عودة انقطاع الكهرباء في مناطق بالجيزة وخروج كابل محطة محولات جزيرة الذهب عن الخدمة    هآرتس: ترامب يعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لضم أجزاء من غزة    200 مليون دولار، ليفربول يجهز عرضا خرافيا لحسم صفقة مهاجم نيوكاسل    رابطة الأندية: بدء عقوبة "سب الدين والعنصرية" فى الدوري بالموسم الجديد    السيسي يوجه بتوفير الرعاية الصحية اللازمة والاهتمام الطبي الفوري للكابتن حسن شحاتة    المعمل الجنائي يعاين حريق شقة في المريوطية    ما الوقت المناسب بين الأذان والإقامة؟.. أمين الفتوى يجيب    الكشف الطبي على 540 مواطنًا بقرية جلبانة ضمن القافلة الطبية لجامعة الإسماعيلية    بمناسبة اليوم العالمي.. التهاب الكبد خطر صامت يمكن تفاديه    نقيب الإعلاميين: كلمة الرئيس السيسي بشأن غزة رد عملي على حملات التضليل    سميرة صدقي: عبلة كامل أفضل فنانة قدمت دور المرأة الشعبية    بدء الدراسة بجامعة الأقصر الأهلية.. رئيس الجامعة والمحافظ يعلنان تفاصيل البرامج الدراسية بالكليات الأربع    «ما تراه ليس كما يبدو».. شيري عادل تستعد لتصوير حكاية "ديجافو"    قبل عرضه.. تفاصيل فيلم بيج رامى بطولة رامز جلال    علاج الحموضة بالأعشاب الطبيعية في أسرع وقت    الداخلية: لا توجد تجمعات بالمحافظات والإخوان وراء هذه الشائعات    برومو تشويقى ل مسلسل "ما تراه ليس كما يبدو".. سبع حكايات ومفاجآت غير متوقعة    محافظ جنوب سيناء يتابع تطوير محطة معالجة دهب والغابة الشجرية (صور)    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    رفقة العراق والبحرين .. منتخب مصر في المجموعة الثانية بكأس الخليج للشباب    «المصري اليوم» داخل قطار العودة إلى السودان.. مشرفو الرحلة: «لا رجوع قبل أن نُسلّم أهلنا إلى حضن الوطن»    إلقاء بقايا الطعام في القمامة.. هل يجوز شرعًا؟ دار الإفتاء توضح    حزب الجيل: السيسي يعيد التأكيد على ثوابت مصر في دعم فلسطين    أمانة الشؤون القانونية المركزية ب"مستقبل وطن" تبحث مع أمنائها بالمحافظات الاستعدادات لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    كم سنويا؟.. طريقة حساب عائد مبلغ 200 ألف جنيه من شهادة ادخار البنك الأهلي    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    تنفيذي الشرقية يكرم أبطال حرب أكتوبر والمتبرعين للصالح العام    ديفيز: سعيد بالعودة للأهلي.. وهذه رسالتي للجماهير    هندسة المنوفية الأولى عالميًا في المحاكاة بمسابقة Formula Student UK 2025    نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض وضوءها؟.. أمينة الفتوى توضح    السفارة الأمريكية: كتائب حزب الله تقف وراء اقتحام مبنى حكومي ببغداد    قنا: القبض على شاب متهم بالاعتداء على طفل داخل منزل أسرته في قرية الدرب بنجع حمادي    محافظ القاهرة يكرم 30 طالبا وطالبة من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات الفنية    الحر الشديد خطر صامت.. كيف تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على القلب والدماغ؟    