الدروس الخصوصية الأزمة المتجددة التي فرضت نفسها وبقوة علي العملية التعليمية وتمكنت من اتخاذ مسلك لوجودها بعد ان رسخت في أذهان الطلبة وأولياء الأمور انها شرط وعنصر أساسي لضمان النجاح حتي صار أولياء الأمور يتعاملون معها بمبدأ "أنها شر لابد منه" وكأن هذا الوضع الخاطئ أصبح نهجاً شرعياً لاجتياز السنة الدراسية وتحصيل الدرجات!! رغم محاولات وزارة التربية والتعليم والدولة مواجهة مشكلة الدروس الخصوصية إلا انها غير كافية لردع هذا الابتزاز الدراسي الأمر الذي يتطلب مزيداً من الخطط الفاعلة لمواجهة الدروس الخصوصية وسناتر جمع الثروات!! أثارت لجنة التعيم بالبرلمان مشكلة الدروس الخصوصية وضرورة العمل علي إيجاد حلول جديدة خاصة مع زيادة أسعار الدروس عن كل عام الأمر الذي أكده أولياء الأمور الذين اعربوا عن استسلامهم للوضع لعدم وجود بديل آخر أمامهم لتعليم ونجاح أبنائهم في ضوء غياب الرقابة علي أداء المعلمين داخل الفصول!! طرحت "المساء" قضية الدروس الخصوصية للمناقشة مع أولياء الأمور والمدرسين وخبراء التعليم للتعرف علي الأسباب الجذرية وراء التسليم بوجود الدروس الخصوصية كجزء من العميلة التعليمية وشاركوا في تقديم مقترحات لمواجهة الدروس الخصوصية. أم أحمد "موظفة في الشهر العقاري" تقول: هناك مدرسون يجبرون الطلاب علي أخذ دروس خصوصية لديهم وهذا حدث بالفعل مع حفيدي العام الماضي وهو في الصف الرابع الابتدائي ظل مدرس "الماث" يتجاهله في الاجابة عن أسئلته ويقول له لم تكن جيداً إلا إذا حصلت علي درس خاص معي وطبعاً خشيت والدته من تعنت المدرس ضده وألحقته بدرس لدي هذا المعلم. شر لابد منه أم عزت "علي المعاش" تقول: ان الدروس الخصوصية "شر لابد منه" وجميع الأسر تعاني من هذا العبء الثقيل وأبنائي قبل ان ينتهوا من مراحل التعليم كانوا يحصلون علي دروس خصوصية رغم انني استغرب من ان المعلم يشكو من ارتفاع كثافة الفصل ويقول انها السبب في عدم قدرته علي توصيل المعلومة لهذا العدد من الطلبة ورغم ذلك يستطيع ان يشرح بكامل طاقته في مدرجات السناتر ومراكز الدروس في حين ان عدد الطلاب أضعاف عدد الموجود في الفصول وكأن هذا تعمد من المدرس علي عدم بذل جهد في الفصل وتوفير طاقته للدروس الخصوصية. الجدير بالذكر ان ناظر المدرسة والوكيل والمفتش يقومون أيضاً بإعطاء دروس خصوصية لذلك يتسترون علي بعض في الرقابة علي أداء المعلمين داخل الفصول!! تقترح اعداد مجموعات مدرسية متميزة كبديل عن الدروس الخصوصية وتكون بشكل أقوي من المجموعات التقليدية التي تقوم بها بعض المدارس بأن يحصل من خلالها المدرس علي مقابل مرض ولا مانع من زيادة سعرها لكن بحد مقبول حتي تكون متميزة بالفعل وتغني عن الالتحاق بالدروس. أزمة بكل المقاييس إيمان أبو وهبة "سيدة أعمال" تقول: إن الدروس الخصوصية أزمة بكل المقاييس نظراً لما تحمله من ضغوط علي الأسر وعملها في الخفاء فلابد من البحث عن طرق غير تقليدية لمكافحة الدروس مع اعطاء بدائل مقنعة وعملية عنها سواء لأولياء الأمور لتحسين المستوي التعليمي لأبنائهم أو للمدرسين بتحسين أوضاعهم المادية ويمكن ان تقوم وزارة التربية والتعليم بعمل سناتر مرخصة تحمل كل الضوابط لتقديم المادة التعليمية للطلاب الراغبين الانضمام إليها إذا وجدوا صعوبة في أحد المواد الدراسية وفي نفس الوقت توفر دخلاً إضافياً للمعلم الي جانب راتبه. زياد فجة أسامة فرج "موظف": أكد ان الدروس الخصوصية فرضت نفسها علي الساحة التعليمية