لاتبالغ في الفرح ياساركوزي ...فالطريق لا يزال طويلا والتحديات لا تزال جسيمة والنقابات العمالية لن تستسلم وتستعد لمواجهة اخري معك بعد ايام قلائل في الثالث والعشرين من الشهر الحالي . هكذا يتلقي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي التحذيرات من اصدقائه وحلفائه ومن المراقبين بعد ان لاحظوا انه لايزال منتشيا أكثر مما ينبغي بالنصر الذي حققه علي النقابات العمالية في معركة رفع سن التقاعد لمدة عامين أو بمعني أصح السن التي يستحق فيها العامل معاشا كاملا عند تقاعده ليصبح 67 عاما بدلا من 65. لقد انتهت الاضرابات العمالية ومظاهرات الشوارع الحاشدة بعد ان استمرت لأكثر من أسبوعين كبدت خلالها الاقتصاد الفرنسي خسائر بلغت 400 مليون يورو يوميا دون ان يتراجع ساركوزي عن اعتماد هذا القانون الذي هدف الي سد عجز ميزانية المعاشات.وسوف يدخل القانون مرحلة التنفيذ الفعلي بعد ان يوقعه ساركوزي في اعقاب اعتماد المجلس الدستوري له . ويقول المراقبون ان اهم اسباب شعور السعادة الذي ينتاب الرئيس الفرنسي هو انه بذلك يعد واحدا من رؤساء فرنسا القلائل الذين تمكنوا من كبح جماح النقابات العمالية ذات القوة والنفوذ ولكن عليه ادراك ان هذا النصر لا يعني اطلاقا ان حظوظه وفيرة في الفوز بفترة رئاسة ثانية في انتخابات الرئاسة المقرر لها عام 2012 وعلي العكس. فانهم يرون ان الشعار الذي رفعه في الترويج لرفع سن المعاش وهو ¢اعمل اكثر لتكسب اكثر ¢قد يصرف عنه كثيرين ممن صوتوا لصالحه في انتخابات عام 2007. ويشير المحلل الفرنسي جاك ريلان الي انه حتي اذا لم تنفذ النقابات العمالية تهديدها ببدء موجة احتجاجات جديدة .فانه ينبغي علي ساركوزي الا يعتبر نفسه قد حقق نصرا كاملا .فهو في الحقيقة حقق نصرا سياسيا قصير المدي بينما حققت النقابات العمالية نصرا طويل المدي سوف يدعم من مركزها التفاوضي مع اصحاب الاعمال حول مطالب اعضائها .كما ان ساركوزي نفسه وعد باجراء مراجعة كاملة لهذا التشريع في عاما 2013 لتقليل حدة المعارضة. وبصرف النظر عن القانون. فإن شعبية ساركوزي تدهورت بالفعل قبل ذلك .وهذا ما ظهر من استطلاعات الرأي الأخيرة التي اشارت إلي تفوق منافسيه المرتقبين عليه .ولم تزد شعبيته علي 30% وعزت الاستطلاعات هذا التراجع الي عوامل عديدة منها الموقف الاقتصادي في فرنسا بشكل عام وارتفاع معدلات البطالة وانتشار شعور بين المواطنين بان حكومتهم تهتم بالشركات الكبري بأكثر مما تهتم بالمواطن العادي .وكانت هناك اسباب اخري منها فضيحة تورط وزير العمل في حكومته مع المليارديرة الشهيرة ليليان بيتانكور والتي اظهرت مدي تأثير المال علي السلطة . ويقول المراقبون انه يتعين علي ساركوزي السعي الي تحقيق مجموعة من المعادلات الصعبة .فعليه مثلا استرضاء النقابات العمالية حتي لا يدخل معها في مواجهات اكثر عنفا في عام 2012 وعليه ايضا استرضاء رجل الشارع العادي من خلال بعض الاصلاحات الاجتماعية المحدودة .وفي الوقت نفسه يتعين عليه ان يفي بوعده بان يخفض نسبة عجز الميزانية الي النصف ليصل الي 3% من الناتج القومي بحلول عام 2015 ومالم يحقق هذا الوعد فان وكالات تقييم الجدارة الائتمانية يمكن ان تخفض من تقييم الاقتصاد الفرنسي ليجد نفسه امام مشكلة اخري. والمتوقع ان تشمل الاصلاحات إلغاء بعض الاعفاءات الضريبية التي لا يستفيد منها سوي الاغنياء والتي سبق ان تعرض لنقد حاد بسببها .كما يتوقع البعض ان يجري تعديل وزاري في وقت قريب للاتيان بوجوه جديدة تشارك في المناقشات المتوقعة حول الإصلاح الضريبي والمتوقع ان يكون التغيير شاملا بحيث يأتي برئيس جديد للحكومة بدلا من رئيسها الحالي فرنسوا فيلو ويرشح البعض لرئاسة الحكومة الجديدة وزير الطاقة الحالي "جان لوي بورلو" الذي يتمتع بعلاقات طيبة مع النقابات العمالية كما يتوقعون ان يعيد بعض أقطاب التيار المحافظ إلي الحكومة. ويقول البعض انه علي الرئيس الفرنسي الا يترك اليأس ينال منه بسبب انخفاض شعبيته إلي 30% فقد سبق ان انخفضت شعبية سابقه جاك شيراك الي نسبة اقل "27%" خلال فترة رئاسته الاولي .لكنه تدارك نفسه واستعاد شعبيته وفاز بفترة رئاسة ثانية .وتكرر الامر قبله مع فرنسوا ميتران الذي انخفضت شعبيته إلي 22% خلال فترة رئاسته الاولي .والمهم ان يفعل المطلوب لاسترداد شعبيته وربما يستفيد هذا العام من الزيادة المتوقعة في العائدات الضريبية بسبب الانتعاش المحدود الذي حققه الاقتصاد الفرنسي لكن لا احد يعلم كيف ستسير الامور في العام القادم .