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    12 راحلا عن الأهلي في الانتقالات الصيفية    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    تصعيد خطير ضد الوجود المسيحي بفلسطين.. مستوطنون يعتدون على دير للروم الأرثوذكس    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي لأكثر من مليون فرد    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    منال عوض تتابع ملفات وزارة البيئة وتبحث تطوير منظومة إدارة المخلفات    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    إطلاق حملة لتعقيم وتطعيم الكلاب الضالة بمدينة العاشر من رمضان (صور)    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    المجلس الوزاري الأمني للحكومة الألمانية ينعقد اليوم لبحث التطورات المتعلقة بإسرائيل    مفوض حقوق الإنسان يدعو لاتخاذ خطوات فورية لإنهاء الاحتلال من أراضى فلسطين    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    تعرف على مواعيد مباريات المصري بالدوري خلال الموسم الكروي الجديد    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    جامعة العريش تنظم حفلا لتكريم أوائل الخريجين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خاطرة
حكاية الشيخ علي عبدالرازق وسقوط الخلافة »1-2«
نشر في الأخبار يوم 28 - 04 - 2011

من هو الشيخ علي عبدالرازق؟.. انه رجل غادرنا ورحل عن الدنيا منذ عقود طويلة.. ومع ذلك هو أقرب إلينا وإلي الحياة.. من كثرة من الاحياء اللاعبين علي مسرح الأحداث الآن. انه الرجل الذي اخترت ان ابدأ به حديثي عن حاجتنا الان إلي حركة تنوير أخري، تجلو عن وجه الأمة، ما تراكم علي وعيها من ركام سنوات المتاهة، وما تدفع الثورة ثمنا له الان حتي تتمكن من استكمال ما لابد من استكماله مهما كانت العثرات، فما هي حكاية الشيخ علي عبدالرازق؟
انه احد تلامذة الإمام محمد عبده، وأحد علماء الأزهر، وصاحب كتاب أقام الدنيا يوم صدوره ولم يقعدها ودفع ثمن كلمته فادحا وهو كتاب »الاسلام وأصول الحكم« وعنوانه الثانوي »بحث في الخلافة والحكومة في الإسلام«، انتهي الشيخ من هذا الكتاب في مطلع ابريل عام 5291 وطبع في نفس السنة، وكان صدوره مصاحبا لمحاولة تنصيب الملك فؤاد خليفة للمسلمين، وكان سقوط الخلافة العثمانية وشيكا بعد خلع السلطان عبدالحميد واقتراب تركيا الفتاة ثم كمال اتاتورك من الحكم وتوليه له فعلا بعد عام تقريبا وكانت فكرة احياء الخلافة تتردد في اكثر من بلد اسلامي.. ومنها مصر حيث أوعز المحيطون بالعرش لفؤاد ان يشارك في المزاد.. ووسط محاولات الملك وأعوانه نحو هذا الهدف.. اذا بكتاب علي عبدالرازق ينفجر في وجوههم لينسف فكرة الخلافة التي يسعون إليها.. ومعها نسف أوهاما كثيرة في عقول بعض الناس عن الدولة الدينية، ونسف الكثير مما نسمعه اليوم، وكأنما كتاب الشيخ في زمنه موجه إلينا أكثر في زماننا.
وقد ترتب علي صدور الكتاب ان نزل العقاب بالشيخ فورا، وتواطأ رجال فؤاد مع لجنة كبار العلماء وتقرر سحب شهادة العالمية من الشيخ، وكذلك فصله من عمله قاضيا شرعيا في المنصورة، وأعطيت الاشارة بالهجوم عليه من كل صوب.. وفي نفس الوقت انبري للدفاع عنه كل دعاة الاستنارة في تلك الفترة الحية، وكلهم من دعاة التقدم والدولة المدنية. ورغم ما لحق بالشيخ من اضطهاد إلا انه مع دعاة التقدم وقتها اطاروا بعمامة الخلافة قبل ان تستقر علي رأس فؤاد وطار خلفها في الفضاء الفسيح.. حلم الخلافة.