والمشكلة ان الطلبة بمختلف المراحل التعليمية يعتمدون عليها وللحقيقة كل عام نسعي وراء المعلمين بالمدرسة خاصة في مواد العربي والانجليزي حتي يعطون أولادي دروساً في المرحلة الاعدادية لكن المشكلة في ان المدرسين يرفعون كل عام سعر الدروس ولكن هذه السنة الزيادة فجة فكان الدرس المكون من 8 طلاب يدفع الطالب عن كل حصة 50 جنيهاً زادت ل70 و80 جنيها. يقترح تشديد الرقابة علي أداء المعلمين بالمدارس وقياس مستوي شرحه طبقاً للفئة التي يدرس لها وقدرته علي توصيل المعلومة فإذا لم قادراً علي ذلك فيمكن اعداد دورات تدريبية لهم تمكنهم من شرح الدروس بصورة مبسطة ليستوعبها الطلبة حتي يستفيدوا من الدور التعليمي للمدارس ومن تم الاستغناء عن الدروس الخصوصية. الفكرة مرفوضة صلاح زكي "مهندس" يقول: أرفض فكرة الدروس الخصوصية جملة وتفصيلاً فعندما كان أبنائي في مراحل التعليم المختلفة كنت أقوم بمتابعتهم والمذاكرة لهم بنفسي وأجعلهم يعتمدون علي أنفسهم في الوصول الي المعلومات والاستفسار من معلميهم في مدارسهم ولم يحصل أحد أبنائي علي درس خصوصي واحد وكانوا متفوقين ومنهم طالب من أوائل الجمهورية وتخرجوا وأصبحوا مهندسين وأطباء بالاعتماد علي مجهودهم وجهد الأسرة فارتباط مفهوم التعليم لدي أولياء الأمور بالدروس الخصوصية فكر خاطئ يجب أن تصححه الأسر والحل في هذه الأزمة ان نعود للقيم والأخلاق وتحكيم الضمير سواء للمعلم لقيامه بدوره علي أكمل وجه بالمدارس أو الطلاب بالانصات والاهتمام بمدرسيهم فلماذا لا يكرم مدرس ويكافأ بمبلغ كبير إذا استطاع تأدية دوره في الفصل وشهادة طلابه فيه. وأحد المقترحات الأخري تزويد الطلاب بكارت ذكي لدخول المدارس ويحدد بنسبة حضور حتي يضطر للذهاب الي المدارس والاستماع الي مدرسيه. يتساءل لماذا لم يدخل طالب الثانوي التجاري كلية تجارة وطالب الثانوي الزراعي كلية الزراعة فإذا فتح المجال في الكليات لجميع الطلاب بمختلف المدارس سيكون له جدوي في الحد من الدروس فليس شرط الحصول علي أعلي الدرجات للوصول للثانوية العامة هو المحدد الوحيد لدخول الجامعات. متابعة الأداء إيمان محمود "ربة منزل" تقول: يجب ان يكون لموجهي المواد الدراسية والمفتشين دور في متابعة أداء المعلمين بالمدارس واعداد جهة بعيدة عن المدرسة ولتكن وحدة خاصة بشكاوي أولياء الأمور والطلاب بكل ادارة تعليمية للابلاغ عن تقصير معلمين في الفصول أو اجبارهم علي الحصول علي دروس خصوصية!! أشارت إلي ان الدروس ارتفعت أسعارها لهذا العام فالحصة الواحدة "للبرايفت" تعدت 200 جنيه. مفتاح النجاح! أبانوب متولي "موظف" يقول: الدروس الخصوصية هي مفتاح النجاح ونحن نعلم جيداً ان بدون الدروس لن يستطيع الطلاب فهم أي مادة دراسية لأن المدارس لم يعمل بضمير داخل الفصول فهل نترك أبناءنا لمصائر الفشل والضياع!! مغالاة محمد جابر "تاجر سيارات" يقول: هناك مغالاة في أسعار الدروس لهذا العام وطبعاً مراكز وسناتر الدروس تبدأ في عملها مبكراً قبل حتي بداية العام الدراسي والعام الماضي كانت ابنتي في الثانوية العامة تأخذ ثمن الحصة في السنتر 30 جنيها وطبعاً اعداد مهولة من الطلبة في الحصة لكن ابني هذاالعام ثانوية عامة الحصة وصلت الي 50 جنيها في نفس السنتر. ضغط ما محمود عبد الله "فني الكتروني": أكد ان الدروس الخصوصية ضغط مادي رهيب علي كل أسرة خاصة من لديهم طالب في الثانوية العامة وللأسف أولياء الأمور هم الذين يتحملون قصور المدارس لذلك نتكبد ميزانية عالية في