نواصل في هذه السطور عرض ما بدأناه في الأسبوع الماضي ونعود لنقول إن مصر تولي عرشها في تاريخها كله ونقصد هنا التاريخ المعروف الذي بدأ عام 0043 قبل الميلاد في عصر الملك مينا وحتي اليوم ست ملكات وأن الصدف العجيبة أن حكم كل منهن انتهي بفوضي وكارثة للبلاد كلها. وقد عرضنا في الحلقة الأولي لأول ملكة حكمت مصر وكانت هي الملكة التي انتهت بحكمها الأسرة الرابعة. وننتقل الآن إلي الملكة الثانية. بعد انتهاء الأسرة الرابعة دخلت البلاد في فوضي عارمة.. اختفت فيها كل المصادر وتخبطت حولها أقوال المؤرخين.. ووسط الغموض الشديد يطل علينا اسم فرعون هو تيتي الذي أعلن تأسيس الأسرة السادسة في منف وهي منطقة البدرشين الآن.. ورغم انه حكم 8 سنين فقط إلا أنه أنشأ لنفسه هرما في سقارة مازال موجودا حتي الآن وقد قتل تيتي وتتابع علي الحكم ثلاثة فراعين نذكر منهم بيبي الثاني وقد وضع علي العرش وعمره 6 سنين وحكم 49 سنة أي انه عاش 001 سنة كاملة وقد حدث منذ عهد مؤسس الأسرة الفرعون تيتي أن عين شخصا اسمه وني ليكون بمثابة رئيس الوزراء وقد ظل وني في منصبه طوال حكم الأسرة السادسة وسيطر علي الفرعون سيطرة كاملة لدرجة أن بيبي الثاني وقد أشرف في آخر أيامه علي المائة اعتزل الأمر تماما واخفوا عنه كل ما يجري في البلاد ولم يعد يعرف شيئا عما يجري خارج جدران قصره في منف.. وتأتي سنة 0052 قبل الميلاد ويقوم الوزير بوضع امرأة علي العرش هي »نيتوكريس« وهي تعتبر الملكة الثانية التي تولت عرش مصر في تاريخها وكانت أجمل نساء عصرها وشقراء اللون ورغم أن رئيس الوزراء العجوز كان يدعمها إلا أنه لم تمض سنوات قلائل حتي أصبحت أمور الدولة في حالة يرثي لها ودخلت البلاد عصرا من الحروب والتدهور والاضطراب وأخذ البدو يغيرون علي البلاد وقامت في البلاد ثورة اجتماعية ربما كانت أول ثورة بهذا المفهوم تشهدها مصر فالملكة لا سلطان لها ولا قوة تدعمها وزال سلطان الفرعون واختفت أملاكه وأخذ كل شخص يغير علي ما تمتد إليه يده وانتشر القحط وعم الانحلال الخلقي وساد الكفر بالآلهة.. وبانتهاء حكم الملكة نيتو كريس انتهي عصر الدولة القديمة في مصر ودخلت البلاد في عصر من الفوضي استمر 002 عام ويجمع المؤرخون انها من أشد الفترات ظلاما في تاريخ مصر فقد اختفت مصر فجأة.. وكما يقول المؤرخون عن الأعين وصارت في ظلمة كأن مصيبة عظمي قد نزلت بها ولم يصلنا شئ عن هذه الفترة اللهم إلا كتاب.. يحمل اسم »تحذيرات نبي« وجد علي مجموعة من أوراق البردي وهو كتاب أدب وليس كتاب تاريخ ويبدو انه كتب بعد هذه الفترة بسنوات طويلة ويقرر المؤرخون انه كتب في عهد الأسرة التاسعة.. ومما جاء في هذا الكتاب.. اصبحت البلاد ملأي بالعصابات حتي ان الرجل كان يذهب إلي حقله ومعه درعه وشحبت الوجوه وكثر عدد المجرمين ولم يعد هناك رجال محترمون وفقد الناس الثقة في الأمن وعلي الرغم من فيضان النيل فانهم احجموا عن الذهاب لفلاحة أرضهم خشية اللصوص وقطاع الطرق وصارت النساء عاقرات وكثر عدد الموتي حتي استحال دفنهم واصبحت الأرض تدور كعجلة صانع الفخار فأصبح اللص صاحب ثروة وتحول النهر إلي دماء تعافها النفوس وانتشر حفارو القبور« هذا بعض ما جاء في الكتاب الرائع والذي صور لنا بوضوح شديد حالة مصر عقب انتهاء حكم الملكة الثانية في تاريخها وهو لا يحتاج إلي تعليق. لله الأمر