كاد يتكهرب الجو عندما حاول بعض النواب استغلال مناقشة قضية مياه النيل بالتهديد واثارة العنجهية بالشعارات في زمن الستينيات. فما كان إلا أن تصدي نائب الشعب الدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية محذرا النواب والحكومة من خطورة هذه القضية واعتبرها خطاً احمر قائلا: احنا مش عايزين نسخن ونغلط ونقول حنحارب ومش حنحارب ويجب ان نقول: ان مجلس الشعب يحافظ علي حقوقنا في مياه النيل وعلي مصالح دول حوض النيل. وقال: ان هناك خطاً احمر.. هذا الكلام الذي صدر من مسئول كبير بالقرب من الرئيس مبارك ويعلم تماما من خلال حضوره اجتماعات الرئيس بأن القيادة السياسية علي وعي كامل بأبعاد قضية النيل وحقوق مصر التاريخية والقانونية في حصولها علي 5.55 مليار متر مكعب من مياه النيل منذ اتفاقية 3591 وكان عدد سكان مصر 02 مليونا والان اصبحت مصر 08 مليونا أي تضاعفت 4 مرات ومازالت حصتها كما هي مما يدعونا الي التفاوض مع دول حوض النيل والتعاون معها وتنميتها للحصول علي زيادة حصة مصر من مياه النيل وينبغي ان يتم بكثير من التعقل والهدوء عند مناقشة قضية مياه النيل. وقد وقع الرئيس مبارك مع الرئيس الاوغندي موسيفيني اتفاقية 1991 مؤكدين احترامهما لاتفاقية 3591 المعترفة باتفاقية 9291. ولولا حكمة الرئيس مبارك وعقلانيته عند تناول هذه المشكلة والحفاظ علي حقوقنا التاريخية والقانونية الدولية من مياه النيل وهدوؤه في اتخاذ القرار وقت الازمات بنزع فتيل الاشتعال في اللحظات الحرجة قبل الانفجار الذي يؤدي الي حرب المياه في الاجيال القادمة. من يعرف الرئيس مبارك عن قرب يدرك ان هذا القائد الوطني يفضل دائما الحوار قبل المواجهة ويرفض الحلول العسكرية لحل المشاكل وعندما ازدادت الازمة اشتعالا برفض دول حوض النيل التوقيع في شرم الشيخ والتهديد بالتوقيع منفردة في 41 مايو القادم فضل الرئيس مبارك الحوار وبعث برسائل الي رؤساء دول حوض النيل وكلف احمد أبوالغيط وزير الخارجية بالسفر اليهم لاعادة الحوار حول حصص مياه النيل مؤكدا في رسائله ان التفاوض هو السبيل الوحيد لحل مشكلة توزيع المياه لجميع الدول والتحذير من اي انفعالات غير عقلانية أو غير مدروسة عند تناول هذه القضية لان المستفيد الاول هو اعداء مصر واعداء الدول الافريقية العشرة المشتركة في حوض النيل والخاسر هو الشعوب ويجب ألا يطالب احد عند مطالبتنا بحقوقنا التاريخية من المياه بأن نعادي دول حوض النيل بل نتجه الي توطيد العلاقات والتعاون مع هذه الدول وتطوير التعاون التنموي الشامل معهم في الزراعة والصناعة والري والحفاظ علي مياه النيل وموارد المياه وضرورة تشجيع رجال الاعمال المصريين للمشاركة في اعمال التنمية الشاملة لدول حوض النيل والتواصل مع شعوبها وقوي المجتمع المدني فيها الرافض للاتفاقيات التاريخية التي وقعت في ظل الاستعمار الاجنبي.