الدروس ونستقطع من احتياجاتنا الأساسية من أجل توفير مصاريف الدروس. كمال منصور "مدرس أول كيمياء بمدرسة الشروق الثانوية ادارة الوراق" يقول: ما البديل لأي مدرس عن الدروس الخصوصية ليستطيع مواكبة ظروف المعيشة فبعد مزاولة المهنة 33 سنة حاصل علي درجة كبيرة معلمين أتقاضي راتب 3198 جنيهاً بعد الكادر والزيادات والعلاوات حتي يوليو الماضي فهل هذا يكفي لمدارس ومعيشة وإيجار منزلي ولدي أسرة مكونة من 4 أفراد ولدي صديق 16 سنة في العملية التعليمية يرفض تماماً مبدأ الدروس الخصوصية ويقوم بعمله داخل الفصول علي أكمل وجه ويتقاضي راتباً 1450 جنياً!! أكد ان فكرة ان المدرس يتكاسل عن الشرح ولا يقوم بدوره في المدرسة فهذا غير صحيح بالمرة فكيف يقنع المدرس الطلبة به إذا لم يبدع بالفصل!! أشار إلي أن المدرسين المشاهير لم يتأثروا من أية اجراء قد تقوم به وزارة التعليم سواء الاحالة لمجلس تأديب أو عدم مزاولة المهنة فهؤلاء متفرغون من المدارس وقائنمون بأجازات بدون مرتب ومتوسط دخل مدرس من المشاهير لا يقل عن 30 ألف جنيه شهرياً. أضاف ان الدروس الخصوصية مشكلة وبالتأكيد تثقل علي كاهل أولياء الأمور وحلها متاح سواء مجموعات مدرسية أو دروس تقوية بالمدارس لكن يجب علي الجانب الآخر دعم رواتب المعلمين بما يتناسب مع متطلبات المعيشة الكريمة. زاوية واحدة إيهاب فتحي "مدرس لغة انجليزية" يقول: أزمة الدروس الخصوصية ينظر إليها من زاوية واحدة وهي ان المدرس هو الذي يستغل الطلبة وأولياء المور لجني المال لكن في الحقيقة ان الدروس الخصوصية أصبحت قاعدة راسخة في أذهان أولياء الأمور واعتبروها شرطاً أساسياً لتحسين وضع أبنائهم التعليمي وتحصيل الدرجات والنجاح موضحاً ان كثافة الفصول في مدارس ادارة العجوزة ليست عالية ورغم ذلك يلجأ الطلبة الي السناتر والمراكز التعليمية للاستفادة والسنتر يضم عدداً ضخماً من الطلبة رغم انهم قد يحصلون علي استفادة أعلي من المدرس داخل فصولهم الأقل عدداً والنقطة الأخري ان أولياء الأمور والطلبة هم من يحلون ويضغطون بشدة علي المدرس ليقوم باعطاء الدروس وليس العكس ومنطقياً لم يرفض أحد ان يحسن من دخله ووضعه المادي فمشكلة الدروس أحد العوامل الرئيسية فيها العنصر النفسي بأن الطالب لن ينجح إلا من خلال الدروس وهذا النمط أصبح راسخاً في فكر أولياء الأمور. أشار إلي أن كادر المعلمين لا ننكر انها خطوة جيدة لكنها ليست كافية في ظل الغلاء المعيشي فمتوسط دخل المدرس بعد الكادر والحوافز 2500 جنيه وطبعاً لا يكفي هذا الراتب لحياة معيشية كريمة خاصة وان المدرس أيضاً لديه أسرة ويتحمل أعباء مؤكداً ان لديه من أولاده من يعمل في أحد الوظائف وتلقت أول راتب لها 3000 جنيه!! أوضح ان هناك فئة من المدرسين مظلومين جداً كمدرسي الموسيقي والزراعة والرسم فهؤلاء أوضاعهم المادية مأساوية وكذلك ليس كل مدرس مثل الآخر فهناك مدرس يعطي درساً أو درسين فقط وآخر من أباطرة السوق يكتظ يومه بالدروس فلماذا يتم الحكم علي المدرسين في المطلق علي أنهم فئة جشعة ويحققون دخول خرافية من وراء الدروس الخصوصية!! حياة كريمة سامح توفيق "مدرس لغة عربية" الدروسة الخصوصية تكلف من يقدمها الكثير من الوقت والجهد وتحرمه من الاستمتاع بالكثير من الأوقات مع الأسرة أو جماعات الأصدقاء وممارسة الهوايات. ومع ذلك فالبعض يضطر لتحمل هذه الأعباء لتزويد الدخل وتوفير حياة كريمة لأطفاله. وبشكل عام فنحن كمدرسين ليس لدينا أي أدوات لاجبار الطلاب علي