قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بجولة داخل مكتبة الإسكندرية رافقه فيها الدكتور مصطفي الفقي مدير المكتبة.. وسجل الرئيس كلمة في دفتر كبار الزوار وأبدي اعجابه بالمكتبة وأشاد بهذا الصرح الثقافي الذي يقدم العلم والمعرفة ويعكس الحضارة المصرية القديمة.. ووجه الرئيس بإنشاء مكتبة توأم لها في مدينة العلمين الجديدة لتنتشر المعرفة في كل مكان.. هذه المكتبة التي تعد رمزا للحكمة ومنارة للعلوم والثقافة الإنسانية.. وهذه المكتبة لعبت دورا مهما في الحضارات القديمة. وعلي مدي يومين احتضنت المكتبة المؤتمر الشبابي الرابع بتشريف الرئيس عبد الفتاح السيسي وبحضور 1500 شباب لتؤكد دورها في احتضان الوطن ومناقشة مستقبله. وقد عادت مكتبة الإسكندرية للحياة من جديد في أكتوبر 2002 لتسترد مكانتها في قديم الزمان. والمكتبة أكثر من مجرد مبني كبير ومبهر، فهي أيضًا مجمع ثقافي ضخم تجتمع فيه الفنون مع التاريخ والفلسفة والعلوم وملايين الكتب بمختلف اللغات وقطع أثرية نادرة كما جعلت منها الأنشطة المتعددة التي تقدمها للجمهور مركزا للنقاش المفتوح والحوار والتفاهم. المكتبة القديمة ومابين نشأة مكتبة الإسكندرية القديمة والحديثة أكثر من ألفي عام.. دارت بينهما فصول التاريخ وعاش وتوفي ملايين الناس.. ولكن لعظمتها ظلت حية ولم تمت إلي أن ظهرت الفرصة لتعود للحياة برونق تكنولوجي جديد يليق ببهائها ومكانتها. وتقول د.مني حجاج رئيس جمعية الآثار بالإسكندرية أن فكرة المكتبة تبلورت فكرتها في عصر بطليموس الأول عندما تولي عرش مصر وكان رجل علم وثقافة وكان يفكر في تمييز مملكته بالقوة الاقتصادية والعلمية ،فأشار عليه مستشاره بتأسيس مؤسسة علمية ترعاها الدولة لتشرف علي النهضة العلمية فتقرر تأسيس "الموسيون" وهو عبارة عن معبد لربات الفنون السبعة يحوي في داخله المكتبة كعادة القدماء في بناء دور للحكمة والعلم داخل المعابد الدينية لتحرسها الآلهة والكهنوت. ولم يتم بناء المكتبة فعليا إلا في عصر بطليموس الثاني،وأغلب الظن أنها كانت في نفس الموقع الحالي أوبالقرب منه ولكن لايمكن التأكيد علي ذلك حيث تشير الكتب القديمة انها كانت بين منطقة الشاطبي الحالية وميدان محطة الرمل بمواجهة الميناء الشرقي أي علي البحر مباشرة. وكانت المكتبة القديمة عظيمة في تكوينها حيث كان بها مرصد فلكي، وحديقة للحيوان، وحديقة للنباتات وقاعات واسعة للمحاضرات وأخري لمطالعة الكتب القيمة الجديرة بالقراءة والتي تم جمعها من مختلف أنحاء العالم لتجمع كل ماتوصل إليه العقل البشري حينها ،بالإضافة إلي قاعات لاستراحة العلماء وممرات طويلة ونافورات، لذلك كانت تمثل منارة للحكمة والمعرفة في العالم القديم. ولم يدم حال هذه المكتبة المميزة فقد تضررت بشدة واحترقت عام 48 قبل الميلاد خلال حرب الإسكندرية والتي تزعمها بطليموس الثالث عشر في مواجهة جيوش أخته كليوبترا السابعة مدعومة بجيش يوليوس قيصر القائد الروماني إحياء