نلاحظ مبدئيا انه بخلاف خمسة وثلاثين مرجعا لكبار الفقهاء والأئمة والمؤرخين يظل القرآن الكريم والسنة النبوية المرجع الاساسي للشيخ وهو ان ابتدأ بتعريف معني الخلافة والخليفة إلا ان ذلك يظل التعريف اللغوي.. لينتقل بعد ذلك الي تأكيد انه مجرد تعريف لغوي لا شأن له بالاسلام، ليحسم وبشكل قاطع منذ البداية ان الأمر لا علاقة له بالقرآن ولا بالسنة »انه لعجب عجيب ان تأخذ بيديك كتاب الله الكريم، وتراجع النظر فيما بين فاتحته وسورة الناس، فتري فيه تصريف كل مثل وتفصيل كل شيء من أمر الدين »ما فرطنا في الكتاب من شيء« ثم لا تجد فيه ذكرا لتلك الإمامة العامة أو الخلافة، وليس القرآن وحده هو الذي اهمل تلك الخلافة ولم يتصد لها، بل السنة كالقرآن أيضا، قد تركتها ولم تتعرض لها. وان العلماء لم يستطيعوا ان يستدلوا في هذا الباب بشيء من الحديث »ولو وجدوا لهم في الحديث دليلا لقدموه في الاستدلال علي الاجماع« وقياسا علي ذلك يفند الشيخ أيضا وبوضوح فكرة وجوب الإمامة، وانتفاء اي دليل علي ذلك في الكتاب أو السنة.
الاستبداد.. والخلافة.. وعلوم السياسة
قد ننتظر من الشيخ ان يجيب علي تساؤل نطرحه: إن كان ما قاله صحيحا وواضحا كما أشار تفصيلا في كتابه.. فلم امتدت ظاهرة الخلافة مسيطرة علي المجتمع الاسلامي لمدة قرون؟ والشيخ لا يفعل قبل ان يضعنا أمام تساؤل هام يسبق ذلك حول تاريخ الحركة العلمية عند المسلمين.. فهو يتساءل لماذا كان حظ العلوم السياسية اسوأ من حظ باقي العلوم الاخري في فترة الازدهار الفكري والعلمي مع صعود الدولة الاسلامية؟.. فليس لهم مؤلف في السياسة ولا مترجم.. ولا نعرف لهم بحثا في شيء من انظمة الحكم ولا اصول السياسة، اللهم إلا قليلا له وزن ازاء حركتهم العلمية في غير ذلك. هذا مع توافر الاسباب التي تدفعهم الي البحث في علوم السياسة.. وهو يري كما يقول ان »أقل تلك الأسباب أنهم مع ذكائهم الفطري ونشاطهم العلمي كانوا مولعين بما عند اليونان من فلسفة وعلم وقد كانت كتب اليونان التي انكبوا علي ترجمتها ودرسها كافية في أن تُغريهم بعلم السياسة وتحببه إليهم فإن ذلك العلم قديم وقد شغل كثيرا من قدماء فلاسفة اليونان وكان له شأن في حياتهم«. ثم يضيف سببا آخر يتعلق بأن مقام الخلافة منذ أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم من تلاه كانت عُرضة للخروج والانكار ولا يكاد التاريخ الاسلامي يعرف خليفة إلا عليه خارج، ولا جيلا مضي إلا وشهد مصرعا من مصارع الخلفاء.. فما لهم كما يقول »قد وقفوا حياري أمام العلم وارتدوا دون مباحثه خاسرين؟ ما لهم اغفلوا النظر في كتاب »الجمهورية« لافلاطون وكتاب »السياسة« لارسطو وهم الذين بلغ اعجابهم بارسطو ان لقبوه بالمعلم الاول! وما لهم رضوا ان يتركوا المسلمين في جهالة مطبقة بمباديء السياسة وأنواع الحكومات عند اليونان، وهم من تعاملوا مع مناهج السريان في علم النحو ورياضة بيديا الهندي بل ارتضوا مزج علوم دينهم بما في فلسفة اليونان من خير وشر وايمان وكفر؟!.. وهو في النهاية لا يجد الرد إلا في حجب متعمد من قوة مستبدة!