دخول الدروس الخصوصية. وحتي بالنسبة لدرجات امتحانات الميدتيرم أو الامتحانات الشهرية يمكن لولي أمر لاطالب ان يقدم شكوي ويحصل علي حقه كاملاً إذا شعر بتلاعب المدرس في درجات ابنه أو الضغط عليه لدخول الدروس. أضاف: لقد أساء الكادر للمدرس علي كافة المستويات. فقد أدي الي زيادة أعباء العمل من جانب حيث تم تزويد عدد الحصص من 12 حصة الي 18 حصة في الاسبوع بما يوازي ثلث العمل ورغم تطبيق الكادر ورغم أنني أمارس الخدمة منذ 19 عاماً فإن راتبي لا يتعدي 1920 جنيهاً مع العلم بأنني حاصل علي ترقية بدرجة "معلم خبير" وبشكل عام فإن من يقوم بإلقاء الدروس الخصوصية هي نسبة قليلة لا تتجاوز 5% من المدرسين. لكنهم مسيطرون علي سوق الدروس الخصوصية. ويتسببون في الاساءة وتوجيه الاتهام الي باقي المدرسين. يطالب باصدار قانون يجرم منح الدروس الخصوصية لانقاذنا من الاتهامات الموجهة إلينا وانقاذ الطلاب من جشع من يقوم بممارسة هذا العمل. الدروس مرفوضة د. رسمي عبد الملك "أستاذ بالمركز القومي للبحوث التربوية": الدروس الخصوصية مرفوضة. لانها تؤدي الي اهمال المدرسين عن التواجد في المدارس وانشغالهم بالدروس التي يغالون في أسعارها. وتصريحات الوزير إيجابية وجادت في وقتها. فهي تؤكد استعداده لتزويد رواتب المدرسين بشرط أن يلتزموا بالتواجد المستمر في المدارس وان يقدموا الشروح الوافية للطلاب. مما يحفز المدرسين علي الاخلاص في عملهم ويغني الطلاب عن الدروس الخصوصية بتكاليفها الباهظة. أضاف: نطالب المدرسين بتقديم مجموعات التقوية للطلاب. علي ان يتم اختيار أفضل المدرسين وافتتاح مراكز لهم داخل المدارس لالقاء مجموعات التقوية علي أكمل وجه ويمكن استطلاع آراء الطلاب مقدماً لمعرفة مدي ترحيبهم بالفكرة كما يجب ان تقوم نقابة المعلمين بدور فعال في هذا الصدد بدلاً من وقوفها مكتوفة الأيدي. المجموعات المدرسية د. محمد الفقي "أستاذ مناهج بتربية عين شمس" أكد ان جميع الخطط التي طرحت لمواجهة الدروس الخصوصية لم تتخذ شكلاً جدياً وصارماً فلابد من اعادة موجه المادة التعليمية الرقابة علي أداء المعلمين وكذلك إعادة النظر في المجموعات المدرسية لتكون بنفس عوامل الجذب التي تتمتع بها الدروس الخصوصية لكن بشكل مقنن وبأسعار مناسبة والتفكير بجدية في رفع وضع المعلمين وتحسين ظروفهم المادية. جودة التعليم د. صفاء سيد "أستاذ تكنولوجيا التعليم جامعة عين شمس" تقول: الدروس الخصوصية أصبحت آفة ومرضاً تفشي بين الناس والأعراض متعددة الخوف علي مستقبل الأبناء وعدم الثقة في جودة التعليم بالمدارس وأسباب متعددة وحتي الان مع جميع المحاولات التي اتخذت لمواجهة الدروس الخصوصية إلا أنها تستفحل وتفرض نفسها لذلك علي جميع الجهات المعنية سواء وزارة التعليم أو لجنة التعليم بالبرلمان بذل مساعي واسعة لعلاج المشكلة بطرق غير تقليدية فإذا كانت السناتر ومراكز الدروس عالجت مشكلة الطلبة فلماذا لا تتبني الوزارة فكرة سنتر الكتروني ومجموعة من الكوادر المميزة من الأساتذة تقوده تعمل علي الاجابة علي أية تساؤل للطلبة ويتوافر لجميع المراحل التعليمية المختلفة!! أضافت أننا أصبح لدينا أنواع عديدة من التعليم سواء الياباني أو الأمريكي أو الفرنسي والحكومي فهل طرقالتعليم في المدارس الحكومية أو حتي التجريبية تضاهي الامكانيات والحداثة الموجودة في المدارس الدولية لذلك النهوض بالمدارس الحكومية وتوفير بدائل تعليمية مناسبة للطلبة تساعد علي مواجهة الدروس الخصوصية.