عبدالعاطي: تعاون ثنائي غير مسبوق مع ألمانيا في الأمن والطاقة والتدريب والفضاء تنطلق الْيَوْمَ في العاصمة الألمانية برلين اعمال القمة التي تنظمها الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين للشراكة مع أفريقيا تحت شعار »الاستثمار في مستقبل مشترك»، برئاسة المستشارة الألمانية انجيلا ميركل ومشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ورئيس الوزراء الايطالي باولو جينتلوني باعتبار بلاده رئيسة مجموعة الدول السبع الصناعية، إلي جانب مجموعة محدودة من رؤساء دول وحكومات القارة الأفريقية الرائدة تضم تونس والسنغال وغانا وغينيا وكوت ديفوار ومالي والنيجر ورواندا، بالاضافة إلي رؤساء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الأفريقي وعدد من مؤسسات وهيئات التمويل الدولي الفاعلة. ومن المقرر أن يلقي الرئيس السيسي كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للقمة حول الرؤية المصرية للتحديات التي تواجهها القارة الأفريقية وسبل تعزيز التعاون بين أوربا بصفة عامة وألمانيا بصفة خاصة والقارة الافريقية لتحقيق المصالح المشتركة للجانبين، مشددا علي ضرورة توحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة وعلي رأسها الارهاب والهجرة غير الشرعية. كما سيشارك السيسي في جلسة نقاشية تفاعلية مع الزعماء الافارقة بدار المستشارية الألمانية تستضيفها المستشارة ميركل حول الاستثمار الخاص في قطاع البنية التحتية في أفريقيا وعلاقات الشراكة بين القطاع الخاص والقطاع العام في تطوير مشروعات البنية التحتية في القارة، كما يشارك في مائدة مستديرة حول الاستثمار الخاص في البنية التحتية بالدول الافريقي، بحضور عدد من رؤساء الشركات الألمانية من بينهم رئيس شركة سيمنس جو كيزر الذي سيركز علي مشروعات الشركة في مجال الطاقة في مصر كنموذج يحتذي به للشراكة مع الحكومة والقطاع الخاص المصري. مبادرة للتعاون وصرح السفير علاء يوسف المتحدث الرسمي باِسم رئاسة الجمهورية بأن مشاركة الرئيس بالقمة التي دعت إليها المستشارة الألمانية »انجيلا ميركل» تأتي في إطار الأهمية التي توليها مصر لتفعيل التعاون ما بين الدول الافريقية ومجموعة العشرين في مختلف المجالات التنموية. ومن المنتظر أن تطلق الرئاسة الألمانية خلال القمة مبادرة للتعاون مع افريقيا تقوم علي إنشاء الشراكات مع مؤسسات التمويل الدولية بهدف توفير مناخ مواتٍ لجذب الاستثمارات لإفريقيا بشكل مستدام بما يساهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية بها، وتوفير فرص العمل، ويحد من تداعيات المشاكل التي تعاني منها القارة الافريقية. واكد السفير الدكتور بدر عبد العاطي سفير مصر لدي ألمانيا أن العلاقات المصرية الألمانية أخذت منحي متميزا جدا خلال الفترة الماضية مشددا علي ان زيارة الرئيس السيسي الحالية لبرلين ستعطيها دفعة جديدة، مشيراً إلي ان الرئيس وميركل التقيا ست مرات خلال العامين ونصف الماضيين بداية من اللقاء الذي جمعهما في المنتدي الاقتصادي العالمي الذي عقد في دافوس بسويسرا في مارس 2015 وحتي الآن، مشيرا إلي زيارة المستشارة الألمانية الهامة إلي القاهرة في شهر مارس الماضي، التي شهدت افتتاح ثلاث محطات عملاقة للطاقة الكهربائية تنفذها شركة سيمنز الألمانية في مصر، كما شهدت اجتماع ممثلي مجتمع الأعمال المصري الألماني، والذي شارك فيه رؤساء كبري الشركات الألمانية الذين رافقوا المستشارة خلال زيارتها لمصر، بالإضافة إلي عدد من رجال الأعمال المصريين، كما شهدت تقاربا في وجهات نظر البلدين فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. طفرة نوعية وأوضح السفير عبد العاطي إن هذه التطورات ساعدت علي تطور وتنامي أطر التعاون الثنائي في مختلف المجالات، فضلاً عن التنسيق والتعاون الوثيق بشأن التحديات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مما أحدث طفرة نوعية في العلاقات المصرية الألمانية لتستند لأول مرة علي