عرضت في المقال السابق للملكة الثانية من الملكات اللائي جلسن علي عرش مصر طوال تاريخها من عهد مينا إلي الآن.. هؤلاء الملكات ست ملكات وقد انتهي عصر كل واحدة منهن- هكذا يقول التاريخ- بفوضي عارمة وكوارث عمت البلاد والعباد. وقد عرضت في المقال السابق للملكة الثانية وهي الملكة نيتوكريس »0052 قبل الميلاد« والتي انتهت علي يديها الأسرة السادسة وهي خاتمة الدولة القديمة.. ونعرض في هذه السطور للملكة الثالثة التي تولت عرش مصر وهي الملكة سبك نفرو وقد حكمت في الفترة من 2971 وحتي 7871 قبل الميلاد واستمر حكمها 3 سنوات وأربعة أشهر وعشرين يوما وهي آخر ملوك الأسرة 21 في التاريخ الفرعوني.. وكان أبوها هو الفرعون الشهير امنمحات الثالث وعندما توفي تولي الحكم بعده ابنه امنمحات الرابع وسرعان ما مات امنمحات الرابع قبل ان ينجب وريثا فاجتمع أمراء الاقطاع وكان يطلق عليهم لقب الأشراف واتفقوا علي أن تتولي العرش اخته الملكة سبك نفرو.. وبمجرد تولي هذه الملكة العرش بدأت الفتن تعصف بمصر وبدأ الهكسوس يتطلعون إلي أرض الكنانة.. واختلف الأشراف فيما بينهم كل واحد منهم يطمع في حكم البلاد وتولي العرش ودخلت مصر في عصر مظلم يقول عنه العلامة العظيم الدكتور سليم حسن »دخلت مصر في عصر مضطرب تغشيه الظلمة الحالكة التي تتضاءل أمامها تلك الظلمة التي سادت بعد سقوط الدولة القديمة« والذين يتصدون لدراسة التاريخ الفرعوني يواجهون صعوبة شديدة في التوصل لملامح هذه الفترة ففي خلال الفوضي العارمة لم يكن أحد يستطيع أن يكتب شيئا أو ينشئ أثرا ولا يوجد من مصادر لهذه الفترة سوي بعض شذرات مما كتبه المؤرخون الأغريق وهي في مجملها منقولة عن المؤرخ المصري الفرعوني مانيتون وهو من ابناء سمنود. لم تستطع سبك نفرو أن تواجه العاصفة وتعرضت مصر ولأول مرة في تاريخها للغزو من ثلاث جبهات.. هجم الهكسوس من سيناء واحتلوا الدلتا وهجم الليبيون علي الوسط وهجم النوبيون علي الجنوب.. وإزاء هذه الكماشة المحكمة انكفأ كل أمير مقاطعة علي نفسه واكتفي بحماية مقاطعته وإجراء تحالفات مع الغزاة مقابل الحفاظ علي استقلاله الذاتي وفي هذه اللحظات المظلمة قفز علي الحكم شخص اسمه سخم رع خوتاوي فأزاح الملكة سبك نفرو وتولي الحكم بحماية الهكسوس ولكنه لم يهنأ طويلا فأزاحه الهكسوس وانتهت مع سبك نفرو الأسرة الثانية عشرة وهي الأسرة التي عاشت مصر في أيامها عصرها الذهبي منذ أسسها امنمحات الأول وهو الذي استضاف سيدنا إبراهيم عليه السلام، أصبح الهكسوس في آخر هذه الأسرة هم القوة المهيمنة علي الدلتا وحتي الفيوم وظلوا يحكمون شمال مصر 051 عاما وهي الفترة التي وجد فيها سيدنا يوسف عليه السلام والتي تعرضت خلالها مصر للمجاعة الشهيرة، لقد كانت الفوضي التي ختم بها عهد هذه الملكة الثالثة في تاريخ مصر فوضي عارمة بشكل لم تشهده مصر من قبل أو من بعد فقد أصبحت مصر أسيرة الغزو الأجنبي والفوضي نفسها لم تكن قصيرة العهد وإنما امتدت لمدة 443 عاما أي ثلاثة قرون ونصف عاش خلالها المصريون أسوأ أيام تاريخهم.. وقد حرص الهكسوس علي ان يبقي العرش الفرعوني الذي انتقل إلي الجنوب في الأقصر مجرد رمز لا قيمة له وبدأوا يضعون علي هذا العرش عددا من الفراعين الذين كانوا اشبه بخيال المآتة.. لدرجة أن الأسرة 31 وهي حسب التقسيم الفرعوني الأسرة التي أتت بعد الأسرة 21 التي ختمت بسبك نفرو هذه الأسرة التي تولي فيها الهكسوس الحكم في الشمال تتابع علي حكمها خلال فترة قصيرة 06 فرعونا لا يذكر لنا التاريخ اسم واحد منهم.. ولم تكن سبك نفرو هي الملكة الأخيرة في تاريخ مصر وإنما كما قلت هي الملكة الثالثة في هذا التاريخ الممتد وقد جاء بعدها ثلاث ملكات أخريات نعرض الرابعة منهن في حلقة قادمة. ولله الأمر