يقول الشيخ »الأصل في الخلافة عند المسلمين ان تكون راجعة لاختيار أهل العقد والحل - وهذا قول ابن خلدون - اذ الإمامة عقد يحصل بالمبايعة من أهل الحل والعقد لمن اختاروه إماما للأمة بعد التشاور بينهم.. غير اننا اذا رجعنا للواقع كما يقول الشيخ »وجدنا ان الخلافة في الاسلام لم ترتكز إلا علي اساس القوة الرهيبة، وان تلك القوة كانت - إلا في النادر- قوة مادية مسلحة، فلم يكن للخليفة ما يحوط مقامه إلا الرماح والسيوف والجيش المدجج والبأس الشديد، فبتلك دون غيرها يطمئن مركزه ويتم آمره« وقد لا ينسحب هذا الحكم علي الثلاثة الاول من الخلفاء والراشدين.. ولكن »ايسهل الشك في ان عليا ومعاوية رضي الله تعالي عنهما لم يتبوآ عرش الخلافة إلا تحت ظلال السيف وعلي أسنة الرماح وكذلك الخلفاء من بعد إلي يومنا هذا.. وما كان لأمير المؤمنين محمد الخامس سلطان تركيا أن يسكن اليوم يلذر لولا الجيوش التي تحرس قصره وتحمي عرشه« - كتاب الشيخ صدر قبل السقوط النهائي لآل عثمان عام 6291- واذن - ويري الشيخ ان التاريخ لا يذكر لنا خليفة إلا إقترن في اذهاننا بتلك الرهبة المسلحة التي تحوطه. ويخلص الشيخ إلي ان »ارتكاز الخلافة علي القوة حقيقة واقعة لا ريب فيها، وسيَّان عندنا بعد ذلك ان يكون هذا الواقع المحسوس جاريا علي نواميس العقل أم لا، وموافقا لاحكام الدين أو لا، ولا معني لقيام الخلافة علي القوة والقهر إلا ارصادهما لمن يخرج علي مقام الخلافة أو يعتدي عليه وإعداد السيف لمن يمس بسوء ذلك العرش ويعمل علي زلزلة قوائمه، والشيخ يستخلص استكمالا لهذه النقطة.. ان الاستبداد واسلحته هو ما يقف اصلا وراء حجب متعمد للحركة العلمية السياسية. ويضع الشيخ أمامنا صورة مأساوية محزنة لما خلفه الاستبداد المتخفي في رداء الخلافة حين يسأل ».. أفهل غير حب الخلافة، ووفرة القوة سبب اخر لدفع يزيد بن معاوية الي استباحة ذلك الدم الزكي الشريف.. دم الحسين بن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ وهل هناك سبب غير تلك العوامل سلط يزيد بن معاوية علي عاصمة الخلافة الاولي، ينتهك حرمتها وهي مدينة الرسول صلي الله عليه وسلم؟ وهل بغير تلك الاسباب صار ابوالعباس عبدالله بن محمد سفاحا وما كانت تلك الدماء إلا دماء المسلمين.. وما كان بنو أمية إلا من قومه!
ويستكمل الشيخ علي عبدالرازق رؤيته ورسالته الينا.. رفضا لفكرة الخلافة ودولتها ودفاعا عن علم السياسة والدولة المدنية.. باطلاله علي تاريخ المجتمع الاسلامي بدءا من عصر النبوة.. ساعيا لتأكيد ما انتهي إليه... وهو ما نتحدث عنه لاحقا.
هوامش :
عبر الدكتور عصام شرف أزمة قنا.. ولكن العبرة بالدرس المستفاد!
لم لا يرفع عنا وصايته المرفوضة، واختياراته الملغومة؟ لسنا في حاجة الي المزيد من المخاطر.
نعم لنترك الحساب للقضاء والقانون.. ولكن.. ونحن نركز علي حسابات الحاضر والمستقبل علينا ألا نغفل كل الاحتمالات من قوي الداخل والخارج.. حتي ساكني طرة!
امنحونا وانفسكم مزيدا من الوقت، ضمانا لنضج القرارات وصحة النتائج رسالة للمجلس العسكري الذي نثق به.
شكرا دكتور عصام شرف علي اهتمامك بالمخرج الكبير الاستثنائي سعيد مرزوق.. كنت أحسّ بغصّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.