كتب محمد الهجرسي: كان المطر منهمرا كأنه سيل جرار في احد ايام الشتاء القارس في اول العام.. وكان للماء صوت هادر متصل لا يقطعه للحظات سوي الرعد والذي رج جدران المنزلين متهالكي الجدران والمبنيين من الطوب اللبن الذي لا يحمي من برد ولا يمنع من مطر.. وداخل المنزلين المتجاورين انكمش الجميع تحت البطاطين القديمة التي ذاب بعضها وتم ترقيعه ليكمل بصعوبة فصل الشتاء. لم يكن المنزلان متجاورين فقط بل ان عائلتي الاسرتين اشقاء في الاب وهما عاملا يومية يحصلان علي جنيهات قليلة بعد يوم شاق من العمل إلا ان القدر اختار احد المنزلين لهذا الحادث المروع.. فقد استيقظت اسرة مرعي عثمان علي صوت تهدم جزء من المنزل عليهم.. صرخ الاب بلوعة وهو لا يري شيئا من الغبار الكثيف هل الجميع بخير.. جاء الرد بجواره عندما سمع انين زوجته وهي تتوجع من اثار سقوط الجدار عليها. قفز بسرعة وهو يتفقد اطفاله فإثنان منهما صغار لا يستطيعان الكلام والتعبير عما بداخلهما وما يشعران به اما زوجته فرغم انينها إلا ان معناه انها علي قيد الحياة.. وبدأ الغبار في الانقشاع رويدا رويدا والاب لازال يصرخ مناديا علي ابنيه حتي امسك باحدهما وهو يرتجف باكيا في صمت فتركه بسرعة للبحث عن اخر العنقود زهرة حياته محمد والذي لم يكمل عامه الاول بعد . توجه اليه ليجد مكانه كومة من الحجارة وعروق السقف الخشبية.. وسارع بأقصي ما يمكنه بإلقاء الحجارة واحدة تلو الاخري حتي لاح له جسد الطفل تحت الانقاض ممددا بلا حراك.. وجاء مندوب وزارة الشئون الاجتماعية ومجلس مدينة المنشاة محافظة سوهاج وعاينوا المنزل علي الطبيعة وطلبت منهم الاسرتان توفير شقتين من شقق المحافظة لتؤيهما إلا ان مندوب الشئون جاء مجددا في وقت اخر وقدم مبلغ الف جنيه فقط تعويضا عن وفاة محمد.. اما المنزل فلازال من حينها إلي الان منهارا لا تملك الاسرة ثمن ترميمه وتسكن اسرة مرعي حاليا في منزل شقيقه المتهالك ايضا في شارع البحر القبلي مركز المنشاة محافظة سوهاج وهي تستغيث بكل مسئول لتوفير شقتين رحمة بظروفهما.