أسس حقيقية وواقعية، بعد ان أدرك الجانبان ان هناك احتياجا ومصالح مشتركة لكلا الجانبين، حيث تحتاج مصر إلي الاستثمارات والسياحة الألمانية إلي جانب توطين التكنولوجيا والمساعدة في التعليم الفني وبرامج التدريب وتأهيل الأيدي العاملة، بينما تحتاج ألمانيا مصر إلي شريك رئيسي وداعم هام للاستقرار في المنطقة بصفة عامة وأوروبا بصفة خاصة باعتبارها خط دفاع أول للقارة الأوربية ضد الإرهاب الذي ادرك الجميع انه أصبح يهدد العالم بأسره كما كانت مصر تحذر منذ فترة ولم تعد هناك دولة بمعزل عن شروره. وقال السفير عبدالعاطي إن أوروبا بشكل عام وألمانيا بوجه خاص بدأت تشعر بقلق شديد من تدفق اللاجيئن والمهاجرين خاصة من القارة الأفريقية للذين يبحثون عن فرص لحياة أفضل، وتزايدت هذه المخاوف مؤخرا بعد أن أصبحت ليبيا نظرا لحالة عدم الاستقرار الضاربة فيها معبرا للاجئين الأفارقة القاصدين أوروبا، مما زاد من نشاط شبكات الاتجار بالبشر، ومن هنا تري ألمانيا أن مصر يمكن أن تشكل خط دفاع أيضا لحمايتها من الهجرة غير المشروعة سواء بمنع هذه الهجرات ومراقبة المنافذ البحرية، أو عن طريق مواصلة جهودها البناءة لإعادة الاستقرار إلي ليبيا لقطع الطريق أمام شبكات الاتجار بالبشر. تعزيز الاستقرار وأكد السفير عبد العاطي أنه أصبح هناك إدراك في ألمانيا بأن مصر أصبحت طرفا أساسيا للحفاظ علي الاستقرار في حوض البحر المتوسط ومنطقة شمال أفريقيا وهي المنطقة الجنوبية لأوروبا، والدليل علي هذا الإدراك تكثيف الاتصالات بين الزعامتين في البلدين، وهذا يحدث للمرة الأولي في تاريخ العلاقات بين البلدين. وأضاف أن هذه العلاقات اتسمت أيضا بالتنوع فلم تعد تقتصر فقط علي الجوانب السياسية والأمنية، وإنما امتدت إلي المجالات التجارية والاستثمارية والتقنية والتدريب، حيث تم الاتفاق لأول مرة علي تنفيذ برنامج متكامل للتعاون في مجال التعليم الفني والتدريب المهني، كما زار وزير الزراعة الألماني مصر لأول مرة حيث بحث نقل التقنيات الألمانية المتقدمة في مجال الزراعة والإنتاج الحيواني للمساعدة في سد الفجوة الغذائية في مصر، كما أقامت شركة سيمنز في مصر أكبر مركز تدريب في مجال الطاقة، وكذلك أكبر مركز لصيانة التوربينات وتلقي التدريب فيه حتي الآن 600 مهندس مصري. وأشار السفير عبد العاطي إلي مشروع مصر الطموح لإنشاء وكالة لعلوم الفضاء، وقال إن ألمانيا يمكن أن تقدم مساعدات وخبرات مهمة في هذا المجال، مما يعني أن التعاون لم يعد مقصورا علي القضايا السياسية والأمنية، رغم أهمية التعاون الأمني حيث تم لأول مرة توقيع اتفاقية أمنية بين البلدين لتدريب قوات الأمن المصرية علي مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، كما عقدت في مايو الماضي لأول مرة جلسة مشاورات رسمية لمكافحة الإرهاب. السياحة الألمانية وتوقع السفير زيادة حجم السياحة الألمانية لمصر خلال الفترة المقبلة، وقال إن ألمانيا هي الدولة الوحيدة في أوروبا التي لم تتخذ أي إجراء عقابي يتعلق بحظر السفر إلي مصر بعد حادث الطائرة الروسية، مشيرا إلي أن 400 ألف سائح ألماني زاروا مصر من يناير حتي مايو 2017، وزارها في أبريل الماضي وحده مائة ألف سائح، ومن المتوقع أن يبلغ إجمالي عدد السائحين الألمان في مصر مليون سائح بنهاية العام الحالي. وأكد عبد العاطي أن الجانب الألماني أصبح لأول مرة مقتنعا بالطرح المصري فيما يتعلق بأفكار الإرهابيين وسبل مواجهة الإرهاب ووقف تمويله، وأن ما تقوم به مصر من وقف أنشطة الارهابيين في ليبيا هو في مصلحة ألمانيا، وقال إن الكلمة التي ألقاها الرئيس السيسي في قمة الرياض حول الإرهاب حظيت باهتمام كبير في ألمانيا وكانت لها أصداء واسعة باعتبارها خطة عمل واضحة لمكافحة الارهاب. وشدد السفير علي ان المكافحة الفكرية للارهاب تحتل جزءا هاما ورئيسيا في اجندة الجانب الألماني للتعاون مع مصر لإدراكهم حجم وقوة الأزهر الشريف باعتباره الجهة الوحيدة في العالم القادرة علي مواجهة الأفكار