مع موسم السباق السنوي للبحث عن كلية أو جامعة ومع مشاكل التعليم لدينا وصعوبة المناهج والدروس الخصوصية.. والحفظ والتلقين.. فهل سيجد الطالب عملا بعد الجهاد والكفاح والنجاح والتخرج؟.... هذا السؤال يدور في أذهاننا جميعا مسئولين ومواطنين طلبة وأولياء أمور.. في ظل سوق عمل يضع شروطا للوظائف غير متوافرة في خريجينا الذين لا يعرفون سوي قاعات الدراسة فقط لم يتم تدريبهم أو إلحاقهم بساعات تدريب في المصانع والشركات كشرط لإتمام الدراسة، لذلك يتخرج الطالب ولديه فجوة ونقص كبير يحجب عنه سوق العمل.. لذلك كان من المهم البحث في تجارب الدول الأخري الناجحة وهو ما حدث في ألمانيا التي عرفت السر مبكرا فكان قاطرة التقدم التي سبقت معظم دول العالم وجعلتها واحدة من أكبر المدن الصناعية التي تملك أقوي اقتصاد في العالم. عرفت ألمانيا.. سر الصنعة وهو الأيدي الماهرة المدربة فلجأت لنوع جديد من التعليم وهو التعليم التطبيقي الذي تفوقت فيه بشكل مبهر.. ويعتمد في مجمله علي التعليم والتدريب داخل المصانع والشركات وهو هدف جديد تسعي مصر لنقله من ألمانيا ليجد أبناؤها فرص عمل حقيقية وتبدأ بهم ومعهم رحلة التقدم والتنمية. »الأخبار» كانت هناك في العاصمة الألمانية برلين.. التقت خبراء التعليم الألمان كما التقت السفير المصري في برلين بحضور الدكتور أشرف منصور رئيس مجلس أمناء الجامعة الألمانية بالقاهرة لنعرف ما هو التعليم التطبيقي وما هي نوعية الجامعات التي تقوم بتدريسه.. وكيف سيتم نقلها إلي مصر.. تطبيق العلم الجامعات التطبيقية مصطلح جديد علينا.. وهو يعني أن هذه الجامعات تطبق العلم.. ويعمل الطالب من خلالها بيديه وهو نوع من التعليم يفتقده العالم.. فهو ليس تعليماً فنياً متوسطاً.. ولكنه تعليم »عالي» جامعي يحصل الطالب من خلاله علي درجة البكالريوس ونظام الدراسة موزع ما بين الجامعة والمصنع أو الشركة فالطالب عليه أن يقضي معظم ساعات الدراسة في التدريب بالمصانع والشركات لذلك يجد فرص العمل بسهولة بعد التخرج نظرا لاكتسابه الخبرة العملية.. وهي تمنح الطالب درجة » البكالريوس » ويستطيع الحصول منها علي درجة الماجستير أيضا لكنه لا يستطيع الحصول علي الدكتوراه إلا من جامعة بحثية وهي تختلف عن الجامعات البحثية التي تقوم علي البحث والنشر العلمي ومنح الدرجات العلمية بمختلف أنواعها. سر التفوق »DAD» يقول د. كريستيان بودة الرئيس السابق لهيئة التعاون العلمي الألمانية والخبير التعليمي الدولي.. الجامعات التطبيقية تلعب دورا مهما وأعتقد أن مصر في أمس الحاجة إليها فهذا النوع من التعليم هو سر التفوق والتقدم. ويضيف.. لابد أن يكون هناك تعليم أكاديمي وفرص أخري للمهتمين بالناحية التطبيقية من خلال إتاحة الجامعات التطبيقية لهم.. وفي ألمانيا عدد الجامعات البحثية 107 جامعات تهتم بالبحث العلمي في مقابل 216 جامعة تطبيقية، أي بمعدل الضعف وهي معنية بتطبيق العلم في المصانع والشركات وتخريج طالب يستخدم يديه في عمله، ورغم أهمية الجامعات التطبيقية وسهولة حصول خريجيها علي فرص عمل جيدة إلا أن الإقبال علي الجامعات البحثية مازال أكثر من التطبيقية فثلثا الطلاب يلتحقون بالجامعات البحثية والسبب أن الجامعات التطبيقية مكلفة للغاية فهي تحتاج أدوات ومصانع وشركات للتدريب. التدريب المهني ويقول بودة إن ألمانيا تتوسع في الجامعات التطبيقية وتستهدف في المستقبل أن يزيد إقبال الطلاب علي الجامعات التطبيقية مثل هولندا التي يبلغ عدد طلاب الجامعات التطبيقية بها ضعف الجامعات