مفاهيم جديدة صدّرها لنا وزير التعليم د. طارق شوقي في الحوار الكاشف والرائع الذي أجراه معه الزميلان العزيزان عمرو الخياط رئيس تحرير أخبار اليوم ورفعت فياض مدير تحريرها. فلأول مرة مثلاً أعرف أن هناك دروساً »شرعية» وأخري غير »شرعية» وأن هناك فرقاً لدي وزارة التعليم بين »الدرس الخصوصي» »ودرس التقوية». فرقاً يذكرني بالفارق بين الزواج الشرعي والزواج العرفي، أو بين الزواج العرفي وزواج المتعة أو المسيار! ولأول مرة أسمع ان وزارة التعليم وضعت قاموساً لغوياً تفرق فيه بين هذين النوعين من الدروس فالوزير يشرح »نظريته التعليمية» فيقول»: الدرس الخصوصي تعريفه اللغوي عندنا هو تدريب طالب علي عبور امتحان متوقع بدون تعلم المادة، وهذا ما نريد أن نغلقه لكن تعلم المادة بهدف أن أجتاز الامتحان يعتبر درس تقوية وهذا شرعي أما الأول فغير شرعي !! أي الأول غير شرعي والثاني شرعي!! لم تكن تلك التخريجة لنظرية الوزير التعليمية هي الوحيدة المثيرة للدهشة والتعجب، فقد امتلأ الحوار بالكثير من علامات التعجب التي رصع بها الزميلان نص إجابات الوزير لكني سأتوقف هنا فقط أمام الجزء الخاص بالحلول العبقرية التي قدمتها وزارة التعليم لحل مشكلة الدروس الخصوصية التي تنوء بها كواهل الأسر المصرية فبدلاً من مكافحتها قدمت الوزارة »فتوي بتحليلها» فأصبحت مراكز التقوية أو »السناتر» حلالاً بلالاً والسبب في هذا يشرحه الوزير بقوله: »السبب في أننا سرنا في هذا الاتجاه لتقنين مثل هذه المراكز هو أنك لم تعد تستطيع أن تدفع للمدرس المصري في الموازنة الحالية في مجانية التعليم في المعادلة الاقتصادية الحالية ما يغنيه عن مصدر دخل خارجي لذلك نحاول أن نجد له مصدر دخل خارجي حتي نمتص هذا الواقع ونستفيد من جهد هذا المدرس بعد انتهاء مدة عمله بالمدرسة». يا سلااااام! ويضيف لا فض فوه : »سنعيد المدرسين مرة أخري إلي الفصل، وكيف سيعطي دروسا خصوصية وقتها مادمت تضع له الامتحان النموذجي وعمال يدرب الأولاد عليه؟ وإذا كان المدرس يريد أن يدربهم علي المادة كتقوية لامانع فالطالب الدارس لمادة الفرنساوي علي سبيل المثال قد لايكفيه عدد الساعات التي يحصل عليها في المدرسة، ويريد أن يذهب لمدرس ليقويه أكثر لأنه يريد بالفعل أن يتعلم الفرنساوي بشكل جيد فلا مانع وقتها المدرس هنا لا يعلم الطالب علي كيفية الإجابة علي الامتحان بل يعلمه علي كيفية إتقان المادة وهذا شكل قانوني لاغبار عليه ولهذا عندما قلت في هذا المجال أن هذا الشكل الجديد من التقوية سنقننه طبعا المنتفعون بال30 مليار دروس خصوصية لن يسكتوا عما صرحت به، بعد أن وجدت للطالب بديلا قانونيا للدروس الخصوصية. أيواااه.. هنا بيت القصيد.. وهل كانت لدي الطالب يامعالي الوزير مشكلة في البحث عن بديل قانوني للدروس الخصوصية؟ إن المشكلة الرئيسية التي تتجاهلها معاليك تكمن في الدروس الخصوصية بحد ذاتها أو دروس التقوية، أو أياً كان المسمي أو اسم الدلع الذي تطلقه عليها وهي الخدمة التي يجب أن يحصل عليها الطالب أثناء اليوم الدراسي وفي فصله المدرسي. إن كل مايقدمه الوزير بشروحه السابقة مجرد مسوغ لكي يمد يده في جيب المدرسين الخصوصيين وأصحاب السناتر ليقتسم معهم تلك الثلاثين مليارا التي لا تدخل ميزانية الدولة وتعتبر جزءاً من الاقتصاد الموازي. الوزير لم يلتفت إلي ان مصدر تلك المليارات الثلاثين هي جيوب ملايين الأسر المصرية التي تضم طلاباً في مراحل التعليم المختلفة وتتكلف أعباء تلك المراكز ونفقات الدروس الخصوصية لتعوض بها فشل منظومة التعليم من مناهج متخلفة وكثافة فصول وغياب ضمير بعض المدرسين. كل ما يهم الوزير هو إدخال أقصي ما يستطيع من مليارات إلي ميزانية الدولة كي يتباهي أمام رؤسائه ويتجاوز أعباء التعليم المجاني الذي يعاديه في قرارة نفسه بصرف النظر عن كيف ومن أين يأتي بتلك المليارات. إن الخلاصة من الحلول العبقرية التي قالها الوزير في حواره مع أخبار اليوم هي »تأميم السناتر» وليذهب الأهالي إلي الجحيم فهم يدفعون في كل الأحوال.