نعم مصر في خطر داهم؟ أخيراً جاء الاعتراف بهذه الحقيقة بعد أن تعدي الانفلات كل الحدود وأصبح يهدد مستقبل وكيان هذا الوطن. إن ما تشهده مصر حاليا هو نتيجة طبيعية للفوضي والتسيب والتهاون وترك الحبل علي الغارب للبلطجية والهوجائيين وأصحاب نزعات التطرف كي يسيطروا علي مقدرات الحياة دون ضابط أو رابط. لقد قامت جموع الشعب بالثورة من أجل الإصلاح والتغيير ومواجهة الفساد وبناء الدولة المدنية الحرة.. المستندة إلي الحرية والديمقراطية والتقدم والتي تحكمها العدالة وسيادة القانون. في هذا الاطار فإن أحداً لم يضع في حسبانه أبداً أن تسقط هذه الثورة التي أبهرت العالم فريسة في يد الانتهازيين المتطرفين والبلطجية ليقوموا بترويع الغالبية ويوجهوا الطعنات إلي الوحدة الوطنية وإشاعة أجواء الفتنة البغيضة وللقضاء علي آمال وطموحات الشعب. لقد حذرت في مقالات منشورة منذ الأيام الأولي لاندلاع الثورة من قيام المحترفين المتربصين بالسطو علي هذه الثورة وركوب الموجة وتحويل الدفة نحو ما يريدون.. قلت إنهم يعملون علي نشر الفوضي والانفلات وهز الأمن والاستقرار وإشاعة موجات الخوف حتي تتاح لتنظيماتهم وكوادرهم في مرحلة تالية.. فتح الطريق للسيطرة علي مقاليد الأمور. إذن فقد اصبح واضحا ان المخطط المرسوم يقوم علي مرحلية التحرك المنظم. لم يعد خافيا ان ضرب الوحدة الوطنية والوقيعة بين أطياف الأمة عامل أساسي لتحقيق ما يخططون وهدف استراتيجي لأعداء الخارج المتربصين. انهم يرفضون عودة مصر إلي الوقوف علي قدميها من جديد قوية عزيزة مستعيدة لحضارتها ومكانتها التاريخية وقادرة علي التصدي للطامعين المتطلعين للسيطرة والهيمنة علي أمتنا العربية والإسلامية. لقد كتبت بالأمس وبعد أحداث الفتنة المُدبرة التي جرت وقائعها الدموية أمام كنيسة امبابة بأنه قد حان الوقت لمواجهة هذه الأعمال غير المسئولة بالحسم والحزم اللذين كانا غائبين. في مواجهة هذا الموقف المؤسف كان هناك اتفاق بين غالبية ابناء هذا الشعب علي ضرورية وأهمية الحفاظ علي أمن مصر ومستقبلها. تمشيا مع هذا التوجه الشعبي أسعدني أن يتنبه المجلس العسكري لموجة التحركات المريبة ويتبين ما يحيط بها من شكوك وريبة يتركز جوهرها في اغتيال كل الأشياء الجميلة في هذا الوطن. يأتي في مقدمة ما هو مستهدف.. الوحدة الوطنية التي تتوافق وحضارية هذا الوطن وتاريخه ووسطيته التي تقوم علي سماحة الإسلام ومبدأ »الدين لله.. والوطن للجميع بلا تفرقة«. إن تفاقم الخطر وتهديده لمسيرة الحياة في مصر الخالدة وكل مكتسبات ثورة 52 يناير كان دافعاً للمجلس الأعلي للقوات المسلحة ومعه حكومة الدكتور عصام شرف للإعلان عن عدم السماح لأي شخص ولا أي تيار أو فئة بالمساس بأمن ومستقبل هذا الوطن. أكدا علي تفعيل القانون في مواجهة الخارجين والتصدي بكل الوسائل لكل من يحاول إشعال نار الفتنة. في هذا الصدد كان المستشار محمد الجندي وزير العدل أكثر وضوحاً في تحديده لخطورة الموقف والتطورات وهو ما تجسد في اعلانه بان عقوبة الإعدام تنتظر مثيري الفتنة وممارسي البلطجة حفاظاً علي الأمن والاستقرار اللذين يتطلع إليهما الشعب. الغريب أن تأتي أحداث الفتنة في الوقت الذي كان الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء قد اطلق تحذيراته من الأخطار المحدقة بأوضاعنا الاقتصادية وضرورة عودة الأمن والاستقرار حتي يمكن التفرغ لمواجهة هذه المحنة والعمل علي جذب الاستثمارات اللازمة لدوران عجلة الاقتصاد من جديد. يا فرحة كل أعداء مصر لما يجري علي أرضها بأيدي الكارهين لتقدمها ونهضتها. أفيقوا يا أبناء هذا الوطن.. تخلوا عن صمتكم وسلبيتكم.. تحركوا في مواجهة المؤامرة علي وحدتكم وحياتكم ومستقبل ابنائكم.