البحثية، مؤكدا أن الجامعة التطبيقية جامعة وليست تدريباً مهنياً أو مدرسة متوسطة أو معهداً، ولابد من التفرقة بين الجامعة التطبيقية والتعليم الفني أو التعليم المهني لأن الجامعة التطبيقية مختلفة ومكتملة الأركان ولها مميزات كثيرة.. لأن سوق العمل يحتاج إلي تخصصات مختلفة وحلول كثيرة. تصنيف الجامعات ويقول بودة: »الترتيب العالمي للجامعات أصبح مرض للسياسة التعليمية وتصنيف الجامعات وتحصل الجامعة علي تصنيف جيد بنشر أبحاث كثيرة وهذا غير محقق في الهندسة التي لابد أن يتقن الطالب عمل الهندسة وليس نشر أبحاث علمية، وإحدي نقاط تفوق ألمانيا الاقتصادي هو وجود هذه الجامعات التطبيقية التي تعوِّد الطالب علي العمل بيديه واستخدام مهاراته. المستقبل للجامعات التطبيقية وعلي مصر التقدم نحو هذه الخطوة لتطوير الصناعة بها، مشيرا إلي أن نصيحتي لمصر أن تخطو نحو تطوير التعليم الفني، بجانب إنشاء الجامعات التطبيقية التي قد تمثل قاطرة التنمية». تعليم تقني ويقول د. أشرف منصور: التعليم التقني مهم جدا وسيكون من أنجح أنواع التعليم في مصر ولكن الجامعة الألمانية في القاهرة هي جامعة بحثية منذ إنشائها منذ 15 سنة أو بالأحري منذ بدأنا رحلة إنشائها منذ 23 سنة فهي تقوم علي البحث العلمي وقد نبغ طلابنا في هذا المجال ولهذا لا نفكر في إنشاء جامعة تطبيقية ولكن يمكننا مساعدة الدولة المصرية بخبرتنا إذا أرادت إنشاء مثل هذه الجامعات فالجامعة الألمانية تمثل 42% من مشاريع ألمانيا التعليمية علي مستوي العالم ولدينا أكبر مجمع صناعي لجامعة في العالم، ولدينا أول محطة لشحن السيارات بالكهرباء في مصر، وقمنا بحل حوالي 7 آلاف مشكلة صناعية، منها مشكلات في مصانع السيارات، ونساعد أيضا في مجال الصناعة المصرية عن طريق استقدام الخبراء الألمان، مشيرًا إلي أن أجهزة معمل النانو روبتكس مصنعة بالكامل داخل الجامعة الألمانية بالقاهرة، موضحا أنه يعد واحداً من أعظم 5 معامل حول العالم، كما أن الجامعة تساعد الطلاب والخريجين تنفيذ أفكارهم وهناك عشرات الطلاب من أوائل الثانوية العامة حظوا بمنح كاملة للدراسة بالجامعة تشمل مصاريف الدراسة والإقامة والمعيشة علي مدار الأعوام ال 15 السابقة ومهمتهم الآن تنمية كل شبر من أرض مصر، وهناك 10% من خريجي الجامعة الألمانية يعملون في الدول الناطقة باللغة الألمانية، و7.4% يعملون في دول ناطقة باللغة الإنجليزية، موضحًا أن من الإنجازات الاستثنائية للجامعة وجود 12 ألف خريج متفوق في مجالات العلوم والبحوث.. تطوير التعليم »الأخبار» التقت أيضا الدكتور خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي والبحث العلمي خلال زيارته لبرلين يقول إنه يزور ألمانيا حاليا للتعرف علي تجربتها في منظومة التعليم الفني وعقد لقاءات مع مسئولي عدة جامعات ألمانية لمناقشة إنشاء فروع دولية لجامعات ألمانية بالقاهرة والتعرف علي تجربة إنشاء الجامعات التطبيقية في ألمانيا للاستفادة منها في إنشاء الجامعة التكنولوجية. وإنه التقي وزيرة التعليم الألمانية ومسئولي بعض الجامعات التطبيقية للاستفادة من التجربة الألمانية في إنشاء الجامعة التكنولوجية بمصر والتي سيتم إجراء تعديل تشريعي لإنشائها.. وزيادة عدد الكليات التكنولوجية الحالية وتطوير منظومة المعاهد الفنية التابعة لها لتصبح تحت مظلة تلك الجامعة والتي تحتاجها مصر بشدة لتدريب وتعليم الطلبة حتي نغلق الفجوة بين التعليم وسوق العمل ليحصل كل خريج علي فرصة عمل بعد أن تتوافر به جميع الشروط من تأهيل وتدريب.