يومين انها ستقدم إلي كوريا الجنوبيةواليابان اسلحة متقدمة من بينها اسلحة هجومية ردا علي الازمة النووية المتزايدة مع كوريا الشمالية. وحتي قبل أن يكشف الرئيس ترامب عن خططه بالسماح ببيع معدات اسلحة كبيرة لليابان وكوريا الجنوبية، أرسل البيت الأبيض طلبا إلي وزارة الخارجية لتقييم أفضل الطرق للإسراع بإصدار مثل هذه المبيعات لمواجهة تجارب الصواريخ والتجارب النووية الاخيرة في بيونجيانج. حيث اكدت صحيفة واشنطن تايمز ان هناك اتجاها في البيت الابيض يشير إلي بيع صواريخ »توماهوك» القادرة علي الاستهداف الاستباقي لمواقع اطلاق الصواريخ الكورية الشمالي.ويتولي مكتب الشؤون السياسية والعسكرية بوزارة الخارجية تنظيم مثل هذه التصاريح.. وكان شينزو ابي رئيس الوزراء الياباني اعلن مؤخرا ان حكومته التي دأبت منذ فترة طويلة علي اصلاح الدستور الياباني للسماح باستخدام القوة الهجومية لاول مرة منذ الحرب العالمية الثانية ستسعي إلي تعزيز دفاعاتها الصاروخية من خلال شراء المعدات التي طورتها الولاياتالمتحدة مثل صواريخ آيجيز آشور Aegis Ashore الاعترا ضية. المؤكد حتي الآن ان آسيا ستشهد سباق تسلح نووي غير مسبوق وهو ماتسعي اليه السياسة الامريكية الجديدة سوف تضطر معه اليابان إلي العودة إلي زمن العسكرة مجددا ولتصبح الصناعات العسكرية الخطيرة الشغل الشاغل لعدد كبير من علمائها وباحثيها، وربما تفكر اليابان جديا في الالتحاق بالنادي النووي الدولي فالادارة الامريكية الحالية والادارات المتعاقبة السابقة تعرف ان كوريا الشمالية لن تتراجع عن برامجها النووية لانه طريقها الوحيد للبقاء فهي تسعي من وراء ماتفعله أن يقبل العالم بها كدولة نووية إسوة بدول أخري خارج الدول الكبري تملك أسلحة نووية مثل إسرائيل والهند وباكستان لأنها تري في مثل هذه الأسلحة ضمانة وحيدة لأمنها وسيادتها وتريد ان تفتح حوارا مع واشنطن للتوصل إلي اتفاق وبالنظر إلي كمية المعدات العسكرية الأمريكية في آسيا واستمرار غياب معاهدة سلام بين كوريا الشماليةوكوريا الجنوبية، سيكون من المنطقي تماما أن يبحث كيم جونغ أون عن السلام والاستقرار والأمن بأي طريقة وربما هو عازم علي ذلك ولكن وهو في موضع قوة لا ضعف. ولهذ تري صحيفة الاندبندنت أن كوريا الشمالية ربماتطلق من خلال ما تقوم به الآن صرخة للعالم كي يصغي إليها بعناية ويساعدها كي لا تظل دولة منبوذة، صحيح انها طريقة غريبة لطلب المساعدة ولكن ربما هي الحقيقة وتري أن الطابع الاستفزازي للرئيس الأمريكي ترامب في التعامل مع الرئيس الكوري الشمالي العنيد والذي لا يقبل الاستفزاز هو السبب في تعقيد الأمور أكثر من أي وقت مضي يأتي ذلك في الوقت الذي تتجه فيه الادارة الامريكية إلي فرض عقوبات جديدة علي بيونج يانج منها منعها من استيراد النفط الا أن اختلاف الاراء في جدوي هذا الحل لن يجعل فرض عقوبات جديدة امرا سهلا حيث تؤيد فرنسا وبريطانيا واليابان الجهود الامريكية لفرض عقوبات جديدة علي كوريا الشمالية.وتري الصين وروسيا أن الأزمة مع كوريا الشمالية ينبغي أن تحل بشكل سلمي وفق مجريات الامور فقد انتقد الرئيس الروسي فلاديمير فرض العقوبات علي بيونغيانغ بسبب استفزازاتها النووية وقال انه غير فعّال معللا ذلك بأن الكوريين الشماليين »سيأكلون العشب ولن يتخلوا عن تجاربهم النووية وقال ان تصعيد الوضع العسكري في شبه الجزيرة الكورية قد يؤدي إلي »كارثة في العالم كله.و أن كوريا الشمالية لن تمتنع عن تطوير برنامجها النووي ما لم تشعر بالسلام والاستقرار.