مسكين الرئيس الفرنسي نيقولا ساركوزي: »مش عارف حايلاقيها منين ولا منين؟!«.. كما يقولون، فالرجل يريد بالطبع أن ينعم بفترة رئاسة ثانية وأخيرة، ومعركة الانتخابات بدأت بالفعل، منذ فترة، رغم أنها ستجري خلال العام القادم. استطلاعات الرأي العام التي عادة ما نشكك في نتائجها مادامت تأتي علي غير هوانا (..) تركز تباعا علي تضاؤل شعبية ساركوزي بشكل ينذر بسقوطه في الانتخابات القادمة، وإبعاده عن قصر الإليزيه. الرجل يحاول أن يفعل كل ما في استطاعته علي أمل استعادة معظم أو حتي بعض شعبيته المنهارة في الشارع الفرنسي سواء لدي من كانوا يؤيدونه فيما مضي، أو لدي الحلفاء والأصدقاء الذين تناقصوا وتقلصوا وتباعدوا عنه الواحد بعد الآخر! تكثيف اتصالاته وتحركاته لدي كل الأطراف جعلته يوافق علي بعض ما كان يرفضه، ويدعو إلي مواقف بني شهرته السابقة علي نبذها والهجوم عليها، وكل ما فعله ويفعله اليوم، وسيفعله غدا وبعد غد يواجه بهجوم ضار من الأحزاب المنافسة خاصة الحزب الاشتراكي الذي يري أن فرصته كبيرة في استعادة قصر الإليزيه مرة أخري بعد أن فقده منذ سنوات طويلة بانتهاء فترتي رئاسة، ثم رحيل زعيمه الشهير: فرنسوا ميتران، والحزب اليميني المتطرف (FN) يسعي هو الآخر إلي الفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة، خاصة بعد أن تنحي زعيمه »جان ماري لوبن« عن قيادته لتفوز بها ابنته »مارين« التي لا تقل عنصرية وتطرفا عن أبيها الكهل وأكدت استطلاعات رأي أخيرة تقدمها في حلبة السباق من أجل الفوز برئاسة فرنسا في انتخابات عام 2102. مقدمة اضطررت إليها قبل العودة إلي أزمة الرئيس الحالي ساركوزي المشغول لشوشته في معركة »حياة أو موت« التي يخوضها حاليا في محاولة استرداد ما ضاع وتقلص من شعبيته، ليفاجأ باقحامه في معركة جديدة فرضت عليه فرضا من رموز الحزب الاشتراكي المنافس، والأشد اشتياقا للفوز في الانتخابات الرئاسية. ليس غريبا أن يركز الحزب الاشتراكي في دعايته الانتخابية الحالية علي إبراز أخطاء حكم ساركوزي، وتحميله شخصيا مسئوليتها، والتضخيم فيها لتصبح إعلاميا علي الأقل خطايا، وفضائح، لا أول لها أو آخر، لكن الغريب أن يخطئ الحزب المنافس في تصرف ما، أو في فعل شخصي ارتكبه أحد أبرز المرشحين لخوض انتخابات الرئاسة باسمه، وبدلا من أن يدافع الحزب الاشتراكي عن سلامة تصرفه، أو يحاسب مرشحه علي ما ارتكبه وأساء لشخصه وحزبه معه، اكتفي الحزب باتهام الرئيس ساركوزي، وحزبه الحاكم، بأنهما وراء هذه »المزاعم«، أملا منهما في تقويض فرصته في الانتخابات القادمة، دون أن يقدم الحزب المجني عليه ما يؤكد اتهاماته! أبرز مثال علي ذلك ما حدث أمس الأول ل »دومينيك ستراوس كان«: مدير صندوق النقد الدولي، وأبرز رموز الحزب الاشتراكي الفرنسي، والمرشح الأكثر قبولا من الرأي العام الفرنسي لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة والفوز فيها ضد الرئيس الحالي ساركوزي. تفاصيل ما حدث وأصبح الآن الخبر الأول لكل نشرات وكالات الأنباء والشبكات الإخبارية العالمية أن »دومينيك ستراوس كان« كان علي وشك الإقلاع من مطار نيويورك إلي بروكسل عندما ألقي رجال من شرطة نيويورك القبض عليه وإنزاله من الطائرة للتحقيق معه في اتهامه بارتكاب عمل جنسي جنائي ومحاولة اغتصاب واحتجاز خادمة الفندق الذي أقام فيه وهرب منه بعد أن أبلغت المجني عليها إدارة الفندق التي سارعت بإبلاغ الشرطة ضده! .. وللحكاية بقية.