المكتبة وظل إعادة إحياء المكتبة حلم قديم داعب الدكتور مصطفي العبادي وكيل كلية الآداب الإسكندرية ورئيس جمعية الآثار بالإسكندرية السابق ،وظل يدافع عنه عشرات السنوات إلي أن اقنع بها المسؤلين المصريين وهيئة اليونسكو، وأصدر لذلك كتابا عام 1992 تبنته منظمة اليونسكو بباريس ونشرته بثلاث لغات العربية والإنجليزية والفرنسية وذلك بمناسبة إقرار مشروع لإحيائها بناء علي طلب من مصر ،و أعاد المجلس الأعلي للآثار برئاسة د زاهي حواس حينها طباعته عام 2002 بعد عشر سنوات بمناسبة افتتاح مكتبة الإسكندرية لتحكي تاريخها القديم ، وتصبح شاهدا علي دور مصر القديم في نشر روح البحث والانفتاح والمعرفة في العالم كله ،حيث كان يعتقد العبادي أن نهضة مصر الحديثة لن تتم إلا ببناء مكتبة عالمية عظيمة كسابقتها. ويشير حسام عبد الباسط الباحث الاثري إلي أن موقع المكتبة الحالي كان ملكا لجامعة الإسكندرية كماتشير خرائط القرن العشرين وكان عليه مركز للمؤتمرات ،وقد وجد أسفله بقايا للقصور القديمة وتماثيل تم عرض جزء منها في مدخل وداخل المكتبة. مكونات المكتبة وفي الوقت الحالي تعد المكتبة التي يتولي إدارتها حاليا د مصطفي الفقي مجمعا ثقافيا كاملا وليست مجرد أرفف لملايين الكتب فقط ،ففيها العديد من المراكز المختلفة الثقافية والأثرية ويتبع لها عدة مكتبات مثل المكتبة الفرنكوفونية ومكتبة الإيداع ومكتبة الخرائط.،بالإضافة إلي 6 مكتبات متخصصة وهي مكتبة الفنون والوسائط المتعددة والمواد السمعية والبصرية،مكتبة طه حسين للمكفوفين وضعاف البصر،مكتبة الطفل،مكتبة النشء،مكتبة الميكروفيلم،مكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة،نسخة محاكية لأرشيف الإنترنت. بالإضافة إلي 4 متاحف وهي متحف الآثار، متحف المخطوطات، متحف السادات،متحف تاريخ العلوم،القبة السماوية وقاعة استكشاف لتعريف الأطفال بالعلوم كما تضم المكتبة ثلاثة عشر مركزًا للبحث الأكاديمي وهي مركز دراسات الإسكندرية وحضارة البحر المتوسط، مركز دراسات الكتابات والخطوط، مركز الدراسات والبرامج الخاصة، المعهد الدولي للدراسات المعلوماتية، مركز المخطوطات،مركز توثيق التراث الحضاري والطبيعي (ومقره القاهرة)، مركز الإسكندرية للدراسات الهلينستية، مركز دراسات الديمقراطية والسلام الاجتماعي، مركز دراسات التنمية، مركز دراسات البيئة، مركز اللسانيات الحاسوبية العربية، مركز دراسات الحضارة الإسلامية، مركز الدراسات القبطية بجانب خمسة عشر معرضًا دائمًا وهي الإسكندرية عبر العصور مثل مجموعة محمد عوض، عالم شادي عبدالسلام، وروائع الخط العربي، وتاريخ الطباعة، والآلات الفلكية والعلمية عند العرب في القرون الوسطي (فرسان السماء). كما تستضيف مكتبة الإسكندرية عددًا من المؤسسات مثل أكاديمية مكتبة الإسكندرية ،المجموعة العربية لأخلاقيات العلوم والتكنولوجيا ،مؤسسة أنا ليند للحوار بين الثقافات، وهي أول مؤسسة أورومتوسطية تتخذ مقرًّا لها خارج أوروبا.