الشاذة والمتطرفة ، لافتا إلي ان زيارة فضيلة الامام الاكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر لألمانيا مرتين خلال العام الحالي وجهود الأزهر لمكافحة الفكر المتطرف تلقي تقديرا في ألمانيا، كما لاقت مبادرة شيخ الأزهر بتقديم منح مجانية لتدريب أئمة المساجد في ألمانيا بالأزهر لتبني الإسلام الوسطي والابتعاد عن الأفكار المتطرفة تقديرا كبيرا. دعم التجارة والاستثمار وأوضح السفير أن مصر يمكن أن تلعب دورا كبيرا في دفع التجارة والاستثمارات الألمانية في القارة الافريقية، باعتبارها بوابة لأسواق أفريقيا، كما تربطها بالدول الأفريقية اتفاقيات في إطار التجمعات الاقتصادية الثلاث، إلي جانب كون مصر تمثل موقعا جاذبا للاستثمارات خاصة بعد صدور قانون الاستثمار الجديد، مشيرا إلي وجود فرص واعدة أمام الشركات الألمانية للاستثمار في مصر، مع تنفيذ العديد من المشروعات العملاقة خاصة في محور قناة السويس، ومؤكدا أن أعلي نسبة ربحية للشركات الألمانية في العالم تحققها في مصر بما يصل إلي 35 في المائة. وحول برنامج الزياره قال عبد العاطي إن الرئيس السيسي سيشارك قبل توجهه للقمة الألمانية الافريقية في الجلسة الافتتاحية للمنتدي الاقتصادي المصري الألماني الذي ينطلق صباح اليوم ببرلين بهدف تدشين مرحلة جديدة من المشاركة والتعاون الاقتصادي والفني والتقني مع ألمانيا، حيث يشهد الرئيس التوقيع علي محضر أعمال اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، ويستهدف المنتدي تعزيز التعاون الاستثماري المشترك وإقامة المزيد من المشروعات المصرية الالمانية التي تصب في مصلحة البلدين، اضافة إلي بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين بالإضافة إلي الفرص الاستثمارية المتاحة بالسوق المصري حاليا. كما تتضمن الزيارة جانبا ثنائياً مكثفاً في ضوء خصوصية العلاقات الثنائية المصرية الألمانية وتطوراتها الإيجابية الملحوظة خلال الفترة الأخيرة، حيث سيكون الرئيس السيسي أول رئيس تستقبله المستشارة الألمانية بدار المستشارية لعقد مباحثات ثنائية موسعة وهي المباحثات التي ستتطرق إلي مختلف مجالات العلاقات الثنائية في مختلف جوانبها السياسية والاقتصادية والتجارية والأمنية والأوضاع في منطقة الشرق الأوسط وغيرها من الموضوعات والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وعلي رايها مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. نشاط مكثف واضاف السفير ان الرئيس سيستقبل بمقر إقامته في برلين عدداً من وزراء الحكومة الألمانية من بينهم نائب المستشارة الألمانية ووزير الخارجية زيجمار جابرييل ووزيرة الاقتصاد والطاقة بريجيتا تسيبريس ووزير التعاون الاقتصادي والإنمائي جيرد مولر، فضلاً عن وزير الداخلية توماس دي ميزيير وزعيم الأغلبية البرلمانية في البوندستاج فولكر كاودر. وكان المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة قد صرح بأن زيارة الرئيس السيسي لألمانيا تمثل دفعة كبيرة لتعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين خلال المرحلة المقبلة، مشيرا إلي أنه من المقرر أن يشهد الرئيس فعاليات منتدي الأعمال المصري الألماني المشترك لإيجاد حوار بناء بين الشركات المصرية ونظيرتها الألمانية. وحول تطورات العلاقات الاقتصادية المصرية الألمانية إوضح المهندس طارق قابيل وزير التجارة والصناعة إن العلاقات التجارية بين البلدين تشهد حاليا زخما كبيرا، ونقلة نوعية في مختلف مجالات التعاون الاقتصادي، حيث بلغ حجم التبادل التجاري العام الماضي خمسة مليارات و567 مليون يورو بزيادة 10 في المائة عن العام السابق 2015، كما بلغت الاستثمارات الألمانية في مصر حتي يناير الماضي نحو 2ر619 مليون دولار في قطاعات المواد الكيماوية وصناعة السيارات والاتصالات والحديد والصلب والبترول والغاز والأدوات الصحية ومكونات السيارات حيث تحتل ألمانيا المركز العشرين في قائمة الدول المستثمرة في السوق المصرية.
