كل فن يحمل نوراً إلي الآخر، هذه الكلمات قالها الفيلسوف الفرنسي فولتير منذ حوالي ثلاثة قرون وتطبقها حاليا الدكتورة رانيا عصمت، المدرس بقسم التصميمات المطبوعة بكلية الفنون الجميلة بجامعة الإسكندرية لعلاج أطفال ذوي الإعاقة من التوحد وضعف الإدراك والانتباه والمساعدة في تنمية قدراتهم، وذلك من خلال الرسم، والمعروف أن التوحد هو اضطراب دماغي يحد من قدرة المريض علي التواصل مع البيئة المحيطة، كما يعاني المريض من صعوبة في الكلام. وكما توضح لنا الدكتورة رانيا فعند تحضيرها للدكتوراه كانت تمر علي المدارس لقياس مدي استجابة الطلاب للرسومات البديلة، حيث لفت نظرها مدارس التأهيل الفكري الموجهة للطفل القابل للتعلم»، وكان ذلك نقطة تحول لها بتوجيه دراستها لتنمية إدراك أطفال ذوي الإعاقة والتوحد من خلال الأشكال التوضيحية البديلة لرسومات كتب المقررات الدراسية، وهكذا كانت بداية دخولها مجال العلاج بالفن. وتشير إلي أن التعاون مع أكاديمية الطفل الخاص في علاج الأطفال المصابين بالتوحد، كان أولي محطاتها الفعلية في العلاج بالرسم، موضحة الطفل ذو التوحد يشعر ولا يعبر، مشيرة إلي أن ذلك كان من أولي المشكلات التي عملت علي علاجها، فأطلقت مجموعة من الرسومات لوجوه أطفال تعبر عن الضحك والبكاء والغضب لتعليم المصابين كيفية التعبير. لم ينحصر اهتمامها بأطفال التوحد فقط، ولكنه شمل المصابين بمشاكل في الإدراك، من خلال إقامة معرض الإدراك البصري من المنظور العلوي، لتنمية قدرات الطفل في النظر العلوي، والمقصود بذلك الرؤيا من فوق المباني والنظر من الشباك، وتوضح أن النتائج الأولية تشير إلي أن 85% من الأطفال يستجيبون مع الرسومات أكثر بكثير من الصور الفوتوغرافية. ويشير د. يسري عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، إلي أنه بالرغم من كون العلاج بالرسم منهجًا معتمدًا ضمن مناهج العلاج النفسي، إلا أن الدكتورة رانيا من القلائل الذين يتبنون ذلك المنهج داخل مصر، ويؤكد أن العلاج بالفن يساهم بشدة في عملية العلاج النفسي ويطور قدرات الطفل في الإدراك والانتباه ويؤهل المصاب للطرق العلاج الأخري.