أخيرا وبعد طول انتظار.. خرجت قوانين كنا نتمني خروجها.. وبدأنا نسمع عن قوانين جديدة نتمني ألا تري النور. خرج قانون الرياضة.. الذي تأرجح في كل الأدراج.. ولكنه في النهاية أصبح واقعا.. واجه القانون ضغوطا شديدة من جهات عديدة أهمها اللجنة الأوليمبية التي فرضت كلامها في النهاية بإلغاء دور الدولة نهائيا في النشاط الرياضي.. وأعطت الجمعيات العمومية كل الحقوق في أن تقرر ما تشاء. وأصبحنا الآن في انتظار لوائح تنفيذية حسب هوي كل اتحاد أو ناد.. أو بالأصح حسب هوي كل رئيس اتحاد أو ناد.. وسنري اتحادات أو أندية تقرر عددا معينا لمجلس الإدارة تختلف عن الأخري.. وسيكون هناك نائب أو اثنان أو لا يكون.. وستكون هناك مقاعد للشباب أو المرأة أو لا يكون.. وسيستمر مجلس الإدارة ثماني سنوات أو يستمر للأبد.. باختصار ستكون هناك لوائح علي المزاج.. وستختلف من اتحاد أو ناد إلي آخر.. حسب الشلة التي تحكم هنا أو هناك. قانون الاستثمار خرج أيضا إلي النور بعد ولادة عسيرة.. خرج بعد أن حارب وزراء من أجل ألا يخرج إلا إذا كانت لهم السيطرة عليه.. بمنطق » فيها والا أخفيها ».. وهو منطق يسود كل شيء داخل حكومتنا.. لأن حكوماتنا المتتابعة حتي الحالية لا تعرف يعني ايه استثمار.. وتتصور أن مجرد قانون سوف يجذب الاستثمارات الخارجية ويشجع المصريين علي الاستثمار في بلادهم.. بينما هي تتجاهل أهم شيء في المسألة كلها وهو ما نسميه » مناخ الاستثمار ».. وهو يتمثل في أشياء عديدة منها القانون طبعا.. ثم البيروقراطية والفساد والشفافية والبنية التحتية وأسعار الأراضي وقوانين الضرائب والجمارك.. والشيء الأهم هو نظرتنا إلي المستثمر.. وهي بصراحة نظرة لا تشجع أي مستثمر علي أن يفعل شيئا. الخلافات التي شهدتها اللجنة الاقتصادية لمجلس النواب.. وكذلك الجلسة العامة لم تكن صحية بالمرة.. رغم تأكيد المجلس علي أنها صحية.. ومع اعترافي بأن الخلافات بين أعضاء الحكومة أنفسهم هي التي أوصلت إلي الخلاف بينهم وبين أعضاء البرلمان.. إلا أن كل هذا كان نتيجته خروج قانون به الكثير من التشوهات.. وهذا ظهر في الاجتماع المغلق الذي عقده رئيس البرلمان مع رئيس الحكومة.. لحسم عدد من المواد الخلافية في القانون.. ومنها الخلافات التي وقعت بين عدد من الوزراء، خلال اجتماع اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب.. كان الهدف من الاجتماع هو رأب الصدع بين الحكومة والمجلس، بعد الخلافات الشديدة التي وقعت في اجتماع اللجنة الاقتصادية، بين نواب اللجنة ووزير المالية الدكتور عمرو الجارحي، بسبب مواد في قانون الاستثمار، وبعدما اشتكي عمرو غلاب رئيس اللجنة، من طريقة تعامل وزير المالية مع أعضاء اللجنة. وتسببت المادة التاسعة من مشروع قانون الاستثمار، في جدل شديد بين حكومة المهندس شريف إسماعيل، وأعضاء لجنة الشئون الاقتصادية وعدد من النواب، وأدخلت اللجنة تعديلا علي نص المادة، لم يلق قبول رئيس الحكومة. وتنص المادة التاسعة علي أن »يُصدر رئيس مجلس الوزراء اللائحة التنفيذية للقانون المرافق، خلال تسعين يوما من تاريخ العمل بهذا القانون»، إلا أن لجنة الشئون الاقتصادية قررت منح تلك السلطة للوزير المختص بشئون الاستثمار، وهي الدكتورة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي.. رئيس الوزراء طلب من رئيس البرلمان منح سلطة إصدار اللائحة التنفيذية له، حتي لا يتم منح وزير سلطة التنسيق بين جميع الوزراء، لكن المجلس في جلسته العامة وافق علي اقتراح اللجنة الاقتصادية.. وبهذا انتصرت الوزيرة علي مجلس الوزراء. الذي يري في هذا الخلاف أمرا صحيا.. أقول له إنه غير صحي بالمرة.. ويكفي أنه انتهي بانتصار طرف علي آخر.. بدلا من أن يقتنع طرف برأي الآخر.. من المفترض أن أي قانون حينما يخرج من مجلس الوزراء يكون باتفاق كل الوزراء المعنيين بتنفيذ هذا القانون ولا تظهر الخلافات داخل البرلمان من الوزراء أنفسهم.. لأن الخلاف لا يكون بهذه الصورة ويفسر من البعض علي أنه ضعف من الحكومة كلها. عندما يريد كل وزير الانتصار لنفسه ووزارته علي حساب الدولة والشعب.. ويفرح أو تفرح بهذا سنجد حالة من الرغبة الهائلة لفرض السيطرة والنفوذ من الوزراء ضد بعضهم البعض سرا وعلانية كأن مصلحة الوطن وتشجيع وجذب الاستثمارات العربية والأجنبية إلي مصر لا تهمهم من قريب أو بعيد والمحسوب فقط من الذي سينتصر لوزارته. هل في هذا الكلام أي مساس برونق الحكومة ؟!