لا يعرف الكثيرون أن أول قرار لمحو أمية المصريين غير المتعلمين، صدر منذ 91 عاما، وأصدره عدلي يكن رئيس الوزراء آنذاك، ومنذ ذلك التاريخ ومازال عدد الأميين في تزايد، حتي وصل إلي 12 مليون مواطن غالبيتهم من النساء، خاصة في محافظات الصعيد والقري الريفية، ولم تفلح الاجراءات السابقة في ردع الأمية التي تعد رأس الأفعي التي تجلب وراءها الفقر والمرض ويدفع المجتمع ثمنها غاليا. وعلي أرض محافظة المنيا منذ أيام قليلة، انطلقت أول مواجهة حقيقية لمشكلة الأمية تجذب غير المتعلم بتوفير حوافز اقتصادية لتحسين دخله، حيث دشنت الهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار برئاسة د. عصام قمر، انطلاق المشروع القومي للصناعات الصغيرة كحافز للتعلم ومحو الأمية في كل محافظات الجمهورية، في شراكة كبري بين مؤسسات الدولة ورجال الأعمال والمجتمع المدني، لمواجهة مرض الأمية بتوفير حوافز اقتصادية كبري تتمثل في منح الدارسين مشروعات صغيرة بعد تدريبهم عليها، لتحسين دخلهم ومستوي معيشتهم. حياة أفضل وتم افتتاح معرض الحرف اليدوية باكورة انتاج الدارسين في محو الأمية بالتجربة الاسترشادية للمشروع والتي تمت في محافظتي القليوبية والدقهلية، ووقفت »بدرية حسنين» التي دخلت فصول محو الأمية بالقليوبية وحصلت علي مشروع صناعة »الحقائب» الحريمي لتعرض تجربتها، بأن المشروع الجديد منحها الأمل في حياة أفضل، بعد أن ارتبط التعلم بتحسين المعيشة ووجود دخل لأسرتها، وهو مامنحها حافزا لمحو أميتها. وقالت إنها لا تعمل وحدها في المنزل، ولكن يشاركها بناتها الثلاثة، في وقت فراغهن، بعد الدراسة، خاصة أنهن حاليا في إجازة آخر العام، وأن أجمل شيء هو أن شركاء هيئة محو الامية يوفرون لنا منفذا لبيع منتجاتنا. ويقول عبد الله محمد الذي طلب الالتحاق بفصول محو الأمية بعد تعرفه علي الحوافز الجديدة، ومنحنا رأس أدوات مشروعات صغيرة اخترت منها الحرف التراثية، وصناعة الاكسسوارات المصنوعة من الخرز. وأوضح أن ربط المشروعات الصغير بالتعلم ومحو الأمية خلق بداخلنا حافزا للتعلم، وهو امتلاك مشروع صغير يدر ربحا علي أسرتي بدلا من »البهدلة» في أعمال المعمار التي أصبت بها سابقا وكسرت قدمي. ومن جانبه أكد د. عصام قمر رئيس الهيئة القومية لمحو الأمية وتعليم الكبار أن المشروع كان حلما للهيئة طوال الفترة الماضية تحقق بفضل الشراكة مع المجتمع المدني، ويركز علي ربط التعلم ومحو أمية الدارسين بالجانب الاقتصاي والتنموي، ومواجهة الأمية ليس بغرض تعلم القراءة والكتابة فقط، ولكن تحسين معيشتهم أيضا، ويعد المشروع فرصة حقيقية لتحقيق أهداف كبري لنزع مرض الأمية من جذوره. تعلم واربح وقال إن مصر بها 12 مليون أمي بينهم 8 ملايين إناثا و4 ملايين ذكورا، ونحن نسعي لمواطن متحرر من الأمية ومنتج وواع ومشارك في تحمل مسئوليته تجاه المجتمع، واكتساب المهارات الحياتية الأساسية وأهمها التسامح والمودة بينه وبين الآخرين، وليس مجرد تعلم القراءة، وشعارنا تعلم واعمل واربح. وأضاف أن المشروع القومي للصناعات الصغيرة الذي اطلقته الهيئة، يعتمد علي تعليم الحرف اليدوية والتراثية، ومنحهم متطلبات اطلاق مشروعهم الصغير في المنزل، ونركز علي النساء من المرأة المعيلة خاصة في الريف والمناطق المهمشة والصعيد، ليحولوا منازلهم لورش عمل صغيرة، وضمان مواصلة تعلمهم وعدم تسريبهم من فصول محو الأمية. وأكد عصام حشيش المدير التنفيذي للمشروع، أن الحرف التي يتم تدريب الدارسين عليه معظمها حرف يدوية ونسجية، تكلف الدولة مليارات الدولارات سنويا لاستيرادها ونسعي لإيجاد اكتفاء ذاتي منها محليا، وتمكين المرأة عن طريق تدريبها علي حرف مدرة للدخل، وتتولي الهيئة تنظيم معارض لمنتجاتهم داخليا وخارجيا، ونتوقع زيادة إقبال الدارسين لمحو أميتهم خلال الفترة القادمة للاستفادة من الحوافز الاقتصادية التي نقدمها.