في جزيرة شندويل شمال سوهاج مئات من الفتيات والسيدات يعزفن أروع سيمفونية بأناملهن الرقيقة لإنتاج أرقي المنتجات اليدوية من النسيج المغزولة ب »التلي»، التي وصلت شهرتها إلي العالمية، ولكنها الآن مهددة بالاندثار والموت، بعد سنوات من الازدهار عاشتها المرأة الصعيدية منذ عرفت تلك المهنة في القرن الثامن عشر واتقنتها وخاصة فتيات جزيرة شندويل، حيث تغزل الأنامل الماهرة قطع المعدن الصغيرة »التلي»، بالخيوط الملونة الفضية والذهبية علي كل الأشكال من قطع النسيج، و يتهافت علي منتجاتهن السياح في كل بلدان العالم لروعة إنتاجهن اليدوي منه. وتمثل تلك الحرفة طاقة رزق للكثيرات من بنات وسيدات جزيرة شندويل، فالسيدة عزيزة عبد الحميد حاصلة علي دبلوم تجارة وعندما تزوج ابنها من فتاة تجيد فن التلي، طلبت منها تعليمها، وبالفعل اتقنتها في وقت قصير وافتتحت في بيتها ورشة صغيرة لإنتاج عبايات السيدات المطرزة بالتلي والشال الحريمي والإيشارب، كما ابتكرت أشكالا جديدة، مثل تطريز وتطعيم الحذاء الحريمي وكذلك فانوس رمضان، وتشكو عزيزة من المشاكل التي تواجه حرفتهن وتقول: هناك بعض التجار الذين يحتكرون منتجاتهن بأقل الأسعار ويعرضونها بأسعار فلكية علي السياح في القاهرة والأقصر وأسوان»، وتشير إلي أنها تشارك في عدة معارض، ولكنها قليلة جدا مطالبة بفتح معارض دائمة في القاهرة والجيزة علي مدار العام. وتصرخ عزيزة من ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، مشيرة إلي أن كيلو الفضة وصل إلي ألف جنيه، كما أن هناك مشاكل كبيرة في تسويق الإنتاج، تقول:»سعيت لافتتاح محل بمدينة سوهاج لكن الأسعار نار، ويصل إيجار أقل محل إلي ألفين وثلاثة آلاف جنيه شهريا»، وتقول: »علمت ابنتي الصغيرة خديجة حرفة التلي وأصبحت أصغر فتاة في القرية تجيد هذه الحرفة»، وتوضح لنا خديجة صاحبة ال 13 عاما والتلميذة بمعهد الإمام علي بن أبي طالب الأزهري أن محافظ سوهاج كرمها خلال معرض صنع في سوهاج العام الماضي والعام الحالي، وتتمني لو تغزو منتجاتها الأسواق العالمية وتسافر بها إلي كل بلدان العالم.وكانت محافظة سوهاج قد دشنت أول جمعية تعاونية للحفاظ علي التراث بجزيرة شندويل بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة منذ حوالي 10 سنوات، بهدف حماية أكثر من ألف فتاة وسيدة يعملن في حرفة التلي، الحماس تبدد مع مرور الوقت، وأهمل المسئولون دورهم في رعاية أعضاء الجمعية والعمل علي حل مشكلاتهن ومواجهة ارتفاع الأسعار وتسويق